كتبت النهار
على “وجاهة” اثارة موضوعي انعقاد جلسات استثنائية لمجلس الوزراء وجلسات تشريع الضرورة لمجلس النواب في ظل الفراغ الرئاسي من الزاوية الميثاقية التي تعني بوضوح اعتراض المسيحيين على قيادة أحادية للمسلمين في المؤسسات الدستورية ، ترانا لا نتمالك انفسنا مع الوف مؤلفة من اللبنانيين عن السخرية الى اقصى الحدود من دوامات العقم هذه . ونقول العقم لئلا نتوغل الى الأسوأ في سلوكيات قوى سياسية ما فتئت على رغم انفجار الازدواجية الفاقعة التي تحكم سياساتها واتجاهاتها تمعن في الاستثمار في أزمات غالبا ما تتحمل معظم أسبابها وتبعاتها .
يمكن تفهم وتبرير اعتراضات سياسية ونيابية على جلسات حكومية وتشريعية بداعي الضغط لملء الفراغ الرئاسي أولا وكأولوية لا يجوز التسامح مع مسببيها متى جاء الاعتراض من قوى معارضة أساسا ومنخرطة تماما في معركة اثبات الطابع الدستوري الكامل لمواجهتها القوى الانقلابية المعطلة لانتخاب رئيس الجمهورية .
يمكن تفهم وتبرير بل وتحفيز الرفض الظرفي لجلسات حكومية وتشريعية متى استشم منها نزعات استئثار في السلطة من جانب شركاء في الدولة ، ولا نقول مسلمين ولا مسيحيين لان الطابع الدستوري للمعركة يحتم تجنب اسباغ الطابع الطائفي الى حدود قصوى لئلا يستفاد منه في اخذ البلاد الى مزيد من تعميق الانقسام وتضييع الهدف المركزي في اسقاط مخطط الفراغ الايل الى تقويض اخر ركائز النظام الدستوري .
لكن ان تغدو قضية انعقاد الجلسات الحكومية وجلسات تشريع الضرورة لدواع طارئة تبررها حالات الضرورة الملحة للمواطنين السبيل الأمثل للاستثمار الطائفي في ازمة الفرغ فهو ما يتعين على قوى المعارضة الحقيقية التي تقود معركة الاستحقاق الرئاسي بكل ما تملك من وسائل متاحة ان تتجنب تقديم خدماتها في هذا الفخ الى القوى الشريكة لتحالف الفراغ . ذلك ان ثمة ما يتجاوز السخرية في نظرة الناس الى منع جلسة حكومية يفترض ان تنعقد لصرف الأموال الطارئة للمستشفيات والأدوية المستعصية وسواها من أبواب انفاق أساسية فيما لا يمنع العبث المتمادي في إبقاء دولة على قارعة الاهتراء المتدحرج تباعا وصولا الى الفوضى الكاملة . ما بين قوى 8 اذار والتيار العوني شراكة “مصير ومسار” في التعطيل من جهة وتوظيف التعطيل ومفاعيله من جهة أخرى .
يعطلون “ميثاقيا” بوحدة حال مسيحية – إسلامية وينبري الان التيار العوني لاكمال الافضال “التاريخية” لعهده الافل باطلاق نفير الاستنفار الطائفي حيال جلسة لمجلس الوزراء وكأن الرئاسة الأولى تتهدد فقط عند هذا المفترق ولا احد يسائله من ولماذا والى متى يجري تعطيل الرئاسة حاليا وماذا فعلتم في السابق واللاحق مع شركائكم بمنصب الرئاسة ؟ هذه “الميثاقية” التعطيلية الانقلابية التي يتولاها حلف التعطيل والفراغ يتعين ان تواجه بمنطق مختلف لا يستدرج الى حيث يريد التحالف التعطيلي من المعارضة ان تنزلق اليه أي الى المنزلق الطائفي . حتى المعايير الدستورية الصرفة بات يصعب الاحتكام اليها وحدها بمعزل عن وقائع الانهيار الموروث من العهد الافل . ثمة معايير موجعة ومخيفة تعتصر حياة اللبنانيين ومعيشتهم وسط احدى اشد المآسي التي يكابدها شعب في العالم .
“ميثاقية” اللبنانيين اليوم هي في وحدة الكارثة أولا وأخيرا . أي فارق في ميثاقية فوضى وتخلف وفساد يدفع ثمنها الناس تحت طوفان غمر جونية وساحل كسروان وجبيل وفوضى وتخلف وفساد يطبع الضاحية الجنوبية وطرابلس وبعلبك ؟ هذه نماذج يوميات عن لبنان في ظل افدح ازدواجية متفجرة تحكمه …فاحذروا هذه الميثاقية !