كتبت النهار
تابع المتابع من قرب نفسه مسيرة “حزب الله” من زمان شرحه لبدء العلاقة التي قامت بين الأول و”الجنرال” ميشال عون عام 2006، والتي أوصلته الى رئاسة الدولة، قال: “توافقُ “الحزب” مع عون لم يكن لأنه “إنتهازي” كما يقول كثيرون، ولأنه كان يسعى جاهداً الى الوصول الى الموقع الأول في الدولة، ولأن “الحزب” كان يخطّط لاستخدامه من أجل تحقيق أهدافه في لبنان، علماً أن ذلك مقبول في العمل السياسي وخصوصاً في لبنان. لكن التركيز كان على أنه يمثّل الشريحة المسيحية الأكبر. ويبدو على ما ظهر أخيراً أنه لم يكن مقتنعاً ضمناً بأنه يمثّلها، ولذلك انضم أو دفع صهره رئيس “التيار” الذي أسّسه جبران الى الإنضمام “للإجماع المسيحي” الذي يمثّله حالياً في رأيه حزبا “القوات اللبنانية” و”الكتائب” والذي يقوّيه جداً هذا الإنضمام. في أي حال تعاطى عون وباسيل مع قضايا لا علاقة لها بالمسيحيين ومصالحهم بل بالطموحات والمراكز والمواقع والمصالح في الإدارات العامة وسائر المؤسسات في البلاد كما في الحكومة. في هذا المجال يتساءل “الحزب” إذا كان عون وباسيل صاحب التأثير الأكبر عليه، كانا يهتمان فعلاً لمصالح مسيحيي البلاد، أو حتى لمصلحة “الحزب” حليفهما. فهما أخذا وعلى مدى 17 سنة كل ما يريدان منه، ولمّا شعرا أن شعبيتهما المسيحية بدأت في الضمور ولم تعد بالإتساع الذي كانت عليه باشرا العمل لاستعادتها قبل انتهاء الولاية الرئاسية للأول غير عابئين إذا كان ذلك سيعرّض حليفهما لإحراجات كثيرة بل لأخطار متنوّعة ومعه البلاد”.
أما عن خطأ عدم انتهاج “حزب الله” سياسة المحاسبة مع حليفه عون بل مع صهره وصاحب التأثير الأقوى عليه في كل محيطه ولا سيما بعدما “تنمرد” عليه في انتخابات قضاء جبيل النيابية قبل الأخيرة وأسقط مرشّحه فيها، وخلال السنوات الأربع التي أعقبتها والتي حفلت بتصرفات مشابهة على أكثر من صعيد، وحتى بعد الإنتخابات النيابية الأخيرة التي لولا “الحزب” ما كان حصل على 17 نائباً، أما عن ذلك كله فإن المتابع نفسه قال: “لولا “الحزب” ما كان “التيار الوطني الحر” حصل على كتلة نيابية مهمة أو وازنة، وما كان انضم إليها من فاز في الإنتخابات من حزب الطاشناق الأرمني. فـ”الحزب” كسر من أجل باسيل حليفه الدائم والمُزمن الحزب السوري القومي الإجتماعي في الإنتخابات النيابية الأخيرة، وأبعد المرشح المحتمل علي حجازي لحليفه الإستراتيجي الدائم عن إعلان ترشيحه كُرمى لعيون باسيل وعمّه عون. لكن ذلك كله لم يُعطِ نتيجة. فما قرّره باسيل ووافقه عليه عون على ما يبدو والمستمر في معركة الإنتخابات الرئاسية تسبّب بالشغور الرئاسي الذي يعيشه لبنان منذ نحو نيّف وثمانية أشهر. لم يكتفِ باسيل بذلك بل صار رأس حربة الفريق المسيحي المعادي لـ”الحزب” أساساً أو الذي صنّفه “الحزب” معادياً له، وتفوّق عليه في التهجّم على قادته بحيث بات الأخير عاجزاً أمام جمهوره كما أمام اللبنانيين عن فتح أبواب عودته الى التحالف بل الى “تفاهم مار مخايل”. هذا إذا كان يريد العودة فعلاً أو إذا كان يرى فائدة منها”.
“الى ذلك كله” يضيف المتابع من قرب لـ”حزب الله” نفسه، “يشعر قادة الأخير بمرارة كبيرة جرّاء تصرّف عدد من كبار “التيار الوطني الحر” من السياسيين كما من الإعلاميين، وتحديداً الذين منهم أبعدهم ومن زمان رئيسه جبران باسيل عن مواقع التأثير ولاحقاً عن “التيار” نفسه. فعدد مهم من هؤلاء استمر على اتصال وعلاقة معقولة مع “حزب الله” باعتبارهم أيّدوا ومنذ البداية التحالف معه بعد توقيع “تفاهم مار مخايل”. كما أنهم لم يتناولوا “الحزب” على النحو الذي فعله باسيل. لكن بعضاً منهم ولا سيما بعد انتهاء الولاية الرئاسية لقائدهم ميشال عون وتعذّر انتخاب خلف له توزّع على طامحين للرئاسة وهذا حقهم، لكن ما ليس من حقهم كان مبادرتهم الى التهجم على “حزب الله” أو على انتقاده وإن بأقل حدّة من تهجّم باسيل عليه. لكن بدا واضحاً أن لكل منهم حسابات مختلفة قد يكون بعضها وطنياً ولكن بعضها الآخر مصلحي ومصلحي جداً. وليست هناك مصلحة في الغوص عميقاً في هذا الموضوع بكل أطرافه”.
ماذا يقول المتابع من قرب نفسه لـ”حزب الله” عن ترشيح زعيم “تيار المردة” سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية؟ يقول: “كان على فرنجية إعلان ترشيحه خلفاً للرئيس عون من زغرتا وهو إبنها أو من بكركي باعتباره أحد “الأبناء” الكبار للكنيسة المارونية المسيحية. كان ذلك أفضل له من إعلان رئيس “حركة أمل” ومجلس النواب وأيضاً “حزب الله” هذا الترشيح. ربما أعطى ذلك دفعاً لمعارضي ترشيحه من الزعامات والأحزاب المسيحية، علماً أن أوساطاً عدة تجزم بأن سلبية الأطراف المسيحيين الوازنين تجاه ترشيحه لم تكن لتتحول إيجابية حتى لو أعلن ترشيح نفسه من أي مكان وبلسان أي فريق، ولو أيّده بعد ذلك “الثنائي الشيعي”. في أي حال الهجمة على فرنجية هي عملياً هجمة على “حزب الله”، ولذلك فإنه سيتمسّك به الى أن تحصل أعجوبة ما، علماً أنه يفضّل حواراً داخلياً يوصل الى رئيس. إذاً سيبقى لبنان بلا رئيس الى أن يحصل تدخّل خارجي مهم. والخارج مهتم بهذا الأمر جدياً ولكن ليس بالقدر الكافي. ففرنسا اعتقدت أن رئاسة فرنجية مهمة لكنها صُدمت برفض المسيحيين لها وبتأثير ذلك على علاقتها بهم. وصار عليها البحث عن مرشّح آخر رغم استمرار عطفها عليه وتمسّكها بالعلاقة مع “حزب الله”، ولكن بالتعاون مع الأعضاء الأربعة الآخرين في “اللجنة الخماسية” المكلّفة التعاطي مع وضع لبنان ورئاسته الشاغرة”.