الانتخابات الاسرائيلية
لم ينجح بعد أي من الأطراف الإسرائيلية في حسم الأكثرية للفوز في الانتخابات التي تجرى للمرة الخامسة منذ عام 2019. فعلى بعد أيام من الاستحقاق، لا تزال التحالفات غير واضحة، ويعتري الكيان مستوى عال من الفوضى. وتقول صحيفة يديعوت احرنوت بهذا الصدد، “سنعود إلى نقطة البداية لحملة الانتخابات الأولى. ومرة أخرى، لا يوجد حسم، وإن أياً من الأطراف لا ينجح في تشكيل حكومة. في الفوضى السياسية المتبقية، فإن الانتخابات السادسة تصبح هي الإمكانية الأكثر واقعية”.
النص المترجم:
قبل 4 أيام من الانتخابات، يركز المرشحون والأحزاب كل جهد ممكن في محاولات أخيرة لإقناع المترددين، وإبقاء المراوحين، وليكونوا جاهزين قدر الإمكان من ناحية لوجستية ليوم الانتخابات من حيث القيادات، والميدان، والهواتف ومركزيات الاتصالات وشبكة تسفير المقترعين والاستعداد لحملات النجدة في اللحظة الأخيرة. لكن بالتوازي، يفكر قادة الأحزاب ومستشاروهم الآن ويخططون لليوم التالي، ويفحصون خريطة المقاعد التي تنشأ عن الاستطلاعات العميقة ويحسبون كيف سينجحون في تشكيل حكومة تصمد بل وتنجح في أداء مهامها وتقوم الخطى في السنوات الأربع التالية. هل يأتي من ينجح في ذلك؟ ثمة سيناريوهات عدة محتملة بارزة.
إذا ما وصلت الأحزاب الأربعة المؤيدة لنتنياهو – الليكود، والصهيونية الدينية، وشاس، ويهدوت هتوراة – معاً على 61 مقعداً أو أكثر فسيتمكن من تشكيل حكومة يمين ضيقة. وقد أعلن النائب بن غفير أنه في مثل هذه الحكومة سيتولى “خمسة بن غفيريين مناصب وزراء”، على حد تعبيره. يدور الحديث عن حكومة منسجمة ظاهراً، ولكن مع إمكانية كبيرة للصدام في كل ما يتعلق بإدارة شؤون الدولة.
من كل الإمكانات، على الأقل حسب الاستطلاعات، ستكون هذه الحكومة من أعلى الاحتمالات، بشكل نسبي. “بيض” نتنياهو بن غفير وعظم قوته على مدى السنة الأخيرة، بل وأعلن أمس بأنه سيكون شريكاً مركزياً وسيتولى منصب وزير في حكومته، وهي فكرة كان قد تحفظ منها في الماضي. لكن من المشكوك أن تكون هي الحكومة التي يحلم بها نتنياهو الذي يخشى من أن يتحداه اليمين في مواضيع الاستيطان والصقرية الأمنية. من ناحية نتنياهو، فإن حكومة يمين كلي هي أهون الشرور. وكما أسلفنا، ومع غياب خيارات أخرى، فإن إقامة حكومة 61 برئاسة نتنياهو هي السيناريو ذو الاحتمالات الأعلى للتحقق.
وعد نتنياهو في عدة حملات انتخابية بأنه لن يقيم إلا حكومة يمين. أما عملياً، فقد فضل دوماً إقامة حكومة وحدة مع الوسط – اليسار. في الـ 13 سنة الأخيرة، أقام حكومة مع إيهود باراك، وتسيبي لفني، ويئير لبيد وبيني غانتس. كما أدار اتصالات متقدمة جداً مع قادة حزب العمل السابق، إسحق هرتسوغ (بعد انتخابات 2015)، وآفي غباي (قبل لحظة من انتهاء موعد تفويضه في الجولة أ)، لكن الاتصالات لم تنجح.
دخل نتنياهو إلى حكومة الوحدة التي أقيمت مع أزرق – أبيض بعد الجولة ج، والتي عللت بخطر كورونا والخوف من فوضى حملة انتخابات رابعة، هذا رغم إعلانه ألا يتعاون مع بيني غانتس. هذه المرة أيضاً، فإن إمكانية إقامة حكومة وحدة كهذه لا تزال قائمة على الورق، غير أن غانتس تعهد أيضاً ألا يقع في مغامرة أخرى مع نتنياهو، فما بالك أنه يتنافس في قائمة واحدة مع جدعون ساعر، الذي هو من كبار المعارضين لرئيس الليكود. وعليه، فإن احتمال إقامة حكومة كهذه متدن.
