ور يزبك – الأخبار
لم يعد بحر الناقورة في منأى عن التلوث. صفاؤه، بالمقارنة مع الشواطئ الأخرى، جذب الرواد والصيادين من مختلف المناطق. لكن، على ما يبدو، سيجعله الضغط الاستهلاكي يلتحق سريعًا بلائحة الشواطئ المنكوبة
في السنوات القليلة الماضية، حظي بحر الناقورة (قضاء صور) بشعبية لم يشهدها سابقاً. موقع البلدة الحدودي مع فلسطين المحتلة والإجراءات المشددة لقوات اليونيفيل، برًا وبحرًا، أبعدا عنه الزوار. غير أنّ نعمة الاستقرار جعلت الناقورة قبلة سياحية لرواد الشواطئ، بعدما ذاع صيت نظافة بحرها وتنوّع شواطئها الصخرية والرملية. الرقعة الجغرافية التي لم تمسّها يد العمران إلّا قليلًا، يقصدها الزائرون للاستمتاع بالمناظر الطبيعية والمساحات النظيفة. غير أنّ هذا الإقبال بات يحمل معه مخاوف من تلويث الساحل أسوةً بمناطق أخرى بسبب النفايات التي يخلّفها رواد الشاطئ شبه المجاني، عدا تربّص الديناميت بمياهه وأسماكه.
يأسف رئيس بلدية الناقورة عباس عواضة لـ«غياب الثقافة البيئية والوعي اللازم للحفاظ على نظافة المكان». ويقول لـ«الأخبار» إن البلدية تحاول، قدر المستطاع، تنظيف الشاطئ أسبوعيًا، بيد أنّ شحّ الموارد المالية يعرقل مساعيها، فيما «المساعدات المتواضعة من الجمعيات المحلية والأندية الكشفية تبقى غير كافية في ظلّ إقبال آلاف المواطنين يوميًا».
أمّا بحرًا، فيقصد الصيّادون من مختلف المناطق الجنوبية شاطئ البلدة. وبحجة الأزمة الاقتصادية، تغضّ القوى الأمنية النظر عن كثيرٍ من التجاوزات والمخالفات واستخدام الديناميت الذي أفرغ بحر الناقورة من مخزونه السمكي وألحق التلوث بمياهه. ويشكو صيادون محليون ممّن لا يستخدمون الـ«التروبين» من تداعيات ذلك على أرزاقهم البحرية، بعدما «أصبح بحر الناقورة للسباحة فقط، ولم يعد فيه سمك»، بحسب أحد الصيادين من أبناء المنطقة، إذ تقضي المتفجرات على الأسماك بمختلف أنواعها وأحجامها، وبعضها يكون في مرحلة الإباضة والتكاثر، ما يهدّد الثروة السمكية في هذه البقعة، فضلاً عن تغييرها معالم قاع البحر وتضاريسه و«تهجير» الكائنات البحرية من جحورها. ويشير الصيّاد حسن يزبك إلى أن هناك صيادين يستخدمون الديناميت قرب الشاطئ مباشرة، وبعضهم يستخدمه في عمق المياه حيث تتكاثر الكائنات البحرية، ما يلحق أضراراً أكبر بالحياة البحرية».
التنوّع البيولوجي والإيكولوجي يسمح بوجود كائنات بحرية نادرة مهدّدة بالانقراض
وتراجع عدد دوريات خفر الشواطئ في السنوات الأخيرة، ما زاد من استخدام الديناميت. وبحسب مصدر عسكري، فإن «الجيش اللبناني غير قادر على ضبط كل التجاوزات، كونه يجري يوميًا دورية واحدة نهارًا وأخرى ليلًا لأن النفقات المالية المترتّبة لا تسمح له بأكثر من ذلك».
مدير محمية شاطئ صور الطبيعية علي بدر الدين شدّد على الأهمية البيئية للشواطئ الممتدة جنوبيّ صور، ولا سيما الناقورة. إذ «تُبنى عليها دراسات وأبحاث علمية تبعًا لنظافة مياهها والتنوع البيولوجي والأنظمة البيئية المهمة فيها»، مشيراً الى أن «بحر الناقورة خصوصًا يضمّ تنوّعًا بيولوجيًا وإيكولوجيًا عاليًا ومهمًا جدًّا، يسمح بوجود كائنات بحرية نادرة مهددة بالانقراض، إضافة إلى وجود مغارات لحيوان الفقمة التي تهددها أصابع الدينامبت بالتهجير».
ويلفت رئيس صيادي الأسماك في ساحل لبنان الجنوبي رياض عطايا الى أنّ وزارة الزراعة «كانت ترسل سابقاً مندوبين بين حين وآخر ينظّمون ورشات تدريبية وندوات تثقيفية للصيادين. لكن، منذ ما قبل أزمة كورونا لم نر أي مندوب لوزارة الزراعة في المنطقة».
تدريبات اليونيفيل
يحتجّ الصيادون بالديناميت على التصويب عليهم «فيما لا يحتجّ أحد على تدريبات الرماية التي تجريها قوات اليونيفيل باتجاه عمق البحر وأضرارها الأخطر من أضرار الديناميت»، مشيرين الى أنّ هذه التدريبات تستمرّ أياماً عدة. في المقابل، يؤكد المصدر العسكري أنّ هذه التدريبات «تُجرى مرتين أو ثلاثًا سنوياً، على أبعد تقدير، بحضور الجيش اللبناني، ولا تجوز مقارنتها بأضرار صيد الديناميت يوميًا»