تحت عنوان “لا طبابة بعد اليوم: سلامة يقضي على المستشفيات”، جاء في صحيفة “المدن” الإلكترونية:
بات خبر خلو الصيدليات من الأدوية أمراً طبيعياً تطبعنا عليه. ورغم ذلك دخلتُ صيدلية وسألت عن دواء نيكسيوم. نظر الصيدلي إليّ بابتسامة صفراء وقال: انظر خلفي، لا أدوية. وراح الصيدلي يفتح الجوارير ليؤكد لي صحة كلامه. وذلك بعدما عرضت عليه في هذه الحال، أن يبع الخضر والخبز في صيدليته، كي لا يموت جوعاً مع أولاده.
وفراغ الصيدليات من الأدوية تطبعنا عليه، وعلى غلاء فاتورة الاستشفاء في المستشفيات والمختبرات. وها نحن نتطبع مع نفاد الأدوية الحيوية في المستشفيات، وصولاً إلى تحمل أوجاع عملية جراحية، بعدما بدأت تنفد أدوية البنج.
مريض بلا ضمان
ووفق ما أبلغني أحد المعنيين في كبرى المستشفيات في بيروت، فأن الإدارة اتخذت قراراً غير معلن بوقف التعامل مع الجهات الضامنة كلها، بسبب التأخر في دفع المستحقات. في البداية حمّلت المستشفياتُ المرضى فرق الضمان ووزارة الصحة، على سعر صرف دولار السوق. حتى أن أحد معارفي دفع أكثر من تسعين مليون ليرة فرق عملية قلب مفتوح. فالوزارة والضمان يسددان على سعر الصرف الرسمي، ويتأخران لسنوات في تسديد المستحقات.
وسرى هذا الأمر على شركات التأمين. فبعضها ما زال يريد التسديد على سعر الصرف الرسمي، والبعض الآخر رفع السعر إلى 3900 ليرة للدولار. لكن التأخر في الدفع، ونفاذ الأدوية والمستلزمات، وترافقهما مع تداول قضية رفع الدعم، جعلت المستشفيات والمختبرات تفرمل خطواتها، وتمتنع عن استقبال مرضى الجهات الضامنة، إلا في حال دفع المريض الفرق.
ووفق مدير إحدى المستشفيات، فإن مسألة إعلان ومجاهرة المستشفيات كلها في لبنان عن وقف استقبال مرضى الجهات الضامنة، باتت مسألة وقت فحسب. فعندما يصبح تكبد مستشفى صغير كلفة قفازات بنحو 450 مليون ليرة سنوياً، بينما يبلغ مجموع مستحقات جهة ضامنة واحدة 500 مليون سنوياً، فهذا يعني إقفال المستشفى نهائياً، أو تحصيل الفروقات من المرضى.
عمليات بلا بنج
وإذا كانت كلفة القفازات وحدها تصل إلى هذا المبلغ، فكيف بالأدوية والمستلزمات الطبية؟ يسأل المدير نفسه مجيباً: الضمان والوزارة تسدد على سعر الصرف الرسمي، وبعض شركات التأمين تسدد على سعر 3900، بينما دولار السوق فاق 13000 ألف ليرة. وحتى الساعة لم يُرفع الدعم رسمياً، لكن ما يجري منذ أكثر من شهر، هو بمثابة رفع الدعم. فعلى سبيل المثال، كان ثمن حقنة البنج ثلاثين ألف ليرة، وباتت تباع في السوق السوداء بعشر دولارات. لذا بات على المستشفى أن يجري التدخل الطبي بلا بنج، أو يدفع المريض ثمنه. وهذا ما يحصل حالياً.