كتبت النهار
حرصت الدول الخمس التي التأمت في قطر من اجل البحث في ازمة الاستحقاقات اللبنانية ان تميز لقاءها عن لقاء باريس الخماسي في شباط الماضي بامور عدة . احدها اصدار بيان مشترك يظهر تلاقي المجتمعين على نظرة واحدة للازمة اللبنانية وذلك على عكس اجتماع باريس الذي عجز عن اصدار بيان بناء على رغبة فرنسا انذاك من اجل الابقاء على هامشها التي استفادت منه من اجل طرح مبادرتها او معادلتها الثنائية فيما انه لو صدر بيان مشترك لكان على المجتمعين التحدث عن المواصفات التي يراها هؤلاء للرئيس المقبل فحسب. وهي مواصفات لم تنطبق على رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه من حيث اصرار الدول الاخرى على شخصية قادرة على جمع اللبنانيين فيما الاعتراض المسيحي كان واضحا على فرنجيه . وعلى عكس الاعتقاد بتلويح المجتمعين بالعقوبات في هذا الاجتماع فحسب، فان هذا التلويح حصل في اجتماع باريس ولكن عدم صدور بيان مشترك منع تظهيره علنا فيما اتاح البيان الصادر عن اجتماع قطر ذلك . وكان سفراء المجموعة قد ابلغوا اهل السلطة في لبنان انذاك بنيتهم فرض عقوبات على معرقلي انتخاب رئيس الجمهورية وكانوا يراهنون على انتخاب يحصل قبل نهاية حزيران ولكن لم يحصل. في البيان الصادر من اجتماع قطر اشارة صريحة الى النية في اتخاذ اجراءات عقابية ولكن مع جزرة ايضا مررها المجتمعون عن نيتهم في التعاون مع السلطة المقبلة واعتمدها الاصلاح . وهي رسالة مررت ايضا الى اهل السلطة انذاك . ولذلك فان الجديد في اجتماع يتكرر، بعد ما يزيد على خمسة اشهر ، انه تم تظهير الموقف المبدئي للدول المجتمعة من حيث المواصفات الرئاسية والرهان على سلطة تتبنى الاصلاح مع التلويح بالعصا والجزرة في الوقت نفسه .
الية المقاربة التي اعتمدت في لقاء خماسي باريس في 6 شباط لا تزال هي نفسها لا بل تأكدت اكثر بعد جلسة 14 حزيران حيث وضع الثنائي الشيعي كل ثقله من اجل دعم رئيس تيار المردة وكانت الاصوات التي تم تأمينها هي النسبة القصوى ولا يمكن انتظار اشهر اضافية حتى يتم جمع صوت او صوتين اضافيين . وهو ما يعني بالنسبة الى مصادر ديبلوماسية شاركت في الاجتماع انها قالت سابقا وتقول اليوم ان هناك مرشحين معلنين او من يدعم مرشحين معينين لا يملكون في الواقع الاصوات الكافية للفوز . ولذلك على هؤلاء التنحي جانبا لان الوضع لم يعد يحتمل ترف حصول المزيد من المراوحة القاتلة الايلة او الدافعة الى مزيد من الانهيار في حين ان الامور غدت مقفلة . وتاليا يقع على من يدعم مرشحين لن يحصلوا على الاصوات اللازمة في اي من ضفتي الخلاف السياسي ان يجروا حساباتهم واستخلاص النتائج والانطلاق الى مرحلة اخرى .
ديبلوماسيا كذلك ، فان البيان عبر عن رؤية مشتركة للدول الخمس في محاولة الضغط جماعيا عبر هذه الدول الصديقة من اجل تجاوز الازمة عبر اقفال الباب امام اجتهاد عن وجود تباينات او خلافات داخلية في الرأي بينها ولو من دون الكشف عن الية مقاربة جديدة ستطرح او قد يكون اتفق عليها من دون ان يعلن ذلك .
وبحسب المعلومات فان لا اوهام لدى هذه الدول ان هذا الموقف سيجعل الزعماء اللبنانيين يصلحون الامور سريعا ولكن قوة اللهجة في الرسالة التي تضمنها البيان ينبغي اخذها في الاعتبار ، علما ان القوى السياسية اللبنانية لا تخشى تجاهل مضمون البيان الخماسي كما لا تخشى العقوبات المحتملة لانها تعتقد ان الدول المعنية لن تفعل ذلك تجنبا لاقفال الابواب وزيادة وطأة الازمة . فالبيان جديد كليا من حيث المبدأ لان الاجتماع الخماسي الاول السابق لم يصدر بيانا ولكن المضمون نفسه ومعروف من القوى السياسية التي تجاهلته في الرسالة التي ابلغها سفراء الدول المعنية منذ شباط الماضي بعد الاجتماع الخماسي الاول.
الجديد الاهم والذي يزعج بعض القوى هو تأكيد الخماسي على اهمية تنفيذ الحكومة اللبنانية للقرارات الدولية بما في ذلك تلك الصادرة عن الجامعة العربية . فهذا البند غير كل البنود الاخرى بما فيها المطالبة بالاصلاح القضائي والاصلاح ككل فضلا عن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت . وهو اكثر ما يزعج ” حزب الله” في شكل خاص ولا سيما ان البيان رفع السقف السياسي ربما في انتظار تفاوض ما ، ما يعني ان الخارج استل ورقة ضاغطة لغاية استعمالها للضغط من اجل حمل الثنائي الشيعي على وقف تعطيله انتخابات رئاسة الجمهورية او ربما المساومة على ذلك في وقت كان البيان واضحا بضرورة توجه النواب الى القيام بواجبهم الدستوري وانتخاب رئيس ولم يتبن وجهة النظر القائلة بالذهاب الى حوار يخشى ان يفتح الباب على صندوق باندورا ، ودفع في اتجاه مواصفات الرئيس العتيد وفق ما طالب به الاميركيون منذ اللحظة الاولى لانتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق. فيما ان المملكة السعودية التي يتم الاصرار عليها من اجل الانخراط سياسيا في لبنان تظهر انها لم تبدل موقفها منذ تفجر الخلاف السياسي مع لبنان قبل اعوام قليلة ووضعت شروطا لعودة العلاقات الى سابق عهدها.
اهمية البيان انه سحب البساط من تحت الالية التي يطالب بها الثنائي الشيعي للافراج عن انتخابات الرئاسة وقد كان واضحا ان جلسة 14 حزيران كان يمكن ان تؤدي الى انتخاب رئيس جديد لو لم يعطلها انسحاب نوابهما والا لكان هؤلاء استمروا في الجلسة لو ان فرص رئيس تيار المردة كانت متاحة . فالحوار مطلوب ولكن الثنائي يطلبه فيما ينكر وقائع الجلسة النيابية الاخيرة ويصر على عدم الانتقال الى مرشح جديد. ولذلك لم تسع هذه الدول او تزعم ان لديها صلاحية تسمية الرئيس العتيد فيما ركزت على انه ليس مسؤوليتها وهو عمل سيادي يقع على عاتق البرلمان اللبناني. ولكن يمكنهم المساعدة التي تنشدها هذه القوى السياسية . ما تنتظره هذه الاخيرة في المقابل يتصل بما اذا كانت هذه الدول اقتنعت بسلة تشمل الى رئيس الجمهورية رئيس الحكومة كذلك وبنود اخرى ام لا في المقابل. والبعض ينتظر ما اذا كانت ايران ستكون في المركب نفسه في شكل او في اخر من اجل الافراج عن التعطيل الراهن