كتبت النهار
كتبنا سابقا عن الحوار المشروط الذي كان اعلن عنه “حزب الله” بدعوته الى التحاور حول مرشح “الثنائي الشيعي” الوزير السابق سليمان فرنجيه، ويرفض اللبنانيون الشركاء في الوطن هذا الفرض الذي يحاول الحزب ان يفرضه مرارا وتكرارا. وقد يكون الحزب يدفع الاخرين الى رفض الحوار عبر رفع السقف، واخافة الاخرين منه. وقد تكون التهم التي وزعها السيد حسن نصرالله في اطلالته الاخيرة، في اطار دفاعه عن نفسه وحزبه من التهم الموجهة ضده بمحاولة تغيير النظام، خير ديل على ذلك. فقد سأل الاخرين عن مطالباتهم بالفيديرالية وتعديل بعض بنود الدستور واعادة توزيع الصلاحيات وغيرها، واعتبر ان هذه المطالب والاقتراحات هي التي تهيء لتغيير النظام وضرب اتفاق الطائف. وبذلك يدفع كل الاخرين الى التراجع عن كل المطالب والرضوخ لما هو قائم، بل للخيارات المحدودة المتوافرة.
وبغض النظر عن توجه نصرالله الى الحوار من عدمه، فان الرفض الممنهج للاخرين لفكرة ومشروع الحوار غير مبرر وغير مفهوم. صحيح ان التجارب السابقة سجلت فشلا ذريعا، لكن من ناحية اخرى لا يمكن رفض الحوار كمبدأ في بلد “مكربج” على هذا النحو. وقد صرح اكثر من مسؤول ان الحوار من خارج المؤسسات انما يضعف الاخيرة، ويضرب اتفاق الطائف. لكن تجربة الحوار ليست جديدة. منذ العام 1996 تنطلق تجارب حوارية، ولم يقل احد في حينه ان طاولات الحوار المختلفة تضرب الطائف، وتنسف المؤسسات. وبهذا يقع هؤلاء في التناقض.
الموفد الفرنسي جان ايف لودريان لن يحمل في جعبته اكثر من الدعوة الى تقريب وجهات النظر والاعداد لطاولة حوار قد تكون مدخلا الى تسوية. وقد ادت المواقف التي تسبق عودته الاسبوع المقبل، الى تأكيد رفض الحوار، كأنما تريد ان تقفل الطريق على مهمته، ومبادرة رئيسه ايمانويل ماكرون.وبذلك فان هذا الرفض سيتحول الى تعطيل طويل الامد، وبذلك تدخل البلاد فعلا في المجهول في ظل التطورات والمتغيرات الحاصلة التي لا تصب جميعها في مصلحة لبنان.
واذا كان اللبنانيون لا يريدون التدخل الخارجي، ولا يريدون الحوار، ولا يتفقون على انتخاب رئيس. فماذا يريدون والى اين يذهبون؟