ميسم رزق – الأخبار
جاء الفيديو الذي وُزّع أمس لملثّمين يطلقون الرصاص على صورتَيْ رئيسَيْ حزبَي القوات اللبنانية سمير جعجع والكتائب النائب سامي الجميل في توقيت «مناسب تماماً»، عشية احتفال حزب القوات اللبنانية الأحد المقبل بـ«ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية»، والذي يرجّح أن يشهد كلمة عالية النبرة لسمير جعجع على ما يروّج له القواتيون.
ففي سياق التعبئة التي يخوضها الحزبان ضد المقاومة، سارع مسؤولوهما إلى نشر الفيديو ونسبوه إلى حزب الله، متهمين إياه بتوجيه رسالة تهديد إليهما. علماً أن الفيديوات التي يعدّها الحزب تحمل بصماته بوضوح، ولا تشبه بشيء الفيديو الذي اتّخذه الكتائبيون والقواتيون أمس ذريعة للهجوم على حزب الله، إلى حدّ إثارة الشكوك بأنه قد يكون من إنتاجهما في سياق عملية التحريض على المقاومة.
ومنذ دوره في جريمة الطيونة في تشرين الثاني 2021، ورفضه منذ انفجار الأزمة الرئاسية الدخول في أي حوار، يواصل جعجع تقديم «العروض الانتحارية» للراعييْن السعودي والأميركي، وكل من له مصلحة في إزعاج حزب الله. وجاءت حادثتا الكحالة وعين إبل لتؤكّدا إمعانَه في مشروع الفتنة.
والجديد هو ما يُنقل عن جعجع في جلساته الداخلية أو مع زوار يستفسرون منه عن تصوّره للمرحلة المقبلة، والحديث الذي باتَ يستخدمه كثيراً في اجتماعاته الخاصة عن «القدرة على تنفيذ المشروع»، مع التأكيد على أن انتخاب رئيس للجمهورية ليسَ باباً لحلّ الأزمة، بل لتغيير الصيغة الحالية في البلد بـ«أي ثمن»، ما يؤكد مرة جديدة، أن ترشيح جهاد أزعور وجلسات الانتخاب وتجميع المعارضة حول خيار رئاسي، كلّ ذلك لم يكن سوى مسرحيات لتقطيع الوقت. ويبدو قائد القوات في جلساته «أكثر اندفاعاً والتزاماً بما يسمّيه الثوابت»، مؤكداً أن «القوات تملك كل عناصر القوة والإمكانات المطلوبة لخوض المعركة، ولن نتراجع عنها في وجه حزب الله الذي سنلاحقه في كل مكان ولن ندعه يرتاح. وفي كل قضية في البلد سنتعامل كما تعاملنا في ملفَّي الكحالة وعين إبل».
يعتبر جعجع نفسه «أبا المشروع»، وهو يستهدف خلق مناخات احتقان ضد حزب الله، لكن لجعجع رأيه في دور الآخرين. فهو ينتقِد أداء الجميل. ويبدي ارتياحاً لحالة التشتّت السنّي، ما يتيح له الظفر بحصة من السُّنَّة بدلاً من أن يكونوا موحّدين خلف تيار واحد. ولدى سؤاله عن مواقف وليد جنبلاط، خصوصاً ما قاله أخيراً لـ«الأخبار» عن ضرورة الحوار مع حزب الله. يردّ جعجع بأن «هذا هو وليد الذي تعرفونه»، مدّعياً أن «القاعدة الدرزية الشعبية معنا وحين تأتي الساعة ستلعب السعودية دوراً في هذا المجال». كما أنه يتكلم بأريحية مطلقة باسم المملكة العربية السعودية، مؤكّداً أنه «حين تصبِح اللحظة مؤاتية ستجدون المملكة أكثر حضوراً بكل إمكاناتها وسترون عدداً أكبر من النواب معنا».
ولعل ذلك ليس أخطر ما في جعبة جعجع الذي يتّكل في مشروعه على ظروف خارجية متصلة بالشأن اللبناني، ومنها مواصلة الولايات المتحدة خطواتها التصعيدية في المنطقة، والبطء في مسار تنفيذ الاتفاق الإيراني – السعودي وعدم انعكاسه في اليمن، والتطورات الأخيرة في سوريا، وأخيراً ملف التجديد لقوات «اليونيفل» في جنوب لبنان والرهان على أن مجلس الأمن «في حال لم يفرض التجديد لمهامها تحت الفصل السابع، إلا أنه من المؤكّد سيبقي على الصيغة الحالية كما هي لحفظ دورها المستقلّ في القيام بمهمات من دون التنسيق مع الجيش»، في ظل معلومات عن «توجّه فعلي للإقلاع عن سياسة الحكمة التي اعتمدتها قيادة اليونيفل العام الماضي تفادياً لإحداث توتر في قرى الجنوب».
يبدو أن جعجع يجد منافسين له، أبرزهم الكتائب والنائب الجميل، في سياق حملة يُتوقع لها أن تشتدّ بدعم إعلامي وسياسي داخلي وخارجي، الأمر الذي ينذر بمخاطر كبيرة.