اسـرائـيـل تلـهـث لاسـتـعـادة الـردع وواشـنـطـن تـبـحـث عـن الـهـيـبـة
*حـزب الله لـن يـفـرّط بـالإنـجـازات الـردعـيّـة “مـهـمـا كـان الـثـمـن”*
إبـراهـيـم نـاصـر الـديـن – الـديـار
الجميع يستعد للمواجهة كأنها غداً… ولن تقع الا نتيجة حسابات خاطئة!
اذا كانت كل الاطراف في المنطقة لا تريد الحرب فيبقى السؤال لماذا تصعد ميدانيا وفي المواقف السياسية؟
وزير الحرب الاسرائيلي يوآف غالانت هدد باعادة لبنان الى العصر الحجري، واكد ان بلاده مستعدة للحرب لكنها لا تريدها.
واشنطن تماهت مع شركائها في المنطقة، ورفعت منسوب التصعيد مع طهران واعلنت وصول أكثر من 3 آلاف بحار وعنصر من مشاة البحرية الأميركية مع اسراب من طائرات اف-18 واف-35…
وقامت باجراء مناورات جوية وبحرية متكررة، واهمها مشاركة 6400 جندي اميركي و100 طائرة مقاتلة في مناورة كبرى مع اسرائيل دامت لمدة ثلاثة ايام.
هذا بالاضافة الى مهمات طيران متكررة للقاذفات الاستراتيجية “بي وان2-وبي52” فوق الخليج وقرب الحدود الايرانية.
السعودية صعدت في اكثر من ساحة في اطار الضغط المتزامن مع البطء في تنفيذ اتفاق بكين، وتلوذ بالصمت ازاء المعلومات المتداولة عن صفقة “تطبيع” مع اسرائيل.
حزب الله من جهته يعمل بصمت وعلى نحو علني ايضا على الحدود لافهام الطرف الآخر انه جاهز لاي مفاجئة مهما كان حجمها ومداها.
كل هذا يحصل على بعد اسابيع قليلة من “الكباش” في مجلس الامن حول التمديد “لليونيفيل” في الجنوب. فهل تنزلق الامور نحو الاسوأ؟
مصادر دبلوماسية غربية، لا ترى حربا قريبة مخططة مسبقا، لكنها حذرت مسؤولين لبنانيين من ان كل ما يحصل على ارض الواقع، سياسيا وعسكريا، يجعل من امكانية الانزلاق الى حادث غير محسوب مرتفعة للغاية في ظل حالة التأزم غير المسبوقة في الداخل الاسرائيلي…
ما يرفع من احتمالات هروب القيادة الاسرائيلية الى الامام في ظل التحذيرات الامنية من تفكك مجتمعي جدي بدأ يمس الجيش الاسرائيلي وقدراته.
وقد عبر عن حجم المأزق الداخلي، رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد الأسبق تامير باردو، امس بالقول “إن سياسة حكومة نتانياهو قد تؤدي إلى نهاية الحلم الصهيوني بممارساتها وسياساتها المتطرفة.
وكل يوم يمر يقربنا من نهاية الحلم الصهيوني، ومن الواضح ان عملية تفكك إسرائيل باتت متسارعة”.
في هذا الوقت، تبدو السياسية الاميركية مازومة ايضا في ظل حاجة الرئيس الاميركي جو بايدن الى انجازات خارجية بعد اتهامات له بان ضعيف الشخصية، واضعف مكانة الولايات المتحدة حول العالم وخصوصا في الشرق الاوسط.
ولهذا فهو يعمل على خطين الاول محاولة حماية اسرائيل من ذاتها، ومنحها شرعية اكبر في المنطقة من خلال توسيع الاعتراف بها عبر اشراك السعودية باتفاقات “ابراهام”.
ومن جهة ثانية بدأ يستجيب الى الدعوات داخل ادارته “لتأديب” ايران وحلفائها لارضاء الجمهور الاميركي المتعاطف مع اسرائيل قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وهذا يتطلب تصعيدا وتشددا تجاه طهران، ومحاولة استعادة المبادرة مع الحلفاء العرب عبر “سحب البساط” من تحت النفوذ الصيني –الروسي.
وهو بدأ يترجم على الارض في سوريا وخصوصا على الحدود العراقية، وفي الخليج حيث اعاد تعزيز القدرات العسكرية الاميركية مناخ التوتر الى المنطقة واعطى مؤشرا الى ان الامور في الشرق الاوسط ذاهبة نحو تصعيد في المرحلة المقبلة.
