داهمت العتمة الشاملة الايام الاخيرة لعهد الرئيس ميشال عون، في وقت استمر فيه البحث في بعبدا، ولدى اوساط التيار الوطني الحر من جنس «الفراغ». (فما نقل على لسان رئيس الرابطة المارونية خليل كرم بعد لقاء الرئيس ميشال عون لجهة «ان رئيس الجمهورية لا يرى طبيعياً ان الفراغ على مستوى السلطة التنفيذية غير المكتملة المواصفات وغير الحائزة على ثقة مجلس النواب، يمكنه ان يملأ فراغاً على مستوى رئاسة الدولة». اثار عاصفة من السجالات، بدأت برد استغرابي من الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وانتهت ليلاً ببيان، بمثابة رد على الرد من القصر الرئاسي.
ولئن اتفق الرئيسان عون وميقاتي حسب البيانات الصادرة عنهما، على مواصلة العمل لتشكيل حكومة جديدة، الا ان الخلاف بدا انه نقطة غير قابلة للمعالجة. فرئيس الجمهورية يريدها «حفاظاً على الشراكة الوطنية وعلى التوازن بين السلطات»، مما يعني المضي في العرقلة، استناداً الى معزوفات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الموجود في اثينا، ورئيس الحكومة المكلف يريدها مؤلفة، حسب الدستور وصلاحياته، وعلى قاعدة «التشكيلة التي قدمها في 29 حزيران الفائت» على حد تعبيره، معتبرا ان ثمة من يخطط لتعطيل تأليف الحكومة، وهؤلاء «من المحيطين برئيس الجمهورية».
ومع ذلك، لم تتوقف الاتصالات والمساعي لابقاء وتيرة تشكيل الحكومة الجديدة مستمرة، بالرغم من التصعيد بالمواقف من قبل الفريق الرئاسي برئاسة النائب باسيل ضد الرئيس ، وتعثر التوصل الى اتفاق سريع لانجاز التشكيلة الوزارية. واستنادا الى مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة، هناك تواصل ووساطة من أكثر من طرف ومساعي مبذولة بعيدا من الاضواء، لتذليل الخلافات وتقريب وجهات النظر ،لانه لامصلحة لاي طرف ببقاء البلد بلاحكومة جديدة تتولى مهمة المباشرة بحل الازمة المالية والاقتصادية الصعبة.
واعتبرت المصادر ان التصعيد بالمواقف وتصويب رئيس التيار الوطني الحر المستمر على رئيس الحكومة المكلف، لايعني انتهاء مسار تشكيل الحكومة وافشالها نهائيا، كما يروج البعض بذلك، لان التصعيد العوني ضد ميقاتي مكشوف، وهدفه ابتزازه ومحاولة لتحسين الشروط والاستحصال على اكبر حصة وزارية بالتشكيلة المرتقبة، باعتبار ان نجاح تشكيل الحكومة الجديدة، يعود بالفائدة على التيار العوني،لانها آخر حكومة تشكل في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، ولو كان عمرها مرتبطا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وقد يكون قصيرا.
وتوقعت المصادر المتابعة ان تتوالى الوساطات بالايام المقبلة ،في سبيل التوصل الى اتفاق لتشكيل الحكومة، انطلاقا من وجود رغبة لدى معظم الاطراف السياسيين لتسهيل تشكيل الحكومة الجديدة بالسرعة الممكنة، لان آفاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية تبدو مسدودة حتى اليوم،وقد تطول أكثر ماهو متوقع، بانتظار انقشاع ملفات اقليمية ودولية مهمة ومسار الاتفاقات على اختلافها. ولذلك فمن المهم تسريع التشكيل برغم التباينات والخلافات القائمة لانه لايجوز ابقاء لبنان بلاحكومة جديد في هذه المرحلة الصعبة.
في هذا الوقت، يُطفيء معمل الزهراني لتوليد الكهرباء محركاته اليوم وينضم إلى معمل دير عمار، ليصبح لبنان خارج العصر متكلاً على مولدات خاصة للمحتكرين وناهبي مال الناس، حيث أفادت مؤسسة «كهرباء لبنان» بأنه سوف يتم وضع معمل الزهراني قسرياً خارج الخدمة بعد ظهر اليوم الجمعة ، جرّاء نفاد خزينه من مادة الغاز أويل، ما سيؤدّي إلى توقّف إنتاج الطاقة على كافة الأراضي اللبنانية، «على أن يُعاد تشغيل معامل الإنتاج فور تزويد المؤسسة بالمحروقات في أقرب فرصة ممكنة».
لكن لاحقاً حصل اتفاق بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الطاقة وليد فياض ومدير مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك على استخدام نحو ٤٠ ألف طن من الفيول أويل التي كانت مخصصة لمعملي المولدات العكسية في الذوق والجية والتي طرحت تساؤلات حول مواصفاتها.
وبحسب ما أعلن وزير الطاقة، سيتم استخدام كميات من الفيول هذا في معملي الجية والذوق القديمين والمتوقفين عن العمل منذ أشهر طويلة. وسيبدأ استخدام هذه الكميات في خلال يومين على أبعد تقدير تفاديا للعتمة الشاملة وللإستمرار في تزويد المرافق الأساسية في البلاد بالكهرباء، حتى يعاود العراق تزويد لبنان بالمحروقات بدءاً من منتصف أيلول المقبل على أبعد تقدير.
وكانت مؤسسة كهرباء لبنان، قالت في بيان لها ان «خزين معمل الزهراني من مادة الغاز اويل، شارف على النفاد»، وسيتم وضعه خارج الخدمة بدءاً من بعد ظهر اليوم، مما سيؤدي الى توقف انتاج الطاقة على كافة الاراضي اللبنانية».
وكشفت المؤسسة أنه لم يتم توريد بموجب اتفاقية التبادل المبرمة ما بين كل من جانب الجمهورية العراقية والجمهورية اللبنانية، أي شحنة غاز أويل مخصصة لشهر آب 2022 لصالح مؤسسة كهرباء لبنان بواسطة جانب وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط، كما وأن المؤسسة لم تتبلغ بعد ما إذا كان سيتم توريد لصالحها شحنة غاز أويل خلال شهر أيلول 2022، مع العلم أن إنتاج الطاقة الكهربائية من معامل مؤسسة كهرباء لبنان كان يعتمد في الفترة الأخيرة فقط على تلك الاتفاقية، وتابعت: لغاية تاريخه لم يتبين الموعد الفعلي لوصول الطاقة الكهربائية من المملكة الأردنية الهاشمية، والموعد الفعلي للبدء باستجرار الغاز الطبيعي من جمهورية مصر العربية، وذلك بانتظار أن يتم تأمين التمويل اللازم لهذين المشروعين من قبل الجهات المعنية.
إلَّا ان المعلومات التي تسربت عن الاتفاق الذي حصل بين الرئيس ميقاتي والوزير فياض ومدير مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك كشف انه تفادياً العتمة الحاملة وللاستمرار في تزويد المرافق الاساسية بالكهرباء حتى يعاود العراق منتصف ايلول تزويد لبنان بالمحروقات، قضى باستخدام 40 الف طن من الفيول اويل التي كانت مخصصة لمعملي المولدات العسكية في الذوق والجية، وسيتم استخدامها في معملي الجية والذوق القديمين والمتوقفين عن العم منذ اشهر طويلة.