في 18 تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية تحقيقاً، يكشف عن تعاون سري بين جنرالات وأدميرالات متعاقدين في الجيش الأميركي واحد مراكز القرار في السعودية. لم يكن هذا الوجود مستغرباً لدى كثيرين. اذ ان الهيمنة الأميركية في المملكة راسخة منذ عقود. لكن ما يثير التساؤلات، هو مصير هؤلاء بعيد توتر العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية منذ وصول الرئيس الأميركي، جو بايدن إلى البيت الأبيض.
وأفاد التحقيق، ان حوالي 500 من الجنرالات والعسكريين الأميركيين يتولون وظائف مربحة منذ العام 2015 -بعيد حرب اليمن بأشهر- للعمل كمستشارين (منهم 15 جنرالاً لدى وزارة الدفاع السعودية). ووصفت الدولة التي يعملون بها بأنها “تعرف بانتهاكها لحقوق الانسان والقمع السياسي”.
وبحسب الصحيفة، “فإن أكثر من 4000 صفحة من الوثائق التي حصلت عليها بعد دعاوى قضائية رفعتها ضد المؤسسات الرسمية الأميركية… ومن بين المستشارين الذي يتقاضون رواتب خيالية -تتجاوز الـ 7 ملايين دولار في بعض الأحيان- “الجنرال المتقاعد في مشاة البحرية ومستشار الأمن القومي للرئيس الأسبق باراك أوباما جيمس إل جونز، والجنرال المتقاعد في الجيش كيث ألكسندر، الذي قاد وكالة الأمن القومي في عهد أوباما والرئيس جورج دبليو بوش”.
ويقول تشارلز بيرسون، انه حتى بعد عملية اغتيال الصحفي المعارض، جمال خاشقجي، استمرت عملية التوظيف تلك. ومن بينهم جنرال متقاعد من القوات الجوية من فئة الأربع نجوم، وقائد سابق للقوات الأميركية في أفغانستان. مشيراً إلى ان “معظم الموظفين الأميركيين المتقاعدين عملوا كمقاولين مدنيين للسعودية والإمارات وغيرهما من دول الخليج، حيث لعبوا أدواراً حاسمة، وإن كانت غير مرئية إلى حد كبير، في تطوير جيوش هذه الدول”.
وبحسب صحيفة “واشنطن بوست”، فإنّ “عملية تعيين أفراد عسكريين أميركيين متقاعدين بسبب خبراتهم ونفوذهم السياسي تسارعت خلال العقد الماضي، حيث تعزز بلدان الخليج الغنية بالنفط الإنفاق الدفاعي، وعزّزت شراكاتها الأمنية مع البنتاغون”.
وذكرت الصحيفة أنّه “على سبيل المثال، استأجرت السعودية جندياً بحرياً سابقاً للعمل كمستشار للعمليات الخاصة مقابل 258 ألف دولار في السنة، وقدمت الإمارات كذلك حزم تعويضات سنوية تزيد قيمتها على 200 ألف دولار أميركي لطياري طائرات الهليكوبتر و120 ألف دولار لميكانيكيي الطائرات”.
وتأتي هذه التسريبات، في وقت تشهد فيه العلاقات الأميركية- السعودية توتراً متزايداً، بعد إعلان منظمة “أوبك بلس”، عن أكبر تخفيض لإنتاج النفط خلال العامين المنصرمين بمقدار 2 مليون برميل يومياً.
تتزايد التوترات بين الجانبين في وقت شديد الحساسية لكليهما. ففي الوقت الذي ينتظر فيه الرئيس الأميركي موعد اجراء الانتخابات النيابية، يحاول ولي العهد تهيئة الظروف المناسبة لتوليه الحكم بعد أبيه الملك سلمان. لكن الأمر عينه، لا يمكن ان ينفصل عن حقيقة واحدة، ان الهيمنة الأميركية في المملكة راسخة، حتى لو تعرضت العلاقات بين الجانبين لبعض من التحديات. فهي لم تكن يوماً، بهدف انسلاخ الرياض عن الفلك الأميركي، انما معضلات بين تياري الحكم في واشنطن، الديموقراطيين والجمهوريين.
الكاتب: غرفة التحرير