كتبت إلهام سعيد فريحة في “الأنوار” :
حينَ يكونُ عددُ المغتربين 14 مليوناً وعددُ المقيمينَ 4 ملايين،
فكيفَ ينتخبُ المغتربونَ ستةَ نوابٍ فقط وينتخبُ المقيمونَ 128 نائباً ؟
على مَن تضحكونْ ؟
اقتراعُ المغتربينَ هو عقدةُ العقدِ لكنهُ في المقابلِ هو الذي سيعطي للانتخاباتِ النيابيةِ رونقها .
هل خطرَ ببالكمْ كم هو عددُ الذينَ هاجروا في السنتينِ الأخيرتينِ ويحقُّ لهم الإقتراعُ ؟
لماذا تريدونَ أن تحرموهم من هذا الحقِّ ؟
هُم حُرِموا من كلِّ شيءٍ ، وهذا ما دفعهم إلى الهجرةِ ، وتريدونَ ايضاً ان تحرموهم من آخرِ حقٍّ لهم ؟
هل قرأتمْ ان الأمنَ العامَ اللبنانيَّ يتلقى يومياً 8 آلاف طلبٍ لجوازاتِ سفرٍ جديدةٍ ، فيما طاقتهُ لا تؤمِّنُ أكثرَ من ثلاثةِ آلافٍ ؟ ومَن اليومِ وإلى حينِ موعدِ الإنتخاباتِ ، كم سيتبقى من اللبنانيينَ لينتخبوا ؟
الإحصاءاتُ الرسميةُ تتحدثُ عن ان المغتربينَ أرسلوا من أولِ السنةِ حتى الآنَ ما يقاربُ الستةَ ملياراتِ دولارٍ لعائلاتهم واقاربهم ، هذا عدا حقائبِ الأدويةِ والمستلزماتِ الطبيةِ وحتى حليبِ الأطفالِ ، فهل نقولُ لهؤلاء : يحقُّ لكم بستةِ نوابٍ ؟
المغتربونَ في بلدانِ اغترابهم يهتمُ بهم المرشحونَ في نطاقِ البلداتِ التي يقيمونَ فيها من أجلِ كسبِ اصواتهم، اما في لبنانَ فيعمدُ السياسيونَ إلى ” تهشيلِ ” المغتربينَ وجعلهم يَصلونَ إلى مرحلةِ القرفِ من العمليةِ الإنتخابيةِ.
ما يجبُ ان يحصلَ هو التالي:
على السلطةِ ان تعامِلَ المغتربينَ كما تُعاملُ المقيمينَ ، في موضوعِ الانتخاباتِ ، فلا تفريقَ بينَ مقيمٍ ومغتربٍ ، ويحقُّ للمغتربِ ان ينتخبَ ، كما المقيمُ ، اللائحةُ التي يريدُ، في نطاقِ المنطقةِ حيثُ يرِدُ إسمهُ في لوائحِ الشطبِ، هذه هي الطريقةُ الوحيدةُ التي تُشعِرُ المغتربَ بأهميةِ صوتهِ ، اما أن يُنتخَبَ ستةُ نوابٍ يمثلونَ الإغترابَ في الكرةِ الارضيةِ ،
فهذا ضحكٌ على المغتربينَ مثلما تضحكون علينا .
فكِّروا يا نفسَ الطبقةِ السياسيةِ إياها، أن المغتربَ سبقكمْ بأشواطٍ:
منهم مَن نالَ جائزةَ نوبل في الطبِ .
منهم مَن اكتشفَ علاجاً لكورونا .
منهم مَن هو قريبٌ من مواقعِ القرارِ في الدولِ التي يعيشونَ فيها .
منهم مَن نالَ جوائزَ عالميةً في الأدبِ والهندسةِ وغيرِ ذلكَ،
فهل تقولونَ لهم : يحقُّ لكمْ بستةِ نوابٍ فقط؟
إذا اصرَّتْ السلطةُ على تعديلِ قانونِ الانتخاباتِ لألغاءِ حقِّ المغتربينَ بذريعةِ عدمِ القدرةِ اللوجستيةِ، فإن على المعترضينَ على هذا التعديلِ ان يُطالبوا بإشرافٍ دوليٍّ على الإنتخاباتِ، وأن تتمَ تحتَ نظرِ الاممِ المتحدةِ وأن تبقى العينُ على المناطقِ التي لا يستطيعُ الناخبونَ وحتى المرشحونَ ان يمارسوا دورهم بحريةٍ .
ما لم يحصل هذا الامرُ فسنكونُ أمامَ طبقةٍ نيابيةٍ لا تختلفُ كثيراً عن الطبقةِ القائمةِ، وعندها ستزدادُ أعدادُ المغتربينَ لأن مَن تبقَّى من مقيمينَ سيلتحقونَ بمَن غادرَ وسينضمونَ إلى المغتربين.