كتبت النهار
ثمة تخويف يتم تسويقه في بعض الاوساط السياسية من تطورات امنية قد تكون بابا للدفع نحو حل قسري للاستحقاقات الدستورية . ومع ان اصحاب هذه المخاوف لا يحددون حيثياتها فان الامر يترك المخيلة امام استعادة تجربة 7 ايار باجتياح ” حزب الله” آنذاك الشق الغربي من العاصمة اللبنانية مما ادى الى فرض اتفاق الدوحة الذي اسفر عن سلة من الحلول بدءا من انتخاب رئيس الجمهورية . وحين بدأت المناوشات اخيرا في الجنوب، فان البعض تابعها ولا يزال عن كثب لتلمس ما اذا كانت بابا للدخول الى تطور امني ما تحت وطأة عوامل لا يمكن صدها او مقاومتها فيما ان الحوادث المتفرقة والتي يجري لملمتها بسرعة من قيادة الجيش اللبناني تترك مجالا للجزم بان عوامل التوتر موجودة وتتفاعل وقد تنتظر الحادث المناسب لتفجر الامور ، وذلك فيما الجيش اللبناني لا يعيش افضل ظروفه وحالاته اولا بسبب الازمة المالية وثانيا بسبب الضغوط السياسية من وزير الدفاع المحسوب على جهة سياسية لها اهدافها ومصالحها وحساباتها وتعيق تعيين رئيس للاركان فيما يفيد ذلك حركة قائد الجيش حتى عن القدرة على السفر او حتى على المرض.
المخاوف كبرت في الايام الاخيرة على خلفية استحقاق مغادرة حاكم المصرف المركزي منصبه والارتباك كما الشروط التي يعبر عنها نواب الحاكم في ظل خطة يشترطونها لذلك تحت طائل التهديد بالاستقالة فيما ان هذه الخطة لو اراد اهل السلطة تنفيذ واحد على عشرة منها خلال المرحلة الماضية لما وصل البلد الى ما وصل اليه . ولكن يصعب الا يضخ ذلك جوا متوترا ومشدودا في البلد ما دام من يتم السعي الى ان يتسلم المنصب بالوكالة او النيابة يظهر عميق المخاوف ما يعني ان من لا يخاف عليه ان يفعل من قادة السفينة المالية في المرحلة المقبلة . واحد ظواهره عودة اقتحام المصارف من المودعين من اجل تحصيل ودائع باتوا على ثقة بصعوبة ان لم يكن استحالة الحصول عليها . هناك من يعمل من اجل تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي في الاسبوع المقبل ويتقدمهم الحزب التقدمي الاشتراكي في ظل المخاوف التي يحملها من المرحلة المقبلة وعلى قاعدة ان التوافق بين كل القوى ولا سيما مع القوى المسيحية وفي مقدمهم البطريرك الماروني بشارة الراعي يمكن ان يدفع قدما بذلك . ولكن بعض المراقبين يخشون تعذر ذلك فيما ان اعادة ” حزب الله” الحوار مع رئيس التيار العوني جبران باسيل قد يساهم في نفخ اوداج التيار لجهة الاصرار على رفض ذلك تحت ذريعة وجوب ان يحلف الحكم العتيد للمصرف المركزي اليمين امام رئيس الجمهورية فيما ان لا تسهيل لانتخاب رئيس في المدى المنظور . ولكن المسألة حساسة ويعتقد هؤلاء ان بكركي التي اقتنعت بوجوب تعيين رئيس للاركان في الجيش اللبناني لان الجيش مسألة حيوية ولا يمكن التلاعب بمصيرها يجب ان تدفع في هذا الاتجاه لان التلاعب بالدولار في المرحلة المقبلة الذي قد يصل الى ارقام خيالية قد يقضي على امان الناس ومعيشتهم . وذلك علما ان موضوع التعيينات بات يظهر تمايزا في المواقف داخل الثنائي الشيعي نفسه والبعض يقول اكثر من التعيينات كذلك والرؤية المحتملة للرئاسة الاولى ، لا سيما ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يعبر بثقة تامة عن عدم رغبة في تسلم النائب الاول للحاكم وسيم منصوري مهام الحاكمية . واذا لم تقبل الحكومة الاستقالة المحتملة لنواب الحاكم سيضطر هؤلاء الى الاستمرار في الالية نفسها التي اعتمدها الحاكم رياض سلامه وان عبروا عن عدم اقتناعهم بها باعتبارها السبيل الوحيد المتاح في ظل غياب البدائل المتاحة التي طلبوها من النواب لغياب التشريع وحتى غياب النية في الاصلاح الذي يحاربه اهل السلطة منذ ثلاث سنوات على الاقل . ومع ان هناك من يعتقد ان هناك “فيلما” سياسيا ينفذه اهل السلطة على هذا الصعيد من اجل تبرئة ذممهم وايهام الناس في الداخل والخارج بمعالجتهم الامور ومحاولة تبرير قرارت او اجراءات معينة، فان الامر لا يعني خلوه من التعقيد ومخاطر انحدار الوضع الى أسوأ مما هو عليه راهنا لان ادارتهم خلال الاعوام القليلة الماضية لم تحمل سوى الكوارث للبنان واللبنانيين طمعا في انقاذ انفسهم ومصالحهم فحسب. ولكن الاضطراب الاجتماعي في المحصلة قد يؤدي الى اضطراب امني لعله ما يخشاه من يثير المخاوف منه .
اهتزاز الامن الاجتماعي يخشى ان يؤدي الى اهتزاز امني بدوره بحيث تبدو السيناريوات السابقة عن القدرة السياسية على المحافظة على الاستقرار ايا تكن المدة التي يستغرقها التعطيل مفتوحة على احتمالات مختلفة . ومن بين هذه الاحتمالات الاتهامات للخارج بالحصار وتدبير الضغوط على القوى اللبنانية لا سيما مع الكلام عن اجراءات اشار اليها بيان اللجنة الخماسية التي اجتمعت في الدوحة اخيرا . ومع ان هناك انتظارا سياسيا لعودة الموفد الفرنسي الوزير السابق جان ايف لودريان الى بيروت لاطلاع القوى السياسية على خلاصات الاجتماع، فان الامال ليست كبيرة بتحرك الامور في المدى المنظور . وذلك علما ان بعض القوى اعطت انطباعا بان اجتماع الخماسية لا اثر له ووضع على الرف سريعا، فان خلاصة اساسية لا يمكن دحضها تفيد بان حتى لو حصلت تحولات داخلية لبعض القوى السياسية بحيث تعيد تعويم خيار معين ، فان موقف الدول الخليجية بدا في مكان اخر من حيث البحث عن الشراكة معهم وضرورة اعادة انخراطهم في الوضع السياسي في لبنان وتاليا ليس متاحا اقلاع البلد باي شكل تبعا لذلك .