ها قد وصلنا
بقلم : ليلى المُسلم ( ناشطة اجتماعية )
الجمعة ٦ تشرين الثاني ٢٠٢٠
لقد مرت علينا حروب متتالية على مدى أربعة قرون وواجهناها بصلابة وشجاعة لا توصف ، لأن هذا البلد يستحق منّا كل التّضحية ، وصمود الشعب اللبناني أربك معادلات الغرف السوداء التي تعمل على تفتيت الديمقراطيّة والجمهوريّة .
لكن ما لم يكن في الحسبان بعد تلك المواجهات ، هو ما وصلنا إليه على المستوى الإقتصادي والمعيشي ، في عز الحروب لم تُقفل المصارف ولَم تقف الناس ارتالاً تتسوّل أموالها في مشهد مُذل ، ولا أمام الأفران ولا محطات المحروقات والسوبرماركات .
ما لم يكن في الحسبان هو أن نفتقد الأدوية التي يجري تهريبها وتخزينها والمواد الإستهلاكيّة وأن يحكمنا مجموعة من التّجار عديمي الضمير .
كنّا نتأمّل خيراً في ثورة تستعيد حقوق الناس ، هذه الثورة أكلتها أفواه الطائفيّة واصطفافات المذاهب والأحزاب وغرور البعض !
مؤسّسات تُقفل وبطالة تتصاعد والإستطلاعات الدّولية تشير إلى أنّ عدد العاطلين عن العمل بتاريخ ١٧ أكتوبر الأول ٢٠١٩ كان نحو ٣٥٠ ألفاً أي بنسبة ٢٥% من حجم القوى العاملة ،
والآن يقترب البلد من تحقيق رقم قياسي في معدلات البطالة في ظل اقتصاد متأزم يعاني نقصاً حادّا في النّقد الأجنبي وعجزاً في سداد الديون، حيث تتوقع مؤسسات عالمية ارتفاع حجم البطالة إلى مليون عاطل قبل نهاية ٢٠٢٠ . وأنا أعتقد سيتخطى المليونيين ونيّف .
يسألني أبنائي وهم طلاب جامعيين عن هذا الواقع المؤلم ، فأقول لهم استبشروا خيراً ولا بد لهذه الغيوم أن تزول ، فألمح ابني ( هادي ) وابنتي ( سمر ) انهما عند انتهاء السنة الجامعيّة الأخيرة سوف يغادرون الى بلاد نبحث فيها عن مستقبل مضمون بلا حروب وبلا مافيا ماليّة وتجاريّة وسياسيّة ، وكأنّه كُتب علينا أن نربي أبناءنا بدموع العيون ونُنذر فوق رؤوسهم خيمة الاهيّة ليستقبلهم الإغتراب حيث يُبدعون ويُبهرون العالم بالعلم والمعرفة .