يستغل كيان الاحتلال اي استحقاق كان، لحل أزماته المتزايدة. وبما ان “العرب” الموجودون في الداخل المحتل يشكلون عليه عبئاً، هناك مَن بدأ ينظّر لكيفية معالجتها. وتقول صحيفة هآرتس في تقرير لها انه خلال حرب “مفترضة” مع حزب الله سيستغل الجناح اليميني داخل الحكومة لنقلهم إلى مخيم آخر. واشارت في مقال لها إلى ان هذا السيناريو “قد يحدث في إسرائيل في السنة الأولى لحكومة بن غفير -الليكود”.
النص المترجم:
في الحوار الذي يجري في المجتمع العربي حول التصويت أو عدم التصويت في الانتخابات، ليس هناك نقاش في إمكانية حدوث نكبة أخرى في إسرائيل في المستقبل القريب. حسب رأيي، يدور الحديث عن تجاهل خطير للواقع.
إذا لم يشارك معظم عرب إسرائيل في الانتخابات، فأحزاب اليمين هي التي ستشكل الحكومة القادمة. وهذا هو سبب جهد الليكود لـ”إبقاء العرب في البيوت وأن لا يذهبوا إلى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة”. إضافة إلى ذلك، كي يعود الليكود إلى الحكم، فإن الحزب المشترك بين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش يجب أن ينضم للائتلاف، لذلك سيحصل في المفاوضات الائتلافية تقريباً على كل ما سيطلبه. عندما يدخل حزب بن غفير “قوة يهودية” إلى الحكومة، قد تتدهور حياة عرب إسرائيل ومكانتهم القانونية بسرعة. ودليل ذلك، أني سأطرح سيناريو سيتم فيه طرد نحو 200 ألف شخص من عرب إسرائيل من بيوتهم في السنة المقبلة إلى مناطق “ج” في الضفة الغربية. سيتم تنفيذ الطرد بشكل مفاجئ وبسرعة خلال جولة قتال بين إسرائيل وحزب الله، ستستخدم الحرب مبرراً لهذا العمل، وستحرف انتباه وسائل الإعلام عنه. ربما لن يخرج هذا السيناريو إلى حيز التنفيذ بشكل كامل في السنة القادمة، لكنه قابل للتنفيذ، وحسب رأيي أيضاً، هو سيناريو واقعي.
يرتكز السيناريو إلى مصدرين من الواقع. الأول، قدرة لوجستية موجودة الآن في إسرائيل لإخلاء سريع ومنظم لعدد كبير من السكان المدنيين في حالة حدوث حرب أو كارثة طبيعية. الثاني، تصريحات رؤساء حزب الليكود والصهيونية الدينية والقوة اليهودية.
رؤساء الليكود والقوة اليهودية لا يحاولون إخفاء خططهم بخصوص عرب إسرائيل. وحسب تصريحاتهم العلنية، فإن رؤساء اليمين لن يقتلوا ولن يتسببوا بضرر جسدي للجمهور العربي، لكنهم سيطردون العرب مواطني إسرائيل من بيوتهم، وسيفعلون أي شيء كي لا يعودوا إليها. هذه ليست دعاية انتخابية، بل خطة عمل.
“تذكروا 1948. تذكروا حرب استقلالنا ونكبتكم”، أعلن في 23/5 من فوق منصة الكنيست وزير المالية السابق وعضو الكنيست إسرائيل كاتس (الليكود) “لا تشدوا الحبل أكثر من اللازم. إذا لم تهدأوا فسنعلمكم درساً لن تنسوه”. تعهد عضو الكنيست بن غفير بأنه سيشكل بعد دخوله إلى الحكومة “سلطة وطنية لتشجيع الهجرة” ستعمل على “إخراج أعداء إسرائيل من أرض إسرائيل” (هآرتس، 22/2/2019). وأعلن الدكتور ميخائيل بن آري من رؤساء “قوة يهودية” بأنه سيعمل على تشجيع هجرة “عرب أم الفحم الذين يرقصون على أسطح البيوت عندما يتم ذبح اليهود”. وهناك أمثلة كثيرة أخرى.
