كتب نذير رضا في “الشرق الأوسط”:
اصطدمت المساعي لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان في جلسة حكومية مزمعة الخميس، برفض قوى سياسية ممثلة في الحكومة، وأعادت تفعيل الاتصالات لـ«تدبير إداري» يمنع الفراغ في حاكمية المصرف المركزي مع نهاية ولاية الحاكم رياض سلامة، يحظى بغطاء سياسي وطائفي، وذلك تحت ضغط «تحذيرات أمنية» من تفلت في الشارع.
ويسود الغموض المقترحات الحكومية للحيلولة دون الفراغ في الحاكمية، مع نهاية ولاية سلامة في 31 تموز الحالي، بالنظر إلى أن الحكومة في وضعية تصريف الأعمال؛ مما يمنع إجراء تعيينات، في وقت تعاني البلاد شغوراً رئاسياً يمنع تشكيل حكومة جديدة. وفي حين ينص القانون على أن يتولى النائب الأول للحاكم الموقع، يرفض الدكتور وسيم منصوري تسلم المهام من دون إصلاحات تشريعية وحكومية تحصن الوضع المالي في البلاد.
وغداة إعلان رئيس البرلمان نبيه بري أن الحكومة ستعين حاكماً جديداً لمصرف لبنان في جلستها الخميس، أعاد المقربون من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تصويب المعلومات، وذلك إثر استنفار سياسي رافض هذا التعيين، ومن ضمنه القوى الممثلة في الحكومة. وقال مستشار رئيس الحكومة فارس الجميل في تصريح تلفزيوني: إن موقف ميقاتي هو «دعوة الوزراء للتشاور واتخاذ القرارات اللازمة»، مؤكداً أنه «لا قرار أو موقف مسبق»، وأشار في حديث لقناة «الجديد» التلفزيونية إلى أنه «في حال عدم الوصول إلى حل الخميس، أو عدم تأمين النصاب، سيدعو ميقاتي إلى جلسة أخرى يوم الاثنين المقبل وليتحمّل كل طرف مسؤوليته».
ودفعت الحساسيات السياسية والطائفية، قوى سياسية ممثلة في الحكومة، للإحجام عن خطوة تعيين بديل لسلامة؛ إذ أبلغ «حزب الله» القوى السياسية، بأن الوزراء المحسوبين عليه لن يشاركوا في تعيين بديل للحاكم في الجلسة؛ وذلك التزاماً بموقف سابق أعلنوه ويتقاطعون فيه مع «التيار الوطني الحر»، في حين أعلن وزراء آخرون عن مقاطعتهم للجلسة، وهم وزير الاتصالات جوني القرم ووزير الإعلام زياد المكاري المقربان من «تيار المردة»، فضلاً عن مقاطعة وزير السياحة وليد نصار الذي نقلته عنه قناة «إل بي سي» أنه لن يشارك في أي جلسة حكومية تخصّص للتمديد لحاكم مصرف لبنان أو تعيين حاكم جديد، كما أفادت بأن وزير المهجرين عصام شرف الدين سيقاطع أي جلسة تمديد لحاكم مصرف لبنان أو تعيين حاكم جديد.
وتبحث القوى السياسية اللبنانية عن بديل لتجنب الشغور، ولتجنب أي توتر أمني. وقالت مصادر مواكبة لحركة الاتصالات لـ«الشرق الأوسط»: إن قيادات أمنية نقلت إلى مؤسسات دينية وفاعلة في البلاد، رسائل تقييم للوضع الأمني، وتضمنت تحذيراً من «تفلّت غير مسبوق يتخطى السيطرة» في حال لم تبادر السلطات إلى تهدئة في الملف النقدي وتأمين استقرار لرواتب الموظفين ولسعر الصرف، خصوصاً أنه في يومي الاثنين والثلاثاء من المفترض أن تُصرف رواتب الموظفين على أساس سعر منصة «صيرفة» العائدة لمصرف لبنان.
وقالت المصادر: إن التداعيات الأمنية المحتملة «تتخطى الاضطرابات التي تبدأ من الجانب النقدي ولا تُعرف مآلاتها في حال لم تتم معالجة الأمور»، وهو ما تبلغته مؤسسة دينية معنية من قيادات أمنية تشاورت وتقاطعت معلوماتها قبل نقل الرسالة، مشيرة إلى أن المقترحات تشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات وقائية للحيلولة دون توتر في الشارع، واصفة أي إجراء يمنع الفراغ في الحاكمية بأنه «لا بدّ منه»، مشددة على «أولوية بقاء منصة (صيرفة) فاعلة؛ كي يتمكن موظفو القطاع العام من تلقي رواتبهم دون خسائر، ولمنع تدهور سعر صرف الليرة».
وفي حين ينتظر موقف للبطريرك الماروني بشارة الراعي يوم الأحد المقبل، تجتمع الحكومة يوم الاثنين عشية انتهاء ولاية سلامة، للإعلان عن الإجراء الذي ستتخذه لمنع الشغور في الحاكمية. وبينما تحيط بكل المقترحات القائمة، موانع سياسية، قالت المصادر المواكبة للاتصالات: إن أحد المقترحات المرجحة، ينطلق من طلب الحكومة من أعضاء المجلس المركزي لمصرف لبنان بالكامل، دون تسميتهم، الاستمرار بمهامهم لتسيير المرفق العام، وضبط الأسواق. ويضم المجلس المركزي سلامة الذي تكون ولايته قد انتهت، إلى جانب نوابه الأربعة، ومدير عام وزارة المال، ومدير عام وزارة الاقتصاد.
وفي ظل التجاذب بين المكونات السياسية، يرى «التيار الوطني الحر» أن تعيين حارس قضائي سيكون ضمن المقترحات، وهو ما لا يؤيده معظم المعنيين في القوى السياسية أو الجهاز المصرفي. لكن رغم ذلك، بدا إعلان وزارة العدل لافتاً؛ إذ أعلن المكتب الإعلامي لوزارة العدل في بيان، أن الوزارة «تتحضر للتقدم بطلب تسمية مدير موقت لدى قضاء العجلة الإداري أمام مجلس شورى الدولة، وذلك في ضوء ما يمكن أن يستجد من تطورات خلال اليومين المقبلين، وتفادياً لأي فراغ يصيب مركز حاكمية مصرف لبنان، وتأميناً لسير المرفق المالي والنقدي».
ولم يحسم أي من المقترحات، في ظل الاتصالات القائمة، واجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبحضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ووزير المالية يوسف خليل، مع نواب حاكم مصرف لبنان السادة وسيم منصوري، بشير يقظان، سليم شاهين وألكسندر مراديان. وأعلن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل بعد الاجتماع: «الجو يميل حتى الآن إلى عدم استقالة النواب الأربعة».