منير الربيع – المدن
في الوقت الذي يواصل التيار الوطني الحرّ حواره مع حزب الله حول مواضيع متعددة، على رأسها رئاسة الجمهورية، اللامركزية المالية والإدارية الموسعة، والصندوق المالي الائتماني.. برز تعيين الناشط السياسي في التيار ناجي حايك نائباً للرئيس، في خطوة أحدثت بعض الإستغراب في أوساط الحزب، على قاعدة الإشارات “المتناقضة” التي يطلقها باسيل. فحايك معروف بمواقفه اليمينية المتطرفة وآرائه “الفيدرالية” المعلنة.
تنقسم الآراء حول خطوات باسيل، بين من يعتبر أنها تندرج في سياق تقديم مقاربة سياسية مختلفة، بناء على مراجعات قام بها، وبالتالي، يتم النظر إلى أدائه بإيجابية.. ومن يعتبر أن الرجل لا يزال يمارس مبدأ “ابتزاز” حزب الله سياسياً ورئاسياً. وهو ما يزعج الحزب الذي يعتبر أن هناك مقومات ثقة في العلاقة قد فقدت، ولن يكون من السهل بناؤها.
الندية مع الحزب
تدرج باسيل في مواقفه، إلى حد تشبيه سلوكه بالسلوك المشابه للحزب، وهو يحاول أن يتعاطى مع حارة حريك بندية. فرسائل الضغط التي يوجهها حزب الله لباسيل في ملف الرئاسة ومحاولة استدراجه للسير بخيار سليمان فرنجية، لا بد لرئيس التيار أن يردّ عليها بالآلية نفسها. ولذلك كان ردّه بعد لقاء رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بقائد الجيش جوزيف عون، بتقديم إشارات سلبية حول مسألة الحوار. إذ قال حينها في عشاء هيئة البترون في التيار إن مسألة الحوار المشروط والمحدد بمهلة زمنية كان في الأساس فكرة التيار والتي طرحها على الفرنسيين. وبالتالي، لا يمكن القبول بمصادرتها. ليعود بعدها ويقدم إشارات إيجابية باتجاه الحوار ولكن بشرط، أن يكون محدداً. وتقدم بطرح آخر يتعلق بالحصول على تعهّد بأي مرشح رئاسي بالعمل على إقرار اللامركزية المالية والإدارية الموسعة والصندوق الائتماني، في حال التوافق على اسمه.
لا تزال علاقة حزب الله بباسيل تحتاج إلى الكثير من المعالجات، وسط تأكيدات من قبل الطرفين أن لا عودة إلى ما كانت عليه سابقاً، لا سيما أن للحزب حساباته، ولباسيل توجهاته المختلفة أيضاً. مصادر باسيل تعبّر عن رغبة في تحسين العلاقات مع الدول العربية، وعدم الإنحسار فقط في علاقة تحالفية مع الحزب، كما كان الوضع في السنوات السابقة. حتى أن تعيين ناجي حايك في موقعه يعود لما لديه من علاقات في عدد من الدول العربية، حسب مصادر التيار. كما تشير مصادر أخرى إلى أن حايك يعبّر عن مزاج شعبي مسيحي واسع، ولا يمكن لباسيل أن يتجاوزه في إطار السعي لإعادة ترميم شعبية تياره. وهو المسار الذي بدأه باتخاذ موقف تصعيدي وبعيد تجاه الحزب لحظة الانقسام في الملف الرئاسي.
ذهب باسيل بعيداً في تصعيده، الذي وصل إلى حدّ القطيعة. صعد إلى أعلى درجات السلّم، وبعدها عرف كيف ينزل بطرح المشروعين المدرجين على طاولة اجتماع اللجنة المشتركة بين الحزب والتيار.
قدرة على المناورة
في المقابل، كان باسيل ينجز خطوط التواصل والتقاطع مع قوى المعارضة. وهو ما أكسبه قدرة أوسع على المناورة وعلى التحرك سياسياً، من خلال التقاطع على ترشيح جهاد أزعور، بما يمثله من فتح صفحة جديدة للتواصل مع المعارضة، وللقول إنه مستعد للتنازل في المعركة الرئاسية لصالح مرشح لديه بروفيل مقبول في الداخل والخارج.
بالتأكيد لا يروق لحزب الله كل ما يندفع باسيل باتجاهه من مواقف. لكن الحزب أيضاً، لا يريد كسر الجرة مع الحليف المسيحي، فهو يحرص على أن يكون التحالف قائماً، خصوصاً أن إضعاف باسيل سيصب في صالح المعارضة المسيحية، ولا سيما القوات اللبنانية. وهو ما سيكون له تداعيات عكسية على الواقع السياسي الداخلي.