بخصوص قدرة إسرائيل اللوجستية لإخلاء سريع للسكان المدنيين، من المهم الإشارة إلى أنها غير مخصصة لطرد عرب إسرائيل. لا يوجد في وزارات الحكومة أو في الجيش خطة أو استعداد لهذه الاحتمالية. تم تطوير القدرة وتخصيصها لغرض آخر، وهو منع خسائر في الأرواح في حالة الحرب أو هزة أرضية أو في حالة كوارث أخرى، عن طريق إخلاء جماعي لسكان مدنيين الذين تضرر مكان سكنهم. ولكن يمكن استخدام هذه القدرة لطرد مئات آلاف العرب من مواطني إسرائيل إلى الضفة الغربية في فترة زمنية قصيرة. وهي احتمالية ليست خيالية. للأسف الشديد، تعتبر سراً مكشوفاً وخطة عمل لليمين المتطرف والمسيحاني في إسرائيل.
هاكم سيناريو محتملاً للطرد: 21 تشرين الثاني 2022 – تحصل حكومة إسرائيل الـ 37 على ثقة الكنيست بأغلبية 61 عضواً من ائتلاف اليمين المتطرف. ويتم تعيين سموتريتش وزيراً للدفاع، وبن غفير وزيراً للعدل، وتعيين العميد (احتياط) تسفي فوغل من القوة اليهودية، وزيراً للأمن الداخلي، وثلاثتهم أعضاء في الكابينت السياسي الأمني.
كانون الأول 2022 وحتى آذار 2023 –تزيد إسرائيل بقيادة وزير الدفاع سموتريتش عمليات القصف في سوريا قبل انتهاء آذار وبداية رمضان. إسرائيل تهاجم لبنان أيضاً.
27 آذار 2023 – في هجوم لسلاح الجو في لبنان يقتل 15 شخصاً من رجال حزب الله. ويعد نصر الله بالانتقام. في الوقت نفسه، يبدأ فرع البناء لدى الجيش الإسرائيلي وبمساعدة شركات بناء مدنية، بالأعمال لإقامة مدينة الخيام “دوتان” في سهل عرابة قرب جنين، وفي المنطقة “ج” بالضفة الغربية. والخطة إقامة مدينة فيها نحو 20 ألف خيمة وبنية تحتية لوجستية خلال خمسة أيام، لاستيعاب سكان مدنيين عددهم تقريباً 200 ألف شخص.
28 آذار 2023 – طائرة مسيرة لـ”حزب الله” تضرب قاعدة للجيش ويقتل ثمانية من الجنود. ورداً على ذلك، تشن إسرائيل عملية عسكرية في الشمال. يهاجم سلاح الجو ويقصف أهدافاً عسكرية وبنى تحتية مدنية في لبنان وسوريا. ثم تعلن إسرائيل عن تجنيد الاحتياط جزئياً. ويعلن الجيش الإسرائيلي عن حظر التجول في الضفة. ثم تستمر إقامة مدينة الخيام “دوتان”.
29 آذار 2023 – سيتم إطلاق أكثر من خمسة آلاف صاروخ في يوم واحد من لبنان نحو إسرائيل. الإصابات تلحق خسائر في الأرواح في المدن الإسرائيلية. تبدأ قوات نظامية وقوات احتياط في التحرك بقوافل من قواعد في مركز البلاد نحو الشمال. تلقى بين حين آخر زجاجات حارقة وترشق الحجارة على السيارات في الشوارع التي تمر قرب القرى العربية. وزير الأمن الداخلي فوغل سيعلن عن “نفاد الصبر” تجاه من يزعجون حركة قوات الجيش الإسرائيلي أثناء القتال في الشمال. وبمبادرة من الوزراء، بن غفير وسموتريتش، يصادق الائتلاف على إجراء سريع على تشريع طوارئ. يخول القانون الجديد الحكومة بإخلاء مواطنين إسرائيليين من مكان سكنهم، بحجة أنهم يعرضون الحركة في شوارع البلاد للخطر أو يمكن أن يعرضوها للخطر.
