كتبت النهار
تنطوي المرحلة الراهنة على الكثير من المخاطر في السياسة والأمن والإقتصاد، فيما الإستحقاق الرئاسي يسلك طريق الشغور الطويل الأمد وما بينهما من أوضاع إقليمية ودولية مضطربة، بحيث يفشي مرجع سياسي أمام زواره، وهو العائد من الخارج، عن قلق ينتابه لما قد يحدث في البادية السورية وشمالها إلى جبل العرب، من تظاهرات وعصيان، وبالمحصلة لا يمكن فصل ما يحدث عن لبنان، نظراً للترابط الجيوسياسي، في حين يرى البعض أن هذه التطورات الدراماتيكية، قد تعيد خلط الأوراق الرئاسية رأساً على عقب . وبمعنى أوضح فان شخصية المرشح لرئاسة الجمهورية ستتبدل وفقا لما ستؤول إليه مجريات هذه الأحداث الآخذة بالتصعيد، فيما الخوف الأكبر يكمن في استعادة “داعش” غب الطلب، وما يمكن أن تشهده منطقة دير الزور من معارك متوقعة . وأيضاً هناك معلومات دقيقة عن فرار مئات من الأهالي، وربما مسلحين إلى بعض المخيمات الفلسطينية وفي مقدمهم مخيم عين الحلوة، أما الطامة الكبرى من أن يكون لبنان ساحة لتصفية هذه الحسابات ومنصة لإدارة الصراع الإقليمي، وحيث عاد الهاجس الأمني ليقلق كبار المسؤولين اللبنانيين . لا بل أن كبار السياسيين وعددا من النواب تبلغوا عبر تقاطع أجهزة محلية وعربية وغربية بضرورة أخذ الحيطة والحذر في تنقلاتهم لتمرير هذه المرحلة، على اعتبار أن البلد مقبل على متغيّرات ضمن المثلث اللبناني ـ السوري ـ العراقي، وقد بدأت الولايات المتحدة الأميركية تدخل بقوة على خط هذا المثلث ومن يتابع ويواكب هذه الأجواء يدرك بأن ثمة أحداثاً ستقع أمنياً، لتصل إلى مرحلة انتقالية سياسياً . ولذا، فإن انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية أضحى مرتبطاً بهذه المتغيرات، وسرعة التطورات من موسكو إلى سوريا ولبنان تعتبر قياسية خلال ما شهدته هذه الدول في الأسابيع الثلاثة المنصرمة، “والحبل على الجرار” وفقاً لمن لديه المعطيات والصداقات والعلاقات، وتحديداً مع واشنطن، التي بدأت تستعيد زمام الأمور من الفرنسيين لتعيد الإمساك بهذا المثلث، بعدما تُرك الملعب السوري لروسيا والساحة اللبنانية لفرنسا، فيما العراق واقع بين “شاقوفين” الأميركيين والإيرانيين، بمعنى لم تستطع الولايات المتحدة السيطرة على العراق على الرغم من كل تضحياتها وما زرعته وقامت به في هذا البلد.
في السياق، تشير مصادر سياسية عليمة ل”النهار”، إلى أن لبنان بات في عين العواصف الإقليمية والعربية، وقد تكون أرضه أكثر خصوبة لتلقّف تداعيات هذه التطورات، ولا سيما سورياً، في ظل فقدان السيطرة على موضوع النازحين من فرملة زيارة الوفد الوزاري إلى دمشق، وحسم الأوروبيين موقفهم من مسألة النازحين السوريين، أي أن يبقوا في لبنان، ويتكفّلون مستلزمات وجودهم، فيما وضع المخيمات لا زال قابلاً للتفجير . والسؤال هنا، لماذا إنحسار الديبلوماسية الغربية والعربية عن مواكبة ما يجري، وتسليط الأضواء على زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، في وقت أن الساحة اللبنانية تبقى عرضة للإهتزاز في أي توقيت داخلي وخارجي، وبالتالي، وخلافاً لما يقال، الوضع ليس ممسوكاً على الرغم من تضحيات الجيش اللبناني والقوى الأمنية، لا بل ينقل أن من يلتقي ببعض قادة الأجهزة “يخرج ويده على قلبه” نظراً للمأساة الحقيقية التي تشهدها القوى الأمنية، فيما الأزمات تتراكم والمخاطر من أي تفجيرات وإشكالات تتعاظم.
أما عن الحراك الديبلوماسي لتحصين الساحة المحلية أو انتخاب الرئيس، فالمسألة، وكما هو متعارف عليه في متناول اللقاء الخماسي، وإنما هناك معلومات عن أداء في كيفية التعاطي مغاير عن المرحلة السابقة ربطاً بالتطورات في المنطقة، وعلى مستوى الحرب الروسية ـ الأوكرانية التي تشهد نمطاً عسكرياً بدأ يُصنّف في إطار حرب العواصم، وتخطي كل الخطوط الحمر، هذا ما يعطي واشنطن وباريس الأولوية في هذه المرحلة، فيما مصر تراقب وتواكب الحرب السودانية، حيث لها حدود جغرافية هي الأكبر معها، وصولاً إلى القرن الإفريقي وأعداد النازحين السودانيين الهائلة . ولكن ثمة يشير إلى أن القاهرة تواكب الملف اللبناني والأيام القادمة ستشهد تفعيلاً بعد وصول القائم بالأعمال المصري الجديد، والذي له باع طويل في العمل الديبلوماسي، ومطّلع على الملف اللبناني بشكل دقيق، فيما تبقى الأنظار مشدودة ومسلّطة على الدور السعودي الذي يُصنّف تاريخياً بخشبة الخلاف من مؤتمر الرياض في العام 1976، إلى الطائف والمرحلة الراهنة، بحيث تعتبر الرياض اللاعب الأساسي على الرقعة اللبنانية، ما يطرح التساؤلات، هل لبنان لم يعد أولوية لدى المجتمع الدولي ومتروك لقدره؟ هنا تجيب المصادر، ومن خلال أجواء موثوقة بأن بيروت ستشهد في الأسابيع القادمة حراكاً لافتاً لا يقتصر على عودة لودريان، بل من خلال حراك السفير السعودي وليد بخاري الذي سيكون الأبرز ضمن اللقاء الخماسي، والعائد من المملكة عبر توجهات من قيادته، وخصوصاً بعد عودة تفعيل خط الرياض ـ طهران بشكل لافت، ومرشح للتفاعل في الأيام القادمة، فهل أيضاً يكون مدخلاً إيجابيا، لانتخاب الرئيس؟ هذا ما ستوضحه الأيام القادمة.