جاء في صحيفة “الشرق الاوسط”:
ثقيلة التهم المساقة من النيابة العامة المالية الفرنسية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يشغل منصبه منذ عام 1993 ويحمل الجنسية الفرنسية، كما كثير من المسؤولين اللبنانيين.
وقطعاً، إن فتح تحقيق أولي بشأن اتهامات خطيرة من نوع «تآمر جنائي» و«غسل أموال في إطار عصابة منظمة» لا يعني أبداً ثبوت التهم باعتبار أن المبدأ المعمول به في القضاء الفرنسي هو أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته». ولكن مشكلة حاكم مصرف لبنان أن القضايا الجنائية آخذة بمحاصرته محلياً وأوروبياً: سويسرا أولاً واليوم فرنسا وغداً بريطانيا إضافة إلى لبنان.
ووفق مصدر مصرفي لبناني في باريس، فإن وضع سلامة أصبح اليوم «دقيقاً» قضائياً وسياسياً ومن شأنه «التأثير على ممارسة عمله كحاكم لمصرف لبنان» وهو الشخص المناط به، بسبب وظيفته، إخراج لبنان من أزمته النقدية والمالية وبالتالي فإن مصيره أصبح «مطروحاً جدياً».
وأمس (الأحد)، كشف النقاب عن فتح تحقيق رسمي «أولي» بحق رياض سلامة عقب شكويين قدمتا بحقه إلى النيابة المالية الوطنية المؤهلة للنظر بهذا النوع من الدعاوى التي لاحقت في السنوات الأخيرة مجموعة واسعة من المسؤولين الأفارقة بتهم الإثراء غير المشروع بموجب قانون يمكن ترجمة اسمه بـ«من أين لك هذا؟».
وعربياً، لوحق نائب الرئيس السوري السابق رفعت الأسد بموجب هذا القانون وحجز على ممتلكاته المنقولة وغير المنقولة وبعد سنوات من «الحرب القضائية» تمت إدانته.
أصبح معلوماً أن سويسرا كانت السباقة في فتح الملفات القضائية بحق رياض سلامة ومطالبتها القضاء اللبناني بتقديم المساعدة القضائية. وفي فرنسا، قدمت الشكوى الأولى ضد حاكم مصرف لبنان من قبل جمعية «أكونتبيليتي ناو» (المحاسبة الآن) السويسرية في 16 أبريل (نيسان) الماضي التي يمثلها المحامي الفرنسي أنطوان ميزونوف. وهذه الجمعية السويسرية معروفة بحربها ضد الإفلات من العقاب الذي تتمتع به الطبقة السياسية والمالية اللبنانية منذ عشرات السنوات.
أما الشكوى الثانية فقدمت بعد أسبوعين وجاءت من جهتين: الأولى، جمعية «شيربا» الفرنسية المتخصصة في محاربة الجرائم الاقتصادية والمالية عبر العالم، والثانية جمعية «ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان» وهي مجموعة فرنسية – لبنانية تعمل على إلقاء كامل الضوء على الفساد الذي ينخر المجتمع والاقتصاد اللبنانيين، وأسسها لبنانيون ومزدوجو الجنسية خسروا، مثل الكثير من اللبنانيين، ودائعهم الموضوعة في المصارف اللبنانية. ويمثل الجهتين المحاميان ويليام بودرون وآملي لوفيفر. والأول معروف كونه هو من أطلق جمعية «شيربا» ورأسها لعدة سنوات. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن محاميي شيربا والمجموعة اللبنانية، ترحيبهما بفتح التحقيق الرسمي، واعتبارهما أن له بعداً أوروبياً وعالمياً وقولهما إنه «سينظر في عمليات تبييض أموال ضخمة وأنه ينبغي أن تفتح جميع أدراج المافيا التي ركعت لبنان».