30 آذار 2023 – يستمر إطلاق الصواريخ على المدن في إسرائيل، ويستمر قصف سلاح في لبنان. ثم يقوم فتى ابن 12 سنة من أم الفحم بإلقاء زجاجة حارقة على سيارة عسكرية في شارع 65، وهو محور الحركة الحيوي الذي يمر في وادي عارة. تشتعل النار في السيارة، ثم يتم إلقاء القبض على الفتى. في اليوم نفسه، هو وعائلته والأشخاص الذين وقفوا إلى جانبه ولم يمنعوا الحدث، يتم طردهم إلى جنين، بالإجمال نحو 30 شخص. ثم رداً على ذلك، تعلن لجنة المتابعة العليا للجمهور العربي في إسرائيل عن الإضراب العام.
31 آذار 2023 – عقب انتهاء صلاة الجمعة، واحتجاجاً على طرد الفتى وعائلته، ينزل بضع مئات من سكان أم الفحم إلى شارع 65 ويقومون بإغلاقه. في أعقاب ذاك، يأمر وزير الأمن الداخلي فوغل ووزير الدفاع سموتريتش الشرطة والجيش بإخراج عملية “درع عيرون” إلى حيز التنفيذ في اليوم التالي، وهو إخلاء سريع لجميع سكان وادي عارة إلى مدينة الخيام “دوتان” التي في هذه الأثناء تم الانتهاء من إقامتها.
1 نيسان 2023 – في الصباح الباكر، يأتي إلى أم الفحم وإلى قرى وادي عارة نحو 400 حافلة ركاب استأجرتها وزارة الدفاع، ترافقها قوات كبيرة للشرطة وجنود حرس الحدود واثنان من ألوية الاحتياط التي جندت للعملية. تكون في يد الشرطة هناك أوامر موقعة من وزير الأمن الداخلي، تأمر جميع سكان وادي عارة بإخلاء فوري لبيوتهم.
تنتهي بعض حالات المقاومة العنيفة بإطلاق نار من قبل جنود حرس الحدود أثناء الصعود إلى الحافلات، وتتسبب بعدد من القتلى. يركب السكان الآخرون الحافلات بدون مقاومة. توزع المجندات المياه والطعام ورضاعات الأطفال على المخلين. تنطلق عملية النقل من وادي عارة وتصل إلى مدينة الخيام “دوتان” التي تقع وراء جدار الفصل في الضفة. يتم استيعاب السكان في المكان ويحصلون على رزم الطعام للـ 24 ساعة الأولى، وإسكانهم في الخيام على أساس عائلي.
3 نيسان 2023 – تستمر هجمات سلاح الجو وإطلاق الصواريخ من لبنان. عملية “درع عيرون” لإخلاء 200 ألف شخص من سكان وادي عارة إلى الضفة تنتهي بنجاح. تم الإخلاء وفقاً التالي: مدة السفر من أم الفحم إلى مدينة الخيام نحو ساعة، 400 حافلة، 40 راكب في الحافلة مع ست رحلات في اليوم لكل حافلة، تكفي لطرد نحو 200 ألف شخص خلال يومين. وزير الأمن الداخلي فوغل حذر عرب إسرائيل الآخرين من أن يكون مصيرهم مثل مصير عرب وادي عارة إذا تجرأوا على تشويش الحركة في شوارع البلاد.
إزاء الغضب والمعارضة للعملية في أرجاء العالم، يوضح وزير الدفاع وإسرائيل وجيشها بأن الأمر يتعلق بخطوة مؤقتة وحيوية لا مناص منها، وهدفها الحفاظ على محور مواصلات حيوي مفتوح أثناء القتال في الشمال، والحفاظ على أمن السكان أنفسهم الذين قد يتضررون وهم قرب الشارع. يتعهد الوزير باسم الحكومة بأن كل الذين تم إخلاؤهم يمكنهم العودة إلى بيوتهم في اللحظة التي ينتهي فيها القتال في الشمال.
