كتبت النهار
مع القليل من الاجتهاد الافتراضي، يمكننا القول إن معظم الوسط السياسي في لبنان لم يتحرك البتّة حيال الازمة السياسية – الرئاسية المتجمدة منذ سنة وثلاثة أشهر إلا عند مرور مئة يوم على حرب غزة و”شقيقتها” حرب المشاغلة في جنوب لبنان. لم تكن الاستفاقة أو “يقظة” (كما وصفتها “النهار”) الإشكالية – المخالفة الدستورية التي ارتكبتها الحكومة في رد ثلاثة قوانين قبيل نهاية الأسبوع الماضي فيما كان الوسيط الأميركي يخفّ رجله الى بيروت في جولة عاجلة سوى عيّنة من عيّنات المصادفة التي تذكّر اللبنانيين بأن اهتراء أزماتهم هو أسوأ ما يصيبهم حين تتراكم الازمات والمصائب ويغدو لسان حال الوطن المعذب “فاذا أصابتني السهام تكسرت النصال على النصال”. ولكن لعلها مخالفة دستورية على طريقة “رُبّ ضارّة نافعة” لكي تدفع بالاعتمال النائم للأزمة الرئاسية الى الاستفاقة والانتعاش بعد طول سبات كما لو ان لبنان المتكيّف مع “ايديولوجيا الفراغ والتعطيل”، ولم يعد جائزاً تسميتها بغير ذلك، استطاب ونام وسها ونسي انه دولة اسمية بلا رأس، وان “رؤوساً” يديرون بقايا الدولة كما يشاؤون ويضعون رؤوس اللبنانيين قاطبة تحت مقصلة ملهاة التفرد والأحادية والاستئثار بالسلطة والقرارات بلوغاً الى قرار الحرب والسلم واشعال الجبهة أو التفاوض بالتفرّد عن كل لبنان.
ولا نغالي إن ذهبنا أبعد لإبراز حال “دولة المشاغلة” كلها، وليس فقط الميدان الجنوبي، في ذكرى مرور “مئة يومنا” كلبنانيين أمس على اندلاع استراتيجية المشاغلة في جنوب لبنان غداة “طوفان الأقصى” في الثامن من تشرين الأول الماضي، بان المؤشرات والمقاربات التي يعتمدها شركاء السلطة السياسية مع الشريك “الميداني”، أي “حزب الله”، لا توحي إلا بتعاقب مئة وراء مئة من زمن الازمات المفتوحة الى ان يخلق الخالق القدير ما يوازي الأعاجيب من ظروف قد تنتشلنا من هذا الحصار القاتل لأيديولوجيات الفراغ والتعجيز والتيئيس المنهجي. فعلى نحو بات مكشوفا وعلنيا وشفافا الى حدود قصيّة باتت مواقف المسؤولين الذين يتقاسمون صلاحيات رئيس الجمهورية المغيَّب تتسابق في التماهي وتوزيع الأدوار وإكمالها مع “الموقف الميداني”، سواء في ما يتصل بأخطار الواقع الجنوبي وتداعياته وآفاق التهدئة المحتملة تجنباً للذهاب الى جحيم حرب تنهي بقايا لبنان الواقف عند شفا نهايات مفجعة، أو في ما يتصل بالازمة الداخلية الأسيرة بين ايدي مستثمري التعطيل والفراغ. كيف يجب أن نفهم معادلة اشتراط وقف الحرب في غزة لإعادة الهدوء والتطبيع الأمني الى جنوب لبنان إلا من منظار استكمال السلطة الحكومية والرسمية لموقف “حزب الله” الميداني – التفاوضي ورضوخ السلطة له؟ وما نفع كل الكلام الآخر تبعاً لذلك عن “التزام لبنان” (أي لبنان هذا؟) القرار 1701 بعد التزام الربط المحكم القاتل بين حرب غزة وحرب الجنوب اللبناني؟
ثم، وما دام الشيء بالشيء يُذكر، ماذا يعني اختصار واقع الازمة الرئاسية الآن، و”بالصدفة”، مع ذكرى مرور المئة يوم على حرب المشاغلة في الجنوب، بان ليس لديكم أيها اللبنانيون سوى مرشح واحد هو مرشح محور الممانعة ولا رئيس تاليا سواه “فتفضلوا” الى الاستسلام لانتخابه. إنه الوجه الثاني لعملة واحدة احدهما يربط نهاية حرب الجنوب بنهاية حرب غزة وإلا “بلّطوا البحر”، والثاني يربط نهاية الازمة الرئاسية بانتخاب مرشح “المقاومة” التي ترفض أي مرشح آخر وإلا “بلّطوا البحر الأبيض المتوسط”. وطبعاً لا موجب للياقات
الوسومصحافة
شاهد أيضاً
أبرز ما تناولته الصحف العربية الصادرة اليوم 26/06/2024
الأنباء الكويتية – صيف لبنان مستمر وحرارته لا ترتبط بالتهديدات الإسرائيلية بتوسيع الحرب -بري قلق …