خرج 100 ألف مستوطن الى شوارع “تل أبيب”، للأسبوع الثاني على التوالي، وانضم إليهم ما لا يقل عن 3500 آخرين توزعوا في القدس المحتلّة أمام بيت وزير القضاء ياريف ليفين وأمام منزل رئيس “الكنيست” أمير أوحانا، ورئيس كيان الاحتلال إسحاق هرتسوغ، وفي حيفا وغيرها من مناطق الداخل الفلسطيني المحتل. معلنين “سنعمل على توسيع المظاهرات ضد حكومة نتنياهو، حتى تشمل أحزاب سياسية أخرى”، حسب وزير عدل الاحتلال السابق جدعون ساعر.
وصفت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الأحداث ليل السبت الماضي (14/1/2023)، بـ “أكبر مظاهرة حتى الآن ضد حكومة نتنياهو”، فقد بدت الساحات في الداخل الفلسطيني المحتل مكتظة رغم ظروف الطقس السيئة، وتحدثت شرطة الاحتلال عن “حشد غير مسبوق” كان يزداد مع تقدّم الساعات. وقد علّق عضو “الكنيست” عن حزب “يش عتيد (بزعامة يائير لابيد) يوراي لاهاف أن “عشرات الآلاف من الإسرائيليين غادروا منازلهم لإرسال رسالة واضحة إلى حكومة نتنياهو؛ لن نوافق على انقلاب في إسرائيل، سنواصل القتال بكل قوتنا”. ورفع المتظاهرون شعارات مثل “حان وقت إسقاط الديكتاتور” و”حكومة العار”، “بيبي لا يريد الديموقراطية، لسنا بحاجة إلى فاشيين في الكنيست”…
فأمام مخططات نتنياهو وحلفائه من اليمين المتطرّف لتطويع القضاء والشرطة والحكومة حسب أهوائهم، قال عضو “الكنيست” السابق يائير غولان، وأحد منظمي التظاهرة في “تل أبيب”، “سنرد بتمرد مدني يتمثل بإضرابات ومظاهرات. الثقة بإيتمار بن غفير مثل أن تترك قطة تحرس اللبن، لا يمكنني أخذ كلماته على محمل الجد”.
شاركت شخصيات وأحزاب سياسية في المظاهرات التي طالبت نتنياهو بالاستقالة بعد 17 يوماً من أداء حكومته لليمين في “الكنيست”. ومن أبرز هذه الشخصيات وزير حرب الاحتلال السابق بيني غانتس والمتحدث السابق باسم نتنياهو يوسي ليف، زعيمة “حزب العمل” ميراف ميخائيلي، رئيس بلدية “تل أبيب” رون خولدائي، وعضو “الكنيست” حيلي تروبر، وزيرة خارجية الاحتلال السابقة، تسيبي ليفني التي قالت “يمكنهم أن يسمونا بالخونة ويهددونا بالأصفاد، لسنا خائفين”. كذلك ذكرت “القناة 12” العبرية أن ابن عم نتنياهو داني نتنياهو، قد خرج أيضاً الى المظاهرات في “تل أبيب”، الى جانب دعوات من منظمات مناهضة للفساد.
“جنود بن غفير” يشتبكون مع المحتجين!
وصلت المظاهرات الى حدّ وقوع اشتباكات بين شرطة الاحتلال، التي قالت “إنها ستتعامل بقوة مع أي تجاوز للقانون، ولن تتسامح مع أعمال الشغب” امتثالاً لأوامر وزير أمن الاحتلال ايتمار بن غفير بـ “عدم إعطائهم (المتظاهرين) الصورة التي يرغبون بها”، وبين المستوطنين الذين أرادوا قطع الطرقات والوصول الى ساحة “أيالون” (وسط “تل ابيب”). اتهم المتظاهرون عناصر الشرطة بأنهم “جنود بن غفير” وطالبوهم بخلع زيهم والانضمام إليهم.
اللافت أن الانقسام بين الحكومة و”المعارضة” الحالية كان قد وصل قبل استمرار المظاهرات لليوم أمس، الى حدّ مطالبة عضو كنيست من حزب “القوة اليهودية” تسفيكا فوغل، باعتقال غانتس ويائير لابيد باعتبارهما محرضين على الشغب والتمرد ووضعهم خلف القضبان.
ماذا تعني هذه المظاهرات؟
_ تشير توقعات إسرائيلية جديّة أن تتطوّر هذه المظاهرات لتتحوّل الى “حرب أهلية” داخل الكيان، وهو ما حذّر منه غانتس.
_ أمّا هرتسوغ فقد رأى أن “إسرائيل تواجه انقساماً عميقاً سيمزّق الشعب.. يجب منع حدوث أزمة دستورية تاريخية”.
_ بدورها، اعتبرت قاضي المحكمة العليا المتقاعد ايلا بروتشيا في المظاهرة أن “هناك شيء عميق جدا قد كسر في عقدنا الاجتماعي”.
_ لكّن رئيس المحكمة العليا السابق القاضي المتقاعد أهارون بارك، تعمّق في التداعيات بعيدة المدى لاستمرار الأزمات للقول بأن إلى تقويض “المحكمة العليا” هي “بداية نهاية الهيكل بمعنى آخر “زوال إسرائيل”.
الكاتب: مروة ناصر