4 نيسان 2023 – يعبّر الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، عن صدمة عميقة من عملية الطرد، ويضغطون على إسرائيل لإعادة المخلين إلى بيوتهم. ورداً على ذلك، يوضح بن غفير وسموتريتش بأن إسرائيل في حالة حرب، وتفعل ما فعلته أمريكا عندما دخلت إلى الحرب العالمية الثانية: أكثر من 100 ألف من السكان من أصل ياباني، معظمهم مواطنون أمريكيون من مواليد الولايات المتحدة وأشخاص يحافظون على القانون، تم إخلاؤهم مع عائلاتهم في العام 1942 إلى معسكرات حجر، التي حبسوا فيها أكثر من سنتين. الأمر تم خوفاً من مساعد المطرودين لغزو اليابان للشاطئ الغربي الأمريكي إذا حدث. وزير العدل بن غفير يضيف بأنه خلافاً للمواطنين من أصل ياباني الذين لم يفعلوا شيئاً، فإن سكان وادي عارة هم الذين جلبوا لأنفسهم الإخلاء عندما انضموا كطابور خامس خائن للقتال ضد إسرائيل.
أثناء تبادل الرسائل بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية، وحتى قبل انعقاد مجلس الأمن وجامعة الدول العربية وزعماء الاتحاد الأوروبي، واتخاذ قرارات، تم فتح مدينة الخيام “دوتان” أمام المراسلين. أعضاء الكنيست العرب وسفراء أجانب وقنوات إعلامية دولية دعوا أيضاً لزيارة المكان. “لا يوجد لدى إسرائيل ما تخفيه”، يقول الوزير بن غفير.
5 نيسان 2023 –تستعد إسرائيل للاحتفال بعيد الفصح في غضون استمرار القتال في الشمال واستمرار حظر التجول في الضفة الغربية. تظهر في النشرات الإخبارية في إسرائيل والعالم مدينة الخيام دوتان نظيفة ومنظمة، فيها مراحيض وكهرباء ومياه، وتمت إقامة مستشفى ميداني كبير قربها يضم طواقم، ومجهز بشكل جيد. وزير الدفاع سموتريتش يزور المدينة قبل العيد، ويعبر باسم الحكومة عن التزامه بسلامة ورفاه جميع المخلين. ويعد بعدم نقص أي شيء لمدينة الخيام، من طعام وكتب تعليم وحتى الحفاضات والأدوية.
27 نيسان 2023 – يستمر القتال في الشمال بقوة منخفضة، بعد أن مر عيد الفصح وعيد الاستقلال وعيد الفطر، ويتم استئناف التعليم في مدارس مدينة “دوتان” مثلما في جميع المدارس في إسرائيل. رداً على التنديدات الشديدة في إسرائيل والعالم وعلى قطع معظم علاقات الدول الإسلامية مع إسرائيل، عادت الحكومة وتعهدت بأنه يمكنهم العودة إلى بيوتهم فور انتهاء القتال في الشمال وفي اللحظة التي سيوقع فيها المخلون على تصريح ولاء جديد لدولة إسرائيل، يصوغه وزير العدل بن غفير.
أيار 2023 – ينتهي القتال في الشمال بدون حسم. مع ذلك، تتأجل عودة المخلين من وادي عارة من أسبوع إلى آخر في كل مرة بسبب أمني مختلف. وللحفاظ على البيوت وممتلكات المخلين من النهب، يحصل القيم العام على أملاك الغائبين على ملكية مؤقتة قانونية عليها.
حزيران 2023 – السلطة الوطنية لتشجيع الهجرة برئاسة عضوة الكنيست اوريت ستروك من “الصهيونية الدينية” تجتمع في جلستها الأولى. وتعلن السلطة بأن كل عائلة من المخلين من وادي عارة توافق على الهجرة من البلاد ستحصل على تعويض فوراً ونقداً بقيمة 100% من قيمة إجمالي الممتلكات المسجلة باسم أبناء العائلة في إسرائيل، دون سحب المواطنة الإسرائيلية منهم. ويوضح وزير العدل بن غفير باسم الحكومة، أنه اقتراح لفترة محدودة، دون تعهد بخصوص الترتيبات التي سيتم القيام بها فيما بعد، إذا تم القيام بها، مع العائلات التي لن تستغل الفرصة السخية التي اقترحتها دولة إسرائيل ورفضت التوقيع على إعلان الولاء.
أما الباقي فتاريخ.
كل ما قيل أعلاه قد يحدث في إسرائيل في السنة الأولى لحكومة بن غفير -الليكود. هذا غير مؤكد ولكنه محتمل، وربما معقول.
المصدر: هآرتس
الكاتب: يورام يوفال