كتبت النهار
ما يحصل في مخيم عين الحلوة منذ ثلاثة أيام مرفوض. إنه مرفوض لأن استخدام السلاح الفلسطيني غير الشرعي في لبنان يُستخدم حصراً في عملية تصفية حسابات بين الفصائل، أو بين محاور إقليمية اختارت لبنان صندوق بريد لإيصال رسائل أمنية – سياسية الى مؤتمر الفصائل الفلسطينية الذي عُقد في نهاية الأسبوع في مصر برئاسة الرئيس محمود عباس. من هنا اعتبارنا أن هذا السلاح غير اللبناني غير شرعي تماماً كما هو السلاح الذي يمسك به طرف لبناني بعينه.
فلطالما كان موقفنا صريحاً بالنسبة الى سلاح “حزب الله”. واعتبرناه غير شرعي لأنه أساس انقسام وطني كبير. فهو لا يحظى بإجماع اللبنانيين، كما أنه جزء من لعبة التزخيم السياسي للفريق الذي يمسك به، فيحتكم الى السلاح، ويستخدمه دائماً كرافعة، وأداة لبسط سيطرة كاملة على البلاد والعباد. هذا إضافة الى أنه استخدم غير مرة في الداخل ضد اللبنانيين، إما بالاغتيالات، أو بالغزوات، أو الترهيب. واستخدم أيضاً خارج الحدود في إطار الوظيفة الإقليمية المناطة بـ”حزب الله” بوصفه ذراعاً إيرانية تتخذ من لبنان قاعدة لعملياتها الأمنية-المخابراتية-العسكرية.
وإن كان نصف اللبنانيين إن لم يكن ثلثاهم يشتركون في موقف سلبي من سلاح “حزب الله”، فإن جميع اللبنانيين يعتبرون أن السلاح الفلسطيني غير شرعي، ويجب إنهاء هذه الظاهرة في لبنان لا في المخيمات فحسب، بل في كل بقعة من البلاد، بدءاً بمواقع عسكرية تديرها منظمات فلسطينية عاملة تحت وصاية النظام السوري، أو “فيلق القدس” بمشاركة من “حزب الله”.
نقول هذا ونحن نعرف كما يعرف الفلسطينيون المقيمون مؤقتاً على الأرض اللبنانية أن امتلاك سلاح في المخيّمات لم يعد حاجة لحماية المخيمات. فالغارات الإسرائيلية انتهت منذ زمن بعيد، ولم يعد هناك أي تهديد خارجي لأمن اللاجئين في أي مكان من لبنان، اللهم ما عدا التهديدات من جماعات محور “الممانعة” الإقليمي. فالتهديد الأكبر الذي يواجهه الفلسطينيون في لبنان يتمثل في محاولة توظيف الوجود الفلسطيني في لبنان أمنياً وعسكرياً لإيصال رسائل شبيهة برسالة “الصواريخ اللقيطة” التي أطلقت مطلع نيسان الفائت من لبنان في اتجاه إسرائيل، وذلك برعاية واضحة من حامل السلاح الوحيد في لبنان.
يجب فتح ملف السلاح الفلسطيني في لبنان فوراً. وعلى حكومة تصريف الأعمال ألّا يكتفي رئيسها بالإشارة الى توقيت مشبوه لانفجار الوضع في مخيم عين الحلوة، لأن بقاء السلاح والسكوت عنه منذ أعوام عدة هو الأمر المشبوه. فلماذا تحجم الأطراف السياسية اللبنانية عن طرح موضوع السلاح إما في مجلس النواب أو خارجه؟ من هي الجهة التي تغطي بقاء سلاح لا جدوى منه سوى لتقاتل الفصائل الفلسطينية وقتل الأبرياء داخل المخيم أو خارجه؟
لقد حان أوان فتح ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها. خارجها يحتاج إلى أن يُتخذ قرار وطني لتفكيك القواعد العسكرية الفلسطينية في كل لبنان، وداخلها البدء بتجميع السلاح وسحبه، والعمل على إبقاء شرطة فلسطينية محدودة العدد والعدة، يكون عتادها العسكري خفيفاً، وتعمل تحت رقابة الجيش اللبناني وتخضع للقوانين اللبنانية عبر القضاء اللبناني.
لم يعد مقبولاً بقاء سلاح فلسطيني لا وظيفة له سوى قتل مزيد من الفلسطينيين تنفيذاً لأجندات إقليمية معروفة.