كتبت النهار
ينتظر اللبنانيون للمرة الرابعة ما سيحمله الموفد الفرنسي جان-أيف لودريان في محطته المقبلة في بيروت والتي ستكون “نهائية” كما ينقل عن مصادر ديبلوماسية اوروبية حيث سيتبين منها الخيط الابيض من الخيط الاسود حيال الاعلان عن نجاح مهمته او فشلها في مساعدة اللبنانيين في انتخاباتهم الرئاسية المعطلة التي يراها كثيرون انها وصلت الى حدود الاستعصاء نتيجة الحواجز والمتاريس المرفوعة بين الكتل النيابية مع ملاحظة ان قسماً لا بأس به من مجموع النواب “تصدى” للودريان وطالبه بالكف عن الدعوة للحوار وبضرورة توجه كل النواب الى البرلمان والقيام بالواجبات الدستورية المطلوبة منهم . وخلف لودريان في زيارته الاخيرة جملة من التساؤلات عند سائر الاطراف مع اشارة مصادر فرنسية واكبت كل المحطات اللبنانية الاخيرة الى انه توصل الى جملة من القواسم المشتركة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ويعتبران انه في حال التئام طاولة الحوار ستساعد في تعبيد طريق الكتل النيابية الى ساحة النجمة وانتخاب رئيس الجمهورية. والى حين موعد المحطة الرابعة للودريان في بيروت سيستمر الافرقاء في الداخل في تكرار مواقفهم مع الحوار وضده او الاكتفاء بحلقات تشاور. ولم تظهر حتى الان علامات انفراج يمكن التعويل عليها وسط كل هذه الفيتوات المتبادلة والشروط المسبقة التي ترافق كل هذا الضجيج الدائر في الداخل والذي تصل ترداداته الى وزراء خارجية “المجموعة الخماسية” في نيويورك. ولا يتوقع كثيرون الى المنضوين في الاخيرة اجتراح حلول في القريب العاجل لمعضلة الرئاسة في لبنان. وتريد باريس مشاركة الجميع في طاولة الحوار. وترى ان غياب “التيار الوطني الحر” عن هذه الطاولة الى جانب كتل “القوات اللبنانية” والكتائب و”تجدد” وغيرها من النواب المستقلين و”التغييريين”لن يؤدي الى انعقاده. ويقول نائب معارض هنا بأنه سمع من رئيس المجلس بأن غياب هؤلاء لن يدفعه الى الدعوة الى اي جلسة حوار التي يبدو انه جرى” فرملتها” حتى الان.
ويتوقع نواب في المعارضة اذا لم ينعقد الحوار مفاجأة الجميع بتحديد موعد لجلسة انتخاب تخلط كل الاوراق. وكان نائب رئيس المجلس الياس بو صعب والنائب أديب عبد المسيح قد اقترحا على بري الدعوة الى جلسة انتخاب سريعة مع توقع ان تكون نتيجتها على غرار الجلسة ال 12 الاخيرة بين المرشحين سليمان فرنجية وجهاد ازعور على ان يعمد بعدها رئيس المجلس مباشرة الى الحوار لاثبات رؤيته حيال دعوته ومحاولة دفع الجميع من المعارضة الى المشاركة فيها. ويقوم بو صعب باتصالات بتكليف من بري بالتواصل مع المعارضين وسمع من الدكتور سمير جعجع تكرار تشديده على رفض الحوار . ورد هنا بتوجيهه تحية لرئيس المجلس. ويقوم بوصعب بالمهمة نفسها مع مجموعة النواب المستقلين من السنة وغيرهم. ويقول ان ليس همه ان يترأس الحوار وادارته بل يعتبر ان رئيس المجلس هو الافضل لهذه المهمة وان ما يعنيه هو انتخاب رئيس الجمهورية وانقاذ البلد.
وبالعودة الى الفرنسيين “الحائرين” لم يدخل لودريان في لعبة الاسماء المرشحة او تزكية أسم على آخر لكنه بالفعل تحدث في اكثر من لقاء له عن امكانية التوجه الى “خيار ثالث” واطلق هذا الموقف في شكل واضح ومن دون اي التباس. ويردد ديبلوماسي فرنسي هنا بأن ما تقوم به بلاده حيال لبنان يأتي بالتنسيق مع قطر ولا يوجد تضارب بينهما وتنسق مع كل “الخماسية” حيث تعمل العواصم الاخرى واشنطن والرياض والقاهرة بوتيرة هادئة مع توجه المملكة في الاونة الاخيرة الى تفعيل محركاتها حيال لبنان بعد الرسالة التي اوصلتها بجمع النواب السنة عند السفير وليد بخاري وتحت أنظار لودريان.
وتلفت المصادر هنا الى اهمية حصول تقارب بين واشنطن وطهران بعد التطورات الايجابية الاخيرة بين العاصمتين حيث انهما تقدران على احداث عوامل ايجابية في الملف الرئاسي الذي سيغرق اكثر في المزيد من التعطيل والشغور اذا بقيت حركة الخارج على هذا المستوى ولم يتراجع افرقاء الداخل عن التشبث بقراراتهم الاخيرة حيال الرئاسة الاولى.
في غضون ذلك ينقل عن المصادر الديبلوماسية الفرنسية ان رئيس المجلس يقوم بجهود كبيرة وستتابع باريس تواصلها معه حيث تتكامل مهمة لودريان مع تحركه.
وتدعو الكتل النيابية المعارضة الى التجاوب مع دعوته وان تعويل الداخل على عناصر خارجية أمر لا يكفي ولا يمكن البناء عليه لوحده ليساعد في التوصل الى اجراء الانتخابات واتمام هذا الاستحقاق الذي لم يبت فيه منذ سنة على الشغور المفتوح.
وامام تعقيدات كل هذه المعضلة وصل الفرنسيون الى جملة من الخلاصات بعد ثلاث محطات للودريان مع الكتل النيابية وابرزها عدم تراجعهم عن التنسيق والتعاون المفتوح مع اعضاء “الخماسية”. وغادر لودريان بيروت بأنطباعات أيجابية رغم كل ما رافقها من محطات غير مشجعة مع نواب يرفضون طرح الحوار من اساسه. ولذلك يعترف الفرنسيون هنا بجملة من العوائق ورغم ذلك تقول دوائرهم الديبلوماسية بأنهم سيستمرون في محاولاتهم هذه تحت سقف “الخماسية”