في 2 أيار/ مايو عام 2018 قالت صحيفة هآرتس العبرية في مقال ردت فيه على ما وصفته بـ الخطاب الدرامي الذي القاه نتنياهو في 30 نيسان/ ابريل من العام نفسه، “هناك شيء لا يرغب نتنياهو في رؤيته: إيران تتفوّق على إسرائيل في تصنيفات البحث العلمي”. لم تكن هذه المرة الأولى التي يسلط فيها الاعلام العبري على التقدم العلمي في إيران، بل جاء ضمن سلسلة من المقالات والأبحاث الاسرائيلية التي صدرت، وكان من ضمنها ما نشرته القناة الثانية الإسرائيلية، التي علّقت على التقدم العلمي الإيراني بأنه “يثير قلق القياديين في الاستخبارات العسكرية والمؤسسة الأمنية”.
وقالت هآرتس في تقريرها ان “إيران تجاوزت إسرائيل بالفعل وبهامش كبير: على مدى العقدين الماضيين. بذلت إيران جهودًا كبيرة لتصبح قوة عظمى علمية، وارتفعت إنتاجيتها في مجال البحث والتطوير بشكل كبير، تاركة إسرائيل وراءها بما يتعلق بإجراءات البحث العلمي”.
الأولى في الشرق الأوسط
وأضاف الصحفي الإسرائيلي، داتئيل ليئور، أنه “قبل عشرين عاما كانت إسرائيل رائدة البحث العلمي في الشرق الأوسط. ومنذ ذلك الحين تراجعت إلى المركز الرابع في الشرق الأوسط بعد إيران وتركيا… تتصدر إيران الآن عدد المقالات العلمية في العديد من المجالات، مثل الفيزياء والبيولوجيا والكيمياء وإدارة الأعمال والأبحاث الاقتصادية”. مشيراً إلى انه “في عام 1996، نشر الإيرانيون 960 مقالاً علمياً فقط مقارنة بنحو 10 آلاف مقال لإسرائيلي. منذ ذلك الحين، ارتفعت الأرقام الإيرانية إلى حوالي 41000 سنوياً”.
لم يفت ليئور أمر الصعوبات التي تكتنف طهران منذ أكثر من 40 عاماً، وقال انه “حتى في الوقت الذي وجدت فيه إيران صعوبة في تطوير مثل هذه العلاقات بسبب العقوبات الغربية ضد البلاد، كانت تستمر في الانفاق على البحوث العلمية والعلماء”.
وبناء على البيانات مأخوذة من مجلة SCImago Journal وCountry Rank استنادًا إلى قاعدة بيانات Scopus للعلوم والتكنولوجيا، ان الجهد العلمي الإيراني يتقدم بمعدل نمو 11 ضعف المتوسط العالمي. تظهر الإحصائيات أن إيران تتحرك أسرع من أي دولة أخرى في العالم في اتجاه تقدم العلوم والتكنولوجيا. لهذا السبب تضاعف نصيب إيران من الإنتاج العلمي العالمي أكثر من الضعف مقارنة بعدد سكان البلاد.
وفقًا لمجلة “ساينس”، تحقق إيران معدل نمو علمي 4.10٪. في عام 2019، احتلت المرتبة الثانية بين أفضل 25 دولة في العالم ضمن هذا الإطار.
أكثر من 74 ألف مقال بحثي سنوياً
وطبقاً لما نشر على منصة Science Metrix، و”SCImago، احتلت إيران المرتبة 54 عالميًا عام 1996، فيما زادت الوثائق العلمية للبلاد عام 2020 إلى 74440 مقال بحثي. ومقارنة مع أواخر تسعينيات القرن الماضي، فقد كان النمو 57.86 مرة.
وبالنسبة لمعدل الاقتباس من المقالات العلمية الإيرانية، يشير قياس جودة المقالات في العالم، ISI، أنه في عام 2007، هناك 56 مقالًا من إجمالي أفضل المقالات في العالم تخص إيران، والمدرجة على لائحة الأكثر اقتباساً. في حين وصل العدد عام 2019 إلى 473 مقالة؛ هذا يعني ان العدد تضاعف ثمانية أضعاف تقريباً.
(الارتقاء من المرتبة 53 في العلوم الكيميائية إلى المرتبة 16)
عام 2015 حذر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، اللواء هرتسي هليفي من التقدم التكنولوجي الإيراني قائلًا “تسألونني إن كانت الحرب ستنشب بيننا وبين إيران خلال الأعوام العشرة المقبلة، وإجابتي ستكون مفاجئة لكم، فنحن نخوض حرباً مع إيران، إلا أنها ليست حرباً عسكرية مباشرة، بل هي حرب تكنولوجية، إذ إن مهندسينا يقاتلون المهندسين الإيرانيين اليوم، وهذه الحرب ستتحول إلى أكثر ضراوة لاحقاً”.
يعد التقدم العملي ميدانياً آخر للحروب ايضاً. وقد كشفت العقوبات الأميركية- الغربية المفروضة على ايران، والتي طالت عدد من مراكز الأبحاث إضافة لعلماء نوويين ومهندسين وغيرهم، ان السعي لتطويق طهران في كافة المجالات هو استراتيجية لم تسقط بالتقادم. إلا ان ايران وكما عمدت إلى تذليل العقبات في مختلف المجالات، أثبتت مجدداً انها قادرة على تطويع الظروف لصالحها.
الكاتب: غرفة التحرير