كتبت النهار
يحتار اللبناني في كيفية التعامل مع الملفات والقضايا الوطنية الشائكة. بالامس اكد الرئيس نبيه بري اتعداد لبنان اتثبيت حدوده ولكن ليس انطلاقا من الخط الازرق الذي تحوطه بعض الاشكالات باعتباره اتفاق الضرورة وربما اتفاق امر واقع. ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب اكد ضرورة المضي بعملية التثبيت تلك. فيما خرج رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل داعيا الى عدم الامتثال الى ما تريده اسرائيل، متحدثا بالاصالة عن نفه وبالنيابة عن “حزب الله” الذي يلتزم الصمت، وهو الذي طالما دعا الى تحرير كل شبر من الارض المحتلة. واذا كان ممكنا التفاوض لانهاء ملف الحدود البرية، كما فعلت الدولة اللبنانية مع “دولة اسرائيل” بحرا باتفاق اطار رعاه الرئيس بري، وبغطاء من “حزب الله”، وفي عهد الرئيس ميشال عون، فان ذلك يجب ان ينطبق ايضا على البر، فالحدود لا تنفصل برا وبحرا، والسيادة لا تتجزأ. وما يقبل به هناك مع “دولة اسرائيل” هل يصير غير ممكن هنا؟
ستستفيد اسرائيل، (وليس فلسطين المحتلة اذ لا يمكن للدولة المحتلة ان تحتل ارضنا) من عملية تثبيت الحدود، اذ ستنزع كل فتيل لانفجار حدودي، او لحركات مقاومة عبر الحدود المشتركة، وستنتفي ذريعة ضرورة السلاح “المقاوم”، ولن يجد الحزب مبررا للابقاء على سلاحه طالما ان الارض تحررت والحدود ثبتت.
كل هذا صحيح، لكن لبنان ايضا سيستفيد من تثبيت حدوده، وحفظ حقوقه، وصون امنه، وضمان استقراره، وكلها اسباب ضرورية لعودته الى الحياة الطبيعية والخروج من منطق الحروب المتكررة كل حين.
اما رفض ذلك فلا يمكن فهمه الا من ضمن مشروعين:
الاول ان ندمر بلدنا نكاية باسرائيل ونبقيه في حالة الحرب لابقاء اسرائيل “قلقة ومتوجسة”.
الثاني ان يكون “حزب الله” يرفض التثبيت، لانه يفقد مبرر سلاحه، وبالتالي سيزداد حرجه امام اللبنانيين والمجتمع الدولي. وايضا امام جمهوره.
والثالث ان ايران لا تسمح لابقاء لبنان احدى ساحات النفوذ والمواجهة ريثما ترسم اتفاقات كبيرة تأتي على حساب الوطن الصغير.