بعيد التوصل لصيغة تفاهم بين كيان الاحتلال ولبنان، حول ترسيم الحدود البحرية بوساطة أميركية، شنت حملة مناهضة للاتفاق في الداخل المحتل، حيث اعتبره البعض انه تنازل تاريخي للبنان، فيما شن البعض الاخر حملة على الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، كونه رعا هذا الاتفاق، الذي تنازلت فيه إسرائيل عن جزء من “ارضها” حسب زعمها. وتنقل صحيفة هآرتس العبرية في مقال لها ما قاله السفير الأميركي السابق في إسرائيل، اليهودي-الأمريكي دافيد فريدمان، انه “لا أحد تخيل أن 100% من الأرض ستُنقل إلى لبنان، وصفر لإسرائيل… كنت أريد سماع كيف وصلنا إلى ذلك”.
النص المترجم:
من هو الإسرائيلي كما أرى؟ عاموس هوكشتاين. وهكذا تراه وزارة الداخلية، فهو إسرائيلي، مقدسي. وإذا سألتم الجيش فستكتشفون أنه ببساطة رجل مدرعات، لا أكثر ولا أقل. ولكن ماذا في ذلك؟ فبعد خدمته في الجيش، هاجر هوكشتاين إلى أمريكا واستوطن هناك، وفي السنوات الأخيرة عاد إلى الشرق الأوسط بقبعة أمريكية. من كثرة أمريكيته أصبح شخصاً موضوعياً إلى درجة أنه يقوم بدور الوسيط الأمريكي بين إسرائيل ولبنان في اتفاقيات الغاز في هذه الأثناء. فجأة، يستيقظ إسرائيلي في الصباح ويشعر بأنه وسيط أمريكي ويبدأ في السير.
في النقاشات الصاخبة عبر وسائل الإعلام، مع وضد اتفاق الغاز مع لبنان، لم تصادفني أي إشارة إلى تناقض بوضع الوساطة الأمريكية بين الدولتين في يد رجل مدرعات إسرائيلي (العفو، أمريكي من أصل إسرائيلي). لم يحاول أحد إخفاء هذا التفصيل في هذه السيرة الذاتية. في “واي نت” مثلاً احتفلوا بقصته المذهلة بعنوان مشجع، “رجل بايدن، هكذا تحول رجل المدرعات الإسرائيلي إلى وسيط أمريكي في اتفاقيات الغاز”.
أتساءل ما إذا كان وسيط أمريكي ولد في بيروت وخدم في حزب الله سيستقبل بنفس الارتياح، أو إذا كان سيحظى بعناوين ممتعة مثل هذه عن قصته المذهلة لمطلق الصواريخ من حزب الله الذي هاجر إلى الولايات المتحدة وأصبح وسيطاً أمريكياً. وما لا يقل عن ذلك غرابة هو أن أحد الانتقادات القاسية للاتفاق جاء من وسيط أمريكي موضوعي آخر، وهو السفير السابق الأمريكي في إسرائيل، اليهودي-الأمريكي دافيد فريدمان. فقد احتج في تغريدة له على أن تجربته لسنوات في التوسط بين إسرائيل ولبنان، وحتى “لا أحد تخيل أن 100% من الأرض ستُنقل إلى لبنان، وصفر لإسرائيل… كنت أريد سماع كيف وصلنا إلى ذلك”.
حديث فريدمان بلغة الجمع معروف في الخطاب الإسرائيلي. وهو حتى لا يحاول إخفاء تأييده لإسرائيل. ربما أرسل التغريدة من بيته في شارع بنسكر في الطالبية، وهو البيت الذي اشتراه قبل فترة طويلة من تعيينه سفيراً، كرد صهيوني مناسب على العملية في مقهى هيلل التي قتلت فيها قريبة له. كنوع من خطوة الاستقواء الشخصي التي جاءت للإثبات بأن العمليات الإرهابية لن تجعل اليهود ينسحبون من القدس، قال في مقابلة مع مصدر أول، في السنة الماضية. في المقابلة نفسها، قال إنه لا يحوز جنسية إسرائيلية. لكن ربما يتغير هذا في المستقبل، كتبت الصحيفة ووصفت رائحة شوربة الدجاج التي تطبخها زوجته تامي للأحفاد الذين يمكن أن يأتوا.
منذ فترة غير بعيدة، أغلق هذا الجد المقدسي اللطيف مؤتمر المحافظين في إسرائيل، وحاول تشجيع إسرائيل على تحمل المسؤولية عن مصيرها وعلى ضم الأراضي التي تعتبر أنه من المناسب ضمها. وتحدث عن الانفعال في منزل والديه عندما حرر جيش الدفاع الإسرائيلي القدس، واعترف بأنه لم يدرك أهمية هذا الحدث إلا عندما حمل التوراة جانب حائط المبكى. واعترف أيضاً بأنه كان دائماً يدافع باستقامة عن العاصمة الأبدية القدس. ربما يكون فريدمان شاباً على كيفك، لكنه موضوعي مثل القناة 14.
لذلك، كم كان منافقاً توبيخ إدارة بايدن لمحمود عباس، وكم كانت قليلة استقامتها في إظهار خيبة أملها منه بعد أن قال في لقائه مع الرئيس الروسي، بوتين، بأن الفلسطينيين “لا يثقون بالولايات المتحدة” وأنهم غير معنيين بمساعدة من الولايات المتحدة فقط في جهود حل النزاع مع إسرائيل.
لقد حان الوقت لوقف مهزلة الوساطة الأمريكية في الوقت الذي تتكون فيه فعليا من اليهود الأمريكيين، بعضهم إسرائيليون سابقون أو لاحقون. إذا كانت أمريكا طرفاً في النزاع فعليها قول ذلك، ويجب أن تدير المفاوضات وكأن إسرائيل إحدى رعاياها. وإذا أرادت أن تكون وسيطاً موضوعياً، عندها، بربكم، هل سيكون الوسيط هو عاموس هوكشتاين أو دافيد فريدمان؟ على من تضحكون؟
المصدر: هآرتس
الكاتب: كارولينا ليندسمان