خلود شحادة –
“بيتديّن ليتزيّن”.. مثل شعبي نستخدمه لنعبّر عن حال الشعب اللبناني، الذي يلجأ للاقتراض إمّا لتنظيم عرس فاخر، أو سيارة فارهة. تتعدد الأسباب والدين واحد والفوائد تتصاعد…!
والدولة اللبنانية أصابتها العدوى، فاستدانت طوال سنين مرّت، لتتزيّن بمشروع لا يكتمل، وتعويم اقتصاد يغرق أكثر، وأيضاً تتعدد الأسباب، والنتائج كارثية!
وفي حديث خاص لموقع ليبانون تايمز، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور محمد جزيني أن ديون الدولة تنقسم لقسمين، دين سندات الخزينة بالليرة اللبنانية، ودين سندات اليوروبوند بالدولار الأميركي.
وأشار جزيني الى أن الدين العام في لبنان وصل الى 90.2 مليار دولار، بينما الناتج المحلي لعام 2019 فهو 55 مليار دولار، أي أن الدين العام يزيد عن الناتج بنسبة 176%.
ولفت الى أن الناتج المحلي لهذا العام سيهبط الى 24 مليار دولار، بفعل عدم الاستقرار السياسي، وعواقب انتشار فيروس كورونا. أي أن نسبة الدين العام على الناتج وصل الى 275%، معتبراً أنه هذا الرقم كبير جداً، مع العلم أنه يجب أن تتراوح نسبة الدين العام في الدول النائية بين 80 و 100% كحد أقصى.
وأكد الدكتور جزيني أنه لم يعد هناك امكانية للاستمرار بارتفاع نسبة الدين، خاصة في ظل عدم توافر حل جذري لعجز الموازنة، العجز في ميزان المدفوعات، وارتفاع الحاجة للدولار.
وأضاف: “لذلك الحكومة قررت التوقف عن سداد الدين، والتشاور مع الدائنين لإيجاد حلول، وهذا ما حصل في التاسع من اذار”.
وأوضح أنه كان أمام الحكومة مسارين: الأول يتمثل بتسديد الدين عبر توفر مورد مالي آخر يضخ السيولة للدولة عن طريق تعزيز الانتاج، وهي ما يعرف بـ “اعادة الجدولة”، أي تأجيل الدفع لسنوات حتى يتم تأمين المبلغ.
والثاني إعادة الهيكلة، وهو المسار الذي اعتمدته الحكومة اللبنانية. وتعني اعادة الهيكلة أن الدولة ستفاوض على المبلغ الذي ستدفعه، أي أن الـ 90 مليار دولار، لن تدفعها الدولة كاملة.
وبحسب ما أشارت الخطة الاقتصادية التي وضعتها الحكومة، الى أنه سيتم حسم 63% من قيمة الدين، أي أن المبلغ المتبقي على الدولة هو حوالي 20 مليار دولار، وهذا المبلغ جزء كبير منه بالليرة اللبنانية، وجزء بالدولار الأميركي.
وشدد الدكتور جزيني على أن مفاوضات الدولة اللبنانية مع الدائنين يجب أن تتسم بحسن النية، وذلك عبر تقديم خطة اقتصادية تتضمن وعوداً بتحويل الاقتصاد من ريعي الى انتاجي، وقف الانفاق الاستثماري (كل ما له علاقة بتطوير البنى التحتية..)، حل أزمة سعر صرف الليرة، وتحقيق فائض 3% في الموازنة العامة للدولة عام 2024.
وأكد أن “هذه الخطة تعتبر جزءًا من النية الحسنة التي يتقدم بها لبنان للتفاوض مع الدائنين، حتى يمتلك الحجة أمام المحاكم الدولية، لافتاً الى أنه خلال ستة أشهر على المفاوضات أن تنتهي”.
لا عصاً سحرية يمتلكها لبنان يستطيع من خلالها حل أزمات مالية واقتصادية لفّت حبالها على عنق اللبنانيين. كل ما يمتلكه هذا البلد المنهك، خطة اقتصادية علّق عليها الشعب آماله. فإمّا النهاية… وأمّا الانتصار!