أعلن رئيس الوزراء يئير لبيد بأن الحزب العربي الجبهة العربية (بقايا القائمة المشتركة) لن يكون جزءاً من حكومته بأي حال. سئل عن كيف سيشكل الحكومة، فأجاب بغموض: “سنعرف كيف سنقيم حكومة بعد معرفة نتائج الانتخابات”. لكن الأعداد، حسب الاستطلاعات على الأقل، لا تتجمع إلى أغلبية 61 مقعداً. على الورق، يمكن للبيد أن يشكل حكومة أقلية بتأييد من الخارج من جانب الجبهة – العربية، على افتراض أن هذه القائمة ستجتاز نسبة الحسم. غير أن حكومة أقلية هي بمثابة حكومة مؤقتة يتعذر إدارتها، ناهيك عن صعوبة رؤية لبيد يجيد لغة مشتركة مع أيمن عودة وأحمد الطيبي، وبالتالي فإن مثل هذا السيناريو متدن جداً.
إذا لم ينجح نتنياهو في الوصول إلى 61 مقعداً، فسيسمح للبيد بالبقاء رئيساً لحكومة انتقالية (في الحالة السيئة من ناحيته)، أو محاولة إقامة حكومة وحدة. في حالة لم يصل نتنياهو إلى العدد المنشود، سيكون الهدف محاولة تفكيك كتلته وأخذ أحزاب أو منسحبين منه لينضموا إلى معسكر لبيد.
يدعي وزير المالية افيغدور ليبرمان في مقابلة مع يديعوت أحرونوت بأنه إذا لم يصل نتنياهو إلى 61 مقعداً، فسيحدث انفجار سياسي في الليكود؛ أي انسحاب نواب من الكتلة أو الإطاحة بنتنياهو من رئاسة الحزب. يبدو هذا السيناريو خيالياً، وعليه فإن احتمال نجاح خطوة كهذه هو بين متدن وصفري.
إلى جانب ذلك، ستكون هذه هي المرة الأخرى التي لا ينجح فيها نتنياهو في تشكيل ائتلاف، حقيقة يمكنها أن تؤثر على صبر شركائه في الكتلة. الإجابة عن هذه الإمكانية معلقة بمسألة إذا ما كسر الشركاء الكتلة هذه المرة بخلاف موقف مقترعيهم أو واصلوا إعطاءه بوليصة تأمين سياسية. عملياً، احتمال مثل هذا السيناريو متدن حتى غير موجود.
يدير رئيس المعسكر الرسمي، وزير الدفاع بيني غانتس، حملة في الأشهر الأخيرة يمكنه بموجبها إخراج دولة إسرائيل من المأزق السياسي ويشكل حكومة مع حزب واحد أو أكثر من الكتلة المضادة. وهو يقصد الأحزاب الحريدية، وهو بالفعل يعد مقرباً من ممثليها أكثر من كل زعماء الأحزاب الأخرى في حكومة بينيت – لبيد. وهو يدير حواراً مع ممثليهم ويزور المدارس الدينية ومنازل الحاخاميين الهامين. في الأيام الأخيرة، وخصوصاً بسبب ضغط نتنياهو، أجابه زعماء الأحزاب الحريدية بكتف باردة وقالوا إنهم لن يشكلوا معه حكومة بأي حال.
فضلاً عن ذلك، فإن الارتباط الثلاثي غانتس – ساعر – آيزنكوت، لم يقفز إلى المعسكر الرسمي الذي بقي في الاستطلاعات عند عدد مقاعد أدنى مما توقع. إضافة إلى ذلك، حكومة كهذه تحتاج إلى متغيرات كثيرة لا تتدبر أمرها. إن شراكة ائتلافية كهذه بين خصوم أو زعماء أحزاب ذات مقاعد أكثر من المعسكر الرسمي، توافق على الجلوس تحت قيادته. بمعنى أن احتمال ذلك يكاد لا يكون قائماً.
نعود إلى نقطة البداية لحملة الانتخابات الأولى، في الجولة الأولى من نيسان 2019. ومرة أخرى، لا يوجد حسم، وإن أياً من الأطراف لا ينجح في تشكيل حكومة. في الفوضى السياسية المتبقية، فإن الانتخابات السادسة تصبح هي الإمكانية الأكثر واقعية، واحتمال ذلك متوسط – عال. لا يتبقى سوى الصلاة كي نتبين مخطئين.
المصدر: يديعوت أحرونوت
الكاتب: يوفال كارني