منذ تحديد “موعد” الاستشارت النيابية لتسمية رئيس الحكومة المكلف، شهد الدولار تراجعاً كبيراً، فبعدما وصل إلى مستوى قياسي الأسبوع الماضي حيث لامس الـ 24 ألف ليرة انخفض خلال يومين إلى أكثر من 8000 ليرة فوصل أمس الإثنين إلى 16 ألف ليرة.
ومع تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف الحكومة وفي حال أبصرت النور سريعاً تشير التوقعات إلى ان سعر صرف الدولار سيشهد انخفاضاً جديداً الأمر الذي سينعكس إيجابا على الأسواق والمواطنين.
وقد وصل الدولار عصر أمس إلى 17 ألف ليرة لكنه سجل مساء قفزة مفاجئة حيث تخطى سعره الـ 19000، فما سبب هذا التلاعب بسعره؟
ان السوق المالية الحقيقية تكون عادة محكومة بـ 3 عوامل هي: العامل النفسي، العامل التقني وعامل المضاربة الذي يتحكّم اليوم في السوق اللبنانية التي تخضع لسيطرة مجموعة من كبار المضاربين الذين يحملون ملايين الدولارات.
وفي هذا الإطار، أوضح الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور لويس حبيقة لـ “لبنان 24” ان ما من سبب لانخفاض الدولار، فالاقتصاد الحقيقي لم يتغير في لبنان منذ أسبوع حتى الآن لا بل الوضع الاقتصادي يتراجع، ولكن هناك مضاربات في السوق والخاسر الأكبر هو المواطن العادي الذي يخاف فيبيع الدولار تجنبا لانخفاض سعره أكثر.
ونصح حبيقة كل من يملك دولارا الا يبيعه إلا في حال وجود حاجة قصوى، وقال: “لا تبيعوا الدولار حتى ولو أصبح ليرة واحدة، على المواطنين الا ينخدعوا لأن الوضع حتى الآن لا يُطمئن”.
وعن إمكانية تراجع الدولار إلى 12 ألف ليرة في حال تشكيل حكومة سريعا، أكد حبيقة ان هذا الأمر قد يحصل في حال تشكيل حكومة تحظى بمصداقية وبدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والمباشرة بالإصلاحات المطلوبة التي تحد من الانهيار، وبالتالي يجب ان يكون هناك خطوات عملية على الأرض تساهم بتراجع الدولار.
ولفت حبيقة إلى ان السعر الحقيقي للدولار يجب الا يكون أكثر من 10 آلاف ليرة، مجددا دعوة الناس إلى عدم التفريط بالعملة الخضراء وإلى عدم الخوف من تراجع إضافي.
اما عن استمرار ارتفاع أسعار السلع رغم انخفاض الدولار، فأشار حبيقة إلى انه لا يمكن تغيير الأسعار في يوم واحد بل الأمر يحتاج إلى وقت لاعادة التسعير لاسيما في ما يتعلق بالمتاجر الكبرى، وأشار إلى انه حتى لو بقي الدولار على سعر الـ 16 ألف ليرة خلال هذا الأسبوع فلن تنخفض الأسعار.
علما ان استمرار ارتفاع الأسعار استدعى تدخلا من وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمه الذي طالب من المستوردين وأصحاب المؤسسات التجارية بخفض الأسعار بأقصى سرعة، مؤكداً ان الاستمرار في التلاعب بالأسعار أو الغش سيعرّضهم لأقسى العقوبات.
كل الدراسات تؤكد ان الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان سيستمر لسنوات، ويتوقع البعض ان يكون العام 2023 الأصعب وان بوادر الانفراج لن تبدأ قبل عام 2025، ولكن يبقى امل اللبنانيين بأن تستقيم الأوضاع السياسية، والبداية هي من خلال تشكيل حكومة بأسرع وقت تضع خطة نهوض وتخفف من حدة الانهيار وتباشر بالإصلاحات.