أبرز ما تناولته الصحف اليوم
كتبت النهار
حمل قدرٌ ظالم مظلم وليم نون الى شهرة دراماتيكية من باب استشهاد شقيقه جو في مذبحة العصر في انفجار مرفأ بيروت، فبات “القائد” الصارخ بعفوية الجرح المفتوح لمجموعة أهالي الشهداء المنتظرين على قارعة انهيار لبنان عدالةً اغتيلت بأيدي الفاسدين أنفسهم الذين صنعوا كل ظروف الانفجار المروّع. دارت دورة الغرائب لترسو قبل يومين عند “إبداع” مستجدّ من إنتاجات سلطة أمنية – قضائية معظمها معروف أين مربط فرسه أرادت الاندفاع بمظهر استقوائي فإذا بها مع “أسرها” لوليم نون تهيل التراب على آخر مداميك الرهانات الواهنة الواهية المتلاشية على هذا الطراز السلطوي الذي يجعل الناس تقارن مجريات هذه النماذج مع أيام الوصيّ السوري وتجد أن الوصيّ كان أكثر ذكاءً على الأقل.
لا نملك واقعياً تفسيراً منطقياً، بل نقف حيارى حيال غباء بهذا المستوى المستفحل أم تراه تآمراً الى حدود الانكشاف المطلق لهذه النماذج “الحية النابضة” من أجهزة أمنية أو من قضاة تشاركوا في صنع مأثرة بهذا الحجم الهائل من الجنون. من حمى هؤلاء ومن أرادوا حرقه ولمن توجهوا في هذا النوع من الرعونة الخالصة التي صوّرت لهم أن باب فرض السلطة التافهة هذه يمر عبر استهداف أكثر من عشرة مواطنين ينتمون الى الفئة الأشد نزفاً في مصابها من خلال استدعائهم الى “التحقيق” والمثول أمام “أمن الدولة” والمحققين القضائيين؟ وبأيّ ذريعة؟ شتم وتهديد كلامي أطلق على فورة انفعال!!
لعلنا نحن السذج الذين أخذنا الغضب والسخط والانفعال لرؤية الشاب “المعتقل” بين أيدي هؤلاء الأبطال النشامى فاتنا أننا رعايا ما كان يوماً يسمّى بالكاد دولة وصرنا اليوم في ما بالكاد يشبه غابة مفلوتة ومستباحة لشتى صنوف التفكّك والانحلال والتحلل في كل ما تقوم عليه الدول السويّة من أسس وأنظمة وانتظام والتزام وقواعد صارمة في أخلاقيات التعامل مع المواطنين وحقوقهم. هذا الذي شهدته شوارع الاحتجاج على توقيف وليم نون لم يكن أيضاً سوى حافز إضافي على اليأس من كل رهان على تغيير جذري يأتي من باب الانتفاض الشعبي. لقد تحوّلت عدسات وميكروفونات المراسلين التلفزيونيين في التغطيات المباشرة أشبه بكرنفالات منبرية مفتوحة لنهم المتوافدين السياسيين والإعلاميين وكل من يحلو له الظهور فيما لا ينفع مع سلطات من نوع السلطات التي اعتقلت وتعتقل أهالي ضحايا الذين يوجهون هذه السلطات سوى الحسم الحلال بطرق أخرى مختلفة تماماً عن التسابق على “تكبير الحكي” في “ظهورات” التلفزيونات! هذا “الحسم” لا يفترض أن يكون أقل من ضغط غير مسبوق متواصل متدرّج ومتدحرج، بغير طريقة تنفيس الغضب بالحكي والثرثرة، بلوغاً الى اجتثاث نماذج سلطوية في أي موقع يشوّه لبنان وصورته الى هذا المستوى من الانحدار الخيالي. لم يعد التباكي والتأسّي على الضحايا الأحياء وأهالي شهداء الانفجار يعني شيئاً ما دام التحقيق الأصلي الأم والمحقق الأصيل وضعا قبل وليم نون في معتقل المنع من المضيّ الى كشف الحقيقة. هكذا بكينا جميعاً في حلقات اغتيال رموز السيادة والحرّية والتحرّر ولم نبلغ حدود جمع أيّ ملفّ لأي شهيد من شهداء الاغتيالات. لن تكون الحقيقة في انفجار العصر أسهل أو أكثر إتاحة من حلقات مقتلة الاغتيالات بل الأسوأ هنا أن أساليب اغتيال التحقيقات ونصب الكمائن للمناضلين وراء الحقيقة “ممسوكة” بأيدي وسياسات النافذين الأسطوريين الذين يحكمون السيطرة على “أجهزتهم” و”قضائهم” و”مؤسساتهم”. وما نفع الثرثرة إذن؟