خلال ساعة واحدة، قتل جيش الاحتلال 49 فلسطينياً بينهم 15 امرأة و11 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 8 و15 عاماً، اذ أطلق الجنود النار دون تمييز وبشكل عشوائي في إطار عمليات التطهير العرقي وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه الذي احتلها الكيان الإسرائيلي عام 1948.
وقعت هذه المجزرة في قرية “كفر قاسم” في الداخل الفلسطيني المحتل، وفي اليوم الأول للعدوان الثلاثي البريطاني – الفرنسي – الإسرائيلي على مصر عام 1956 عقب اتخاذ تأميم الزعيم المصري جمال عبد الناصر لقناة السويس.
حسب خطة العدوان المعدّة بين الأطراف المشاركة، يبدأ الاحتلال غزوها لسيناء صباح التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول / أكتوبر من تلك السنة. لكنّ مسؤولي جيش الاحتلال كانوا يخشون أن تنضم الأردن وتدعم مصر عسكرياً في الحرب. لذلك حشد الجيش على الحدود الفلسطينية الأردنية وفرضوا حظر تجوّل في المناطق وخاصة القريبة من الحدود ومن بينها: كفر قاسم، الطيرة، كفر برا، جلجولية، الطيبة، قلنسوة، بير السكة وإبثان.
لكن ذلك لا ينفي أن الاحتلال تعمّد ارتكاب المجزرة ضمن خطة حملت اسم “خلد” والتي تهدف الى ترحيل الفلسطينيين من ما يسمى “المثلث الحدودي” (بين أراضي الـ 1948 والضفة الغربية التي كانت آنذاك جزءًا من الأردن). وهو ما نشره الاعلام العبري حول بروتوكولات سرية لمحاكمة ضباط وجنود جيش الاحتلال وعناصر حرس الحدود الذين شاركوا في ارتكاب مجزرة كفر قاسم. وقد نشر الصحافي والكاتب اليهودي روبيك روزينطال كتابه “كفر قاسم: الأحداث والخرافة” تحدّث فيه عن خطة لتفريغ القرى العربية الحدودية في منطقة “المثلث” من السكان.
حظر التجوّل اذلي فرضه جيش الاحتلال، لم يتبلغ به سكان قرية كفر قاسم الا قبل نصف ساعة فقط من سريان مفعوله. كان بعض أهالي القرية في أعمالهم المختلفة داخل أراضيهم والبعض الآخر يعود من عمله خارج القرية اليها. وكانت الأوامر لدى جنود الاحتلال بأن “عليهم إطلاق النار بنية القتل على كل إنسان يُشاهَد بعد الساعة الخامسة عصراً خارج البيت، من دون تفريق بين رجال ونساء وأولاد وعائدين من خارج القرية”. لذا كانت “التهمة” متعمّدة ومخطط لها مسبقاً لإيقاع الفلسطينيين في الفخ عبر زعم تجاوزهم للقيود “المفروضة” اسرائيلياً. 0
تنقل هذه البروتوكولات التي كُشف عنها حديث دار بين قائد سرية حرس الحدود في جيش الاحتلال آنذاك، حاييم ليفي، وبين أحد المحامين، خلال إدلاء الأخير بشهادته في التحقيقيات عام 1957 إدلائه بشهادته في التحقيقات شهادته أمام المحكمة، عام 1957. سُئل ليفي: “كيف بإمكانك القول أن شخصاً ما قال لك أن تقتل أشخاصاً لا يعلمون بوجود حظر تجول؟”. فأجاب ليفي: “لأنه صدر أمر عسكري كهذا لي”.
تعمل حكومات الاحتلال المتعاقبة منذ تاريخ المجزرة على التعميم عليها وجعلها في الرفوف المنسية لتاريخ الكيان الإسرائيلي، فإن ما سمحت محاكم الاحتلال بنشره حول تفاصيل التحقيقات لا يعدّ الا القليل من أكثر من ألفي صفحة من الوثائق السرية التي لا يسمح بنشرها.
لم يكتف الاحتلال بسياسة التعتيم فقط، بل إن كلّ المحاكمات التي جرت للضباط المتورطين بقتل هؤلاء الفلسطينيين كانت شكلية وقد أخلي سبيل جميع الجنود بعد أقل من 3 سنوات بل وجرى “تعويض” بعضهم بالوظائف في مستويات الاحتلال.
اليوم بعد مرور 66 عاماً على مجزرة كفر قاسم أكدت حركة المقاومة الإسلامية – حماس في بيان لها أن “مجازر الاحتلال لن تسقط بالتقادم، والشعب الفلسطيني لن ينساها، وسيواصل طريقه في المقاومة والنضال، حتّى تحرير أرضه والعودة إليها”.
الكاتب: غرفة التحرير