تحاول السعودية أن تلمع صورتها الإرهابية أمام العالم، من خلال غربنة البلاد أي تحويلها إلى نموذج غربي، قائم على الميوعة والحفلات الماجنة والتغريب عن الإسلام وغيرها، كل ذلك لكي تقول أنها متحضرة وغير قائمة على حكم الاسرة الدكتاتورية، فيما سجل الجرائم لديها معروف عبر التاريخ. قرأ الغرب هذا التاريخ، إلا أنه تغاضى عنه نتيجة إمتلاك السعودية للنفط والمال، هم فقط رأوا مؤخراً قضية تقطيع الصحافي جمال خاشقي في السفارة السعودية في تركيا ومن ثم ايضاً أسقطوها، لكن الحقيقة كما هي تبقى لا تتغير، فتاريخ آل سعود مليء بالجرائم، منذ تأسست السعودية إلى يومنا هذا.
الجديد الذي يسجل في هذا التاريخ المظلم، أنه على مدار الأيام القليلة الماضية، نفّذت السعودية عمليات إعدام بشكل شبه يومي، عقب إنهاء سلطاتها تجميدًا غير رسمي لاستخدام عقوبة الإعدام في الجرائم المتعلقة بالمخدرات استمر 21 شهرًا، وللأسف كل من يعارض السلطة أصبح مداناً بالمخدرات، فهذه التهمة تبدو بديلاً عن رفض أوامر الأمير. ومنذ 10 تشرين الثاني/ نوفمبر، أُعدِم 17 رجلاً بسبب ما وصف بجرائم المخدرات والممنوعات، لكن هل فعلاً عقوبة المخدرات تصل إلى الإعدام ودون وجود محاكمةعادلة!
ما مِن معلومات لدى مؤسسات حقوق الإنسان عن عدد الأشخاص الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بحقّهم، بما أن عمليات الإعدام في المملكة السعودية لا يتم تأكيدها إلا بعد تنفيذها. إلاّ أنّ بعض التقارير تشير إلى أنّ الأردني حسين أبو الخير يواجه خطر الإعدام الوشيك.
أسئلة كثيرة تطرح عن السجل الحقوقي الأسود للسعودية، أسئلة تدور حول هذه المملكة التي تستخدم القتل وسيلة لإرعاب مواطنيها. أسئلة تطرح عن صورة السعودية التي لا تتبدل، والتي منشؤها الوهابية، وسبيلها القتل وإراقة الدماء البريئة. فسلطات الرياض مهما حاولت تلميع صورتها، لا تفرق عن الوهابية القائمة على سياسة التكفير والتطبيق المنحرف لدين الرحمة. هذه الدولة لا تعير أية أهمية لحقوق الإنسان، وحرية الرأي والتعبير والتغيير، فالديمقراطية كفر كما يعلمونها في مدارسهم، وجل ما يؤمنون به حكم العباد كالعبيد والحفاظ على كرسيهم، وهذا ما ساعد في التزاوج بين آل سعود وآل عبد الوهاب.
ما تقوم به السعودية، يبيّن مدى استهتارها بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ويبين مدى استهتار المجتمع الدولي بذلك، وغض طرفه عنها كرمة لأموالها ومصالح الولايات المتحدة الاميركية التي لم تضغط عليها لعدم خرق القانون الدولي والحفاظ على كرامة الانسان وحياته التي يؤكدها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ما يحصل في السعودية، يخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يؤكد أن جميع الناس يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق. فقد نصت المادة 9 من الإعلان على أن لكل فرد الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه، كما أنه يخالف المادة 19 التي تؤكد أن لكل إنسان الحق في اعتناق الآراء وحرية التعبير، وهذا ما تؤكده المادة 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لكن أحداً لم يراع ذلك، وليس هناك ما يؤكد أن من يعدم هو بسبب المخدرات، كما أن الكثير ممن يعدمون هم أصحاب رأي ونشطاء في حقوق الإنسان.
ولو سلمنا جدلاً بذلك، فأين المحاكمات العادلة؟ فقد وردت متطلبات المحاكمة العادلة في المواد (7)، (8)، (9)، (10)، (11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، م/14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية وفي القوانين الإقليمية والمحلية، حيث كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة منه من دون أي تفرقة. كما لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً، فإنه يحق له الدفاع عن نفسه، ولكن لا يمكن الاستئناف بحق هذه القرارات في السعودية.
وقد نصت المادة 3 من الإعلان على أن «لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه»، كما يؤكد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أن «الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، كما الحق في الحرية والأمان». ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً. وقد نص العهد الدولي في المادة 6 على أن لأي شخص حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة. ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات. والمستغرب أن الدستور السعودي ينص على أن الدولة تحمي حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية، ولكن كيف تنفذ أحكام الإعدام السعودية دون أدلة وبراهين واضحة.
ما تقوم به السعودية من جرائم تحت مسميات متعددة يكشف طبيعة نظامها القمعي الذي يمتهن ارهاب الناس وارعابهم. كما أنه يؤكد المعايير المزدوجة التي يستخدمها المجتمع الدولي في تطبيق القانون الدولي والتغاضي عن الاستمرار في سياسة الافلات من العقاب.