كتبت النهار
لو أردنا ان نسأل عن جدوى السلاح الفلسطيني الذي هو بلا مبرر منذ ما قبل الحرب اللبنانية، وتأكدت عدم شرعيته لاحقا، بعدما كان يسمى “سلاحا مقاوما”، لاتُّهمنا بالعمالة مباشرة وبالعداء للقضية الفلسطينية خدمة لاسرائيل واميركا وغيرهما. لكن الوقائع المتتالية أثبتت هذا الافتراض، اذ ان السلاح لم يُستعمل منذ سبعينات القرن الماضي إلا لإثارة الفوضى في لبنان، والتأثير على القرار السياسي، ودخول الحرب لتقوية فريق على آخر، والقيام بتصرفات ميليشيوية. ولم يعمل هذا السلاح يوما على تحرير فلسطين، والتصدي لاجتياحات اسرائيل وحروبها على لبنان، وفق أهدافه المرسومة في الخطابات وعلى المنابر. لم نعرف من السلاح الفلسطيني سوى الحواجز والمتاريس والاعتداء على الارزاق والناس. اما المخيمات فتحولت بؤرا لإيواء الخارجين على العدالة والمطلوبين والمهرّبين والهاربين من القضاء والسجون. وتحولت ايضا ساحة لتصفية حسابات الداخل والخارج، ومكانا للتنافس بين الفصائل الفلسطينية في ما بينها. وكم كان هزليا امس مشهد ممثلي الفصائل في الامن العام اللبناني، اذ ان عديد المسؤولين يجاور أو ربما يتجاوز عدد اللاجئين الكلّي. فكيف للانقسام والتباعد والاحقاد واعمال الانتقام والقتل والتفجير ان تحفظ كرامة وتعيد ارضا؟
وهذا الواقع الاليم لا يلغي احقية القضية الفلسطينية ككل، وحقوق فلسطينيي الشتات باستعادة ارض آبائهم وبيوت اجدادهم، إنْ وُجدت، لكنه يؤكد ان السلاح تحوّل منذ زمن بعيد للتقاتل الاخوي والتلاعب بالأمن اللبناني.
بمتابعة عدد من المواقف السياسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصا عبر منصة “اكس” (“تويتر” سابقا)، قبل ايام، ومع نشوب صراعات وحروب مخيم عين الحلوة، وقعتُ على مواقف متعددة تتهم السلاح الفلسطيني بخدمة اسرائيل بشكل او بآخر. وأود ان استعرض مع القراء سريعا هذه المواقف:
– الرئيس نجيب ميقاتي شدد على أولوية وقف الاعمال العسكرية والتعاون مع الاجهزة الامنية اللبنانية لمعالجة التوترات القائمة. واعتبر ان “ما يحصل لا يخدم على الاطلاق القضية الفلسطينية ويشكل اساءة بالغة الى الدولة اللبنانية بشكل عام وخاصة الى مدينة صيدا التي تحتضن الاخوة الفلسطينيين، والمطلوب في المقابل أن يتعاطوا مع الدولة اللبنانية وفق قوانينها وانظمتها والحفاظ على سلامة مواطنيها”.
– اللواء عباس إبراهيم: “المشهد ذاته. أما الفارق فـ 75 عاما. الفارق الآخر تبدل الأدوات: الأولى إسرائيلية، الثانية أياد فلسطينية. هذه المرة الضحية هي الجلاد والجلاد هو الضحية. خيم الإيواء للنازحين من عين الحلوة خطوة أولى على طريق شطب حق العودة”…
– النائب جميل السيّد: “في الماضي، كان المبرر لوجود السلاح في المخيم هو الدفاع في وجه اي تسلل او عدوان اسرائيلي، وبقدر ما يتحول هذا السلاح الى اداة للسيطرة وللنزاع الدموي داخل المخيّم بقدر ما يصبح هذا السلاح في خدمة إسرائيل، والسلاح الخادم للعدو ممنوع ولا مكان له بوجود جيش لبناني يشكّل مع المقاومة قوة رادعة لإسرائيل في كل لبنان… وقد يقول البعض إنّ هناك مؤامرة اسرائيلية تهدف الى تجريد المخيّم من السلاح! والجواب، ومن يسهِّل تلك المؤامرة إلا الذين يطلقون النار على انفسهم عن قصد أو عن غير قصد؟!”
هذه التساؤلات والانطباعات وغيرها، ولا تركيز على خدمتها لاسرائيل، وضررها بالقضية الفلسطينية، تطرح الاسئلة مجددا حول وجود السلاح غير الشرعي، وخارج مؤسسات الدولة المعروف حقّها في امتلاك السلاح لحفظ الأمن الداخلي والدفاع عن الحدود. هذا السلاح غير الشرعي يؤكد ان لبنان دولة فاشلة