لم تُصادر السعودية “قرار الحرب” من يد مختلف القوى اليمنية التي تدور في فلكها. اذ ان القرار عينه، لم يكن يوماً، بيد هؤلاء. وعلى الرغم من محاولات إخفاء هذا الأمر طيلة السنوات الماضية، إلا انه طفى على السطح أخيراً، في ظل الأحداث المتعاقبة التي تشهدها الساحة اليمنية. حيث تزامن اعلان المجلس الانتقالي “فك الارتباط” مع صنعاء، بمختلف الاتفاقيات بما فيها اتفاق ستوكهولم والهدنة، وقرار ما يسمى “مجلس الدفاع الوطني” بتصنيف حركة أنصار الله، “منظمة إرهابية”، من جهة أخرى، مع افراج “التحالف” عن 4 سفن نفطية. وبالتالي، فقد ذكّرت السعودية، الأول، بأن الاتفاقيات قد تمت بين صنعاء والرياض وليس بين صنعاء وعدن، وأخبرت، الآخر، بأن ما يجري في الميدان هو ما يرسم ملامح المرحلة المقبلة.
تستمر الخريطة الميدانية والسياسية اليمنية في التحوّل. وان كان الدعم السعودي للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، مفتوح على جميع الخيارات. تجرد الرياض اليوم، مجلس القيادة الرئاسي من مختلف الامتيازات، حتى تلك التي تتعلق باتخاذ قرارات داخلية بسيطة في قصر المعاشيق وكيفية حمايته، او قرارات السفر والتنقل. ولسوء حظ رئيس المجلس، رشاد العليمي، ان صنعاء تدرك ذلك جيداً. وتغطية لهذه الفجوة، يلجأ المجلس وحكومة معين عبد الملك في عدن، إلى واردات النفط والغاز، لتأمين رواتب التابعين لهم من المرتزقة. وبالتالي، لا يملك مجلس القيادة الرئاسي -الذي يفتقد للحاضنة الشعبية- القوة العسكرية لحماية مصالحه في حضرموت وشبوة ومأرب. وانطلاقاً من هذا الواقع، ستكون خسارة المجلس لنفط حضرموت ومأرب وشبوة، (لن تستنزف الرياض ما كسبته الفترة الماضية من الهدنة في إعادة التصعيد في إحدى هذه المحافظات) الضربة القاضية التي ستكون أحد أهم اسباب التسوية بين الرياض وصنعاء، مع عدم قدرة الأول على الصمود دون الإيرادات المالية.
بالنسبة للمجلس الانتقالي الجنوبي، تبيّن عدم قدرته على تصدير الغاز من منشأة بلحاف، رغم سيطرة القوات الإماراتية عليه، انه منزوع الصلاحيات. وعلى الرغم من ان الحراك الجنوبي، يدعو منذ انطلاقته لضرورة استعادة الثروات المنهوبة، تحوّل الانتقالي اليوم، إلى “شاهد زور” على عمليات النهب، بل مشاركاً فيها ايضاً، بتأمين الحماية، ولا يعطى من إيراداتها إلا ما يكفي لقوته العسكرية، شأنه شأن قوات المرتزقة الأخرى.
وتزيد الخلافات بين القوى العسكرية المشهد سوءاً، بالنسبة للميلشيات التي لا تلقى دعماً عسكرياً في الآونة الأخيرة. اذ أعلن حزب الإصلاح عن تشكيل قوة من أبناء حضرموت تمهيداً لإعلان مجلس عسكري في المحافظة.. ولفت القيادي في الحزب، صلاح باتيس، إلى ان هذه الخطوة تأتي بهدف منع ميليشيا “الانتقالي” من السيطرة على حضرموت على غرار شبوة، في ظل تصعيد الأخير وممارسته كافة أنواع الضغوط، من أجل إخراج مقاتلي ما يسمى المنطقة العسكرية الأولى الواقعة تحت سيطرة الحزب من مديريات الوادي والصحراء.
بالمقابل، كشفت مصادر مطلعة على انه رداً على قرار صنعاء الأخير الذي يقضي بمنع عمليات تصدير النفط والغاز، قبيل التوصل لحل بملف المرتبات، تحاول حكومة عدن، الالتفاف على قرار “حظر نهب الثروات الذي اتخذته صنعاء وذلك من خلال البحث عن منافذ برية لتهريب النفط”. ويؤكد نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي، العميد عبدالله بن عامر، المعلومات الواردة، بأن “حكومة المرتزقة تدرس مقترحاً لتهريب النفط الخام براً باتجاه السعودية عبر القاطرات”. لافتاً إلى ان هذا الخيار سيكون مكلفاً للغاية وغير عملي.
وبعيد العملية الأخيرة التي أعلن عنها المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، باستهداف ميناء الضبة، أفادت مصادر ميدانية بسماع إطلاق نار كثيف من المضادات الجوية في ميناء المُكلا في حضرموت، يوم أمس الثلاثاء. مشيرة إلى ان “إطلاق النار يأتي بعد تحليق مسيّرة فوق الميناء، بالتزامن مع وصول باخرة نفطية للتحالف السعودي… وهذا ما أدى إلى حدوث حالة إرباك كبيرة في الميناء، قبل إغلاقه وقطع الكهرباء”.
الكاتب: مريم السبلاني