الـكـاتـب قـاسـم قـصـيـر
مع بدء شهر أيلول يدخل لبنان على خط الفوالق السياسية والأمنيّة والعسكرية والاجتماعية.
فابتداء من هذا الشهر تبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية ويتحوّل المجلس النيابي إلى هيئة ناخبة من دون وضوح صورة هذا الاستحقاق المهمّ…
في ظلّ تعثّر تشكيل حكومة جديدة وبقاء حكومة تصريف الأعمال ودخول البلاد في سجالات سياسية – طائفية حول مَن يملأ الفراغ الدستوري.
ويسود خوف كبير أن يؤدّي كلّ ذلك إلى فوضى سياسية وأمنيّة واجتماعية وفقاً للعديد من الأوساط الدبلوماسية الغربية الناشطة في بيروت. هذا في الملفّ الأوّل.
أمّا الملفّ الثاني، الترسيم البحري مع العدوّ الصهيوني، الذي ما يزال عالقاً بانتظار الجواب الإسرائيلي عبر المبعوث الأميركي آموس هوكستين.
وعلى الرغم من حرص الأميركيين والإسرائيليين على تسريب أخبار إيجابية عن إمكانية الوصول إلى حلّ دبلوماسي مع لبنان وإبعاد خطر المواجهة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله.
فإنّ المعطيات الميدانية تشير إلى عكس ذلك حتى الآن:
1- حزب الله عمد في الأيام القليلة الأخيرة إلى تسريب معلومات متعدّدة تتعلّق بالاستمرار في رفع الجهوزيّة العسكرية والتعميم على كوادره وعناصره عدم السفر إلى خارج لبنان من أجل البقاء على جهوزيّة تامّة.
2- إضافة إلى ما ورد في الحوار الأوّل مع أحد القياديين الجهاديين في الحزب الذي أجرته جريدة “الأخبار” وتحدّث فيه عن استعدادات الحزب للحرب مع الكيان الصهيوني ونقل هذه المعركة إلى داخل فلسطين المحتلّة من الجليل.
3- تشير مصادر جنوبية مطّلعة إلى أنّ الحزب عمد في الأيام الأخيرة إلى تصعيد وتيرة الاستعدادات الميدانية في معظم المناطق الجنوبية…
وأنّ قيادات وكوادر وعناصر الحزب في حال استنفار استعداداً لأيّ قرار تتّخذه القيادة في ملفّ الترسيم البحري، وللردّ على أيّ عمل أمنيّ أو عسكري قد ينفّذه الجيش الإسرائيلي لاستباق تصعيد الحزب.
4- في المعلومات أيضاً أنّ حالة الاستنفار لا تقتصر على الجبهة اللبنانية، بل تمتدّ إلى جبهات أخرى خارج لبنان مع احتمال تصعيد التوتّر وتحوُّل المواجهة إلى حرب شاملة في المنطقة.
ولوحظت زيادة التعاون والتنسيق بين الحزب وعدد من قيادات المقاومة.
وعقدت لقاءات ثنائية أخيراً، أبرزها بين الأمين العامّ للحزب السيد حسن نصر الله والأمين العامّ لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخّالة، إضافة إلى التنسيق المستمرّ بين الحزب وحركة حماس.
فـوضـى سـيـاسـيـة فـي الـداخـل
أمّا على الصعيد السياسي الداخلي، فإنّ الفشل في تشكيل حكومة جديدة وعدم التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية التي تبدأ في الأوّل من أيلول سيُدخلان البلد في فوضى سياسية كبرى.
في ظلّ عدم الاتفاق على مَن يملأ الفراغ الدستوري في ظلّ وجود حكومة تصريف أعمال.
في هذا الإطار يتمّ تداول عدّة سيناريوهات بين الجهات الداخلية والخارجية:
– أوّلها: فرض المزيد من الضغوط لتشكيل حكومة بأسرع وقت، حتّى لو تطلّب ذلك تنازلات معيّنة لصالح الرئيس العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر أو إبقاء الحكومة الحالية وإعادة تعويمها؟.
هذا الخيار هو الأقلّ سوءاً لأنّه يضمن استمرارية الحكم وإدارة الأزمة الحالية ويمنع تفاقم الأوضاع.
– الثاني: هو التفاهم على انتخاب رئيس توافقي قادر على إدارة البلاد في المرحلة المقبلة والحفاظ على التوازنات القائمة.
وهذا السيناريو يمكن تنفيذه، لكنّه يتطلّب المزيد من الجهود الداخلية والخارجية، وأمامه بعض العقبات، ومنها احتمال ذهاب بعض الأطراف الداخلية كالقوات اللبنانية ونواب التغيير والنواب السياديين إلى مقاطعة جلسات مجلس النواب وتعطيلها.
– الثالث: هو عدم تشكيل حكومة وعدم انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، الأمر الذي قد يؤدّي إلى دخول البلاد في فوضى سياسية وأمنيّة واجتماعية.
وهذا قد يفتح الباب أمام عقد مؤتمر تأسيسي جديد أو الذهاب إلى انتخاب قائد الجيش لرئاسة الجمهورية من دون الحاجة إلى تعديل دستوري في ظلّ توافق داخلي وخارجي وبالتزامن مع توقيع الاتفاق النووي وترتيب العلاقات العربية – الإيرانية.
فهل يكون شهر أيلول شهر الحرب والانفجار الداخلي؟ أو شهر التسويات وترتيب الأوضاع لوقف الانهيار؟