كتبت النهار
من حق الدول العربية التي اعادت ربط العلاقات مع النظام السوري، ان تمتنع عن التصويت على قرار اممي بانشاء لجنة تقصي دولية للبحث في مصير المفقودين والاسرى والمخفيين خلال الحرب السورية، لان لا اسرى ومفقودين من رعايا هذه الدول لدى النظام السوري، بعكس الحالة اللبنانية تماما.
لبنان الذي امتنع عن التصويت، لا يتعامل بديبلوماسية يتحدث عنها في تصريحاته، بل يتعامل بجبن وخوف من النظام الذي بطش به وبأهله، وبسياسييه طويلا، ودجّن اكثرهم، تارة تحت ضغط الابتزاز للمحافظة على المناصب والمكاسب والمنافع، وتارة اخرى تحت وجع الدواليب والجلد وصولا الى القتل، ومرورا دائما بتهمة العمالة لاسرائيل، تلك التهمة التي كانت جاهزة على الدوام. لم يخرج سياسيو لبنان من خوفهم، وبعضهم من عمالته لهذا النظام بعدما اعتاد هؤلاء على “مسايرة” النظام الاسخباراتي السوري.
مسألة المفقودين والمخفيين قسرا، قضية وطنية بامتياز، وقد تعاملت معها الحكومات المتتالية بكثير من الروتين الاداري، وفرض الواجب، لرفع العتب ليس اكثر. ولم يجرؤ احد من اركان نظام ما بعد الطائف على مطالبة دمشق بهؤلاء بطريقة رسمية وجدية. تألفت لجان عدة، اكثرها كان شكلياً، ولم تتمكن اي لجنة من التقدم في هذا الملف الحيوي. حتى ان اهالي المفقودين والمخفيين ارتضوا اقرارا رسميا بوفاة ذويهم بعد التأكد من الامر بواسطة لجنة تحقيق جدية. لكن السلطة لم تمض حتى بهذا الخيار.
لقد قضت امهات كثيرات وهن ينتظرن معرفة مصير ازواجهن وابنائهن، وتوفي غازي ابي عاد مثقلا بجراحه، ولا يمكن للجنة الاهالي نسيان جبران تويني الذي جعل قضيتهم قضيته، وتابعتها “النهار” وجعلتها في اولوية اهتماماتها، ويتذكر الاهالي نضالهم بمساندة غسان مخيبر الذي لازم الخيمة الشهيرة في حديقة جبران خليل جبران في وسط بيروت.
بالامس سأل المطران الياس عودة عن “رئيس لا يتخلى عن واجباته الوطنية ولا يستقيل من واجباته الإنسانية، ولا يهمل البحث عن مفقود أو مخطوف أو مخفي، ولا ينأى بنفسه عن قضية عادلة كإنهاء التحقيق في تفجير مرفأ بيروت والتوصل إلى الحقيقة من أجل إحقاق العدالة”.
امام هذا الواقع المأسوي والمزري، يتساءل اللبنانيون ولا يعجبون من تصرف دولتهم، لانها دولة لا تحترم مواطنيها في يومياتهم، وفي حقوقهم، وفي عيشهم، ولا تحقق في الجريمة الكبرى التي ادت الى قتل نحو 230 واصابة نحو 2000 في انفجار المرفأ، بل انها عطلت التحقيق بضغط سياسي، فاصابت القضاء في الصميم، وضربت صدقية مؤسسات الدولة، واكدت انها لا تملك مقومات الدولة.