في هذا الوقت، وصف المراسلون الذين غطّوا جولة وزير الدفاع الاسرائيلي على الحدود الجنوبية تهديدات غالانت بانها”غير عادية”، واشاروا انها أتت بناءً على معلومات استخبارية حول رصد تحركات لـ”قوات الرضوان الخاصة”.
واشاروا الى ان إسرائيل تقدّر أن خطر التصعيد يتزايد على الرغم من أن إسرائيل وحزب الله لا يريدان حربا…
لكن “القناة 14” الاسرائيلية اشارت الى ان إسرائيل تناقش هذه الأيام ما إذا كان من الصواب المبادرة بشيء ما على الجبهة الشمالية أو ترك الوضع على نار هادئة؟
من جهتها لفتت صحيفة “اسرائيل اليوم” الى ان ثمة إحساسا جماهيريا بأن إسرائيل تقف أمام حرب قريبة، محتمة، مع الحزب لانه بات لزاما على القيادة الاسرائيلية ان تبرهن بان اسرائيل اليوم ليست أضعف، ولا يجب ان يتجرأ حزب الله على تحديها أكثر.
ولهذا ويجدر الاستعداد لحرب تبدو قريبة اكثر مما كانت في الصيف الماضي.
تقول الصحيفة، التي تدعو الى عدم الانجرار اليها عبر تثبيت القواعد الحالية لان البديل أسوأ بكثير، وثمنه الباهظ هو ضمن ما يستحق عمل أي شيء لتوفيره؟!
واذا كانت اسرائيل تخشى الحرب الى انها تخوض “معركتين” حاليا مع لبنان الاولى ميدانية مع حزب الله وعنوانها تعديل قواعد الاشتباك، والثانية مع لبنان الرسمي في الامم المتحدة لتعديل مهمة قوات اليونيفيل.
في المعركة الاولى تقدم حزب الله بخطوات ثابتة نحو تعزيز قدراته الاستخباراتية والعملانية على مواقع “ملاصقة” للحدود، ويحرص يوميا على ارسال “رسائل” واضحة حول جهوزيته للرد على اي اعتداء مهما كان حجمه.
وابلغ من يعينهم الامر انه لن يسمح بتغيير “قواعد اللعبة” مهما كان الثمن، لان القواعد غير المنضبطة في سوريا، وكل دول محور المقاومة بما فيها ايران حيث تتجرأ اسرائيل على القيام بعمليات عسكرية وامنية، لن تنتقل الى لبنان الذي لا يزال بمنأى عنها…
ولن تسمح المقاومة بان تكسر هذه القواعد او تتغير “قيد انملة” بعدما تمكنت من حماية الداخل اللبناني منذ حرب تموز 2006 وشلت القدرات الاسرائيلية ومنعتها من التحرك على الاراضي اللبنانية.
ولهذا لا عودة الى الوراء، واي محاولة للقفز فوق هذه القواعد سيكون الرد متناسبا وحدوده مفتوحة حتى اعادة الامور الى نصابها من جديد ودون اي تعديل يذكر.
وفي هذ الوقت، يخوض لبنان الرسمي بشقيه السياسي والعسكري مواجهة نوعية في مجلس الامن لمنع التمديد لقوات “اليونيفيل” نهاية آب الجاري وفق قواعد معدلة.
وخلال أيام، تتوجّه بعثة رسمية إلى نيويورك، برئاسة وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب ومنسّق الحكومة لدى اليونيفيل العميد منير شحادة ممثلا وزارة الدفاع، لمواكبة الاجتماعات التحضيرية والتشاورية التي تسبق جلسة إقرار التمديد لإسقاط التعديلات التي أضافها العدو، مدعوماً من واشنطن، العام الماضي…
عبر تمرير بند حرية الحركة للدوريات الميدانية والقيام بعمليات تفتيش من دون إذن مسبق من الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني، وثمة رهانات كبيرة على موقفي روسيا والصين.
في الخلاصة، تقف المنطقة امام مخاطر الانزلاق الى تصعيد، الصراع القائم حالية يدور حول تعديل “قواعد الاشتباك”، اسرائيل تريد استعادة “الردع” المفقود وهي مأزومة داخليا، والادارة الاميركية تريد استعادة هيبتها المفقودة في المنطقة.
الرياض تسعى للاستفادة من اي ضغوط على طهران لتحسين موقفها التفاوضي.
في المقابل لن يتنازل محور المقاومة عن مكتسباته، وخصوصا حزب الله.
الجميع لا يريد الحرب لكنه يتحضر لها كانها ستقع غدا، انه “كباش” مفتوح على كافة الاحتمالات خصوصا اذا اخطأ اي طرف في حساباته، حسب تعبير المصادر الدبلوماسية.