كتبت النهار
مع وصول موفد الرئيس الفرنسي الى لبنان الوزير جان ايڤ لودريان، تلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري جرعة دعم قوية صبت في “طاحونة” الدعوة الى حوار وطني حول الاستحقاق الرئاسي. حتى الان لم يُعرف كيف سيتم التوفيق بين نية لودريان بإجراء حوارات ثنائية، ثلاثية و ربما رباعية في قصر الصنوبر، وبين دعوة بري لاجراء حوار لا تزال تفاصيله مبهمة. لكن المؤكد هو ان الفريق الممانع يماطل من اجل تمييع موقف المعارضة الرافض لتنصيب مرشح ولاؤه الأول لـ”حزب الله”، طهران وبشار الأسد. وقد تمكن الفريق إياه ان يستميل الفرنسيين. وهؤلاء يصمون آذانهم رافضين سماع الأصوات السيادية، وكأنهم لم يعدلوا عن خيارهم الأول، أي دعم ترشيح سليمان فرنجية على حساب الأغلبية اللبنانية السيادية. هنا نود ان نلفت عناية الموفد الفرنسي الى ان بعض الأطراف مثل اللقاء الديموقراطي الذي قبل دعوتي لودريان وبري للحوار لن يصوت لفرنجية مهما حصل. اذا لمن يعقد الحوار؟ هل هو من اجل اصطياد بعض الاصوات السنية التائهة في هذه المرحلة ؟ يقيننا ان الموقف السعودي لم يتغير. ولن يتغير إزاء فرنجية. فهم يعرفون ان انتخابه سيجعل “حزب الله” نفسه مقيما في قصر الرئاسة في بعبدا. ومن هنا لا نزال نجهل سبب تشبث الفرنسيين بالحوار الذي يدعو اليه الطرف الذي ينتهك الدستور والقوانين، ويتعنت رافضا حتى القول انه مستعد للتنازل عن مرشحه لصالح مرشح تسوية.
نعود ونقول لن يصل مرشح “حزب الله”الى قصر بعبدا .فلو كانت المملكة العربية السعودية مع وصول مرشح “حزب الله” الى سدة الرئاسة اللبنانية لكان فرنجية رئيسا منذ احد عشر شهرا. و لكانت الأصوات السنية التائهة وجدت طريقها الى صناديق الاقتراع بشكل مختلف. و هنا نسأل لماذا تصر باريس على ملاقاة دعوات الرئيس بري للحوار مع علمها ان بري يمثل “الثنائي الشيعي”، ويلعب دور كاسحة الألغام التي تمهد الطريق امام مشروع “حزب الله” في المعادلة السياسية ؟ وما التعنت بشأن ترشيح شخصية موالية لمحور الممانعة سوى دليل آخر على ان الحوار هو لزوم ما لا يلزم.
بناء على ما تقدم، نقول ان الحوار في حال انعقد، لن يغير شيئا في المعادلة، اللهم إلا اذا اقتنع “حزب الله” بأن التسويات تقوم على تنازلات متبادلة. بمعنى آخر ان التسوية تمر حكما بسحب سليمان فرنجية من السباق، والانتقال الى الحديث عن اسم يمثل تسوية جدية تستند الى معايير ومواصفات على صلة بأزمة لبنان، وبالتطورات في المنطقة. والأهم ان تكون على صلة بالعصر الذي نعيش فيه .
ما نخشاه اليوم ان تنقلب الحماسة الفرنسية لاسترضاء “حزب الله” و استطرادا الإيرانيين في لبنان على موقع باريس في المعادلة اللبنانية. فالرأي العام السيادي لا يزال عاجزا عن فهم طريقة تفكير الفرنسيين بالنسبة الى الاستحقاق. ولا سيما ان باريس ترفض ان تدرك حقيقة مفادها ان “حزب الله” ليس حليفها، ولن يكون، و ان أي رئيس للحزب في بعبدا سيكون نسخة طبق الأصل عن الرئيس السابق ميشال عون .