كان عيد العمال في فرنسا مناسبة جديدة ليعود زخم المظاهرات إلى الشارع الذي تحول إلى ميدان مواجهات بين المعارضين لتعديل نظام التقاعد والشرطة. وفي الوقت الذي بلغ عدد المعتقلين 540 وتجاوز عدد المصابين من الشرطة 406 إصابات، يخيّم القلق على النقابات العمالية في البلاد من تداعيات التفرد في اتخاذ هذا القرار، الذي أقره الرئيس الفرنسي دون تصويت برلماني.
انتقل الانقسام الذي تشهده باريس منذ الإعلان عن التعديلات إلى مختلف المؤسسات والقطاعات، وتلك المتعلقة بتحريك الرأي العام كوسائل الاعلام والصحف. فقد لوحظ ما أشارت إليه صحيفة ليبراسيون -ذات التوجهات اليسارية- تحت عنوان “تظاهرات مايو، ماذا بعد؟” الى ان “الغضب لا يضعف” وان “المعارضة والنقابات تدرس طرقاً جديدة للرد”. فيما عنونت صحيفة “لوفيغارو” -يمينة- في افتتاحيتها “الأيام التالية”، متوقعة أن “التظاهرات قد تخفّ وتيرتها مع الصيف”.
من ناحية أخرى، هاجم وزير الداخلية جيرالد دارمانين، المتظاهرين، داعياً إلى معاقبتهم. وقال إن 540 شخصاً اعتقلوا في فرنسا، بينهم 305 في باريس، خلال احتجاجات عيد العمال، مضيفًا أن 406 من رجال الشرطة والدرك أصيبوا”. وطالب خلال مقابلة على قناة بي إف إم تي في بإقرار “قانون مكافحة البلطجة” مشيراً إلى انه “يجب أن يكون لدينا أقوى العقوبات الجنائية ضد أولئك الذين يهاجمون الشرطة”.
من جهته، نشر المراقب العام تقريراً، حول احتجاز الشرطة لعدد من المتظاهرين دون سند قانوني، وتعرضهم للاعتداءات و”الانتهاكات الجسيمة للحقوق الأساسية”. وفي رسالة بعث بها إلى وزير الداخلية، الذي تلقى هذا التقرير في 17 نيسان/ أبريل، لم يكتف المراقب العام، دومينيك سيمونو، بملاحظة “أوجه القصور المقلقة” التي تم اكتشافها في عمل افراد الشرطة الذين قاموا بالاعتقالات. بل نسب الكثير من المسؤولية عما جرى، إلى “التعليمات” الصادرة عن مديرية الشرطة ومكتب المدعي العام في باريس، والتي شجعت على الاستخدام المكثف للاعتقالات “كإجراء وقائي”.
فيما اعتبرت صحيفة لوموند، ان هذا النهج “الوقائي” في العمل الشرطي، والذي لا ينص عليه أي نص قانوني، “لا يكشف فقط عن استغلال تدابير الاحتجاز لدى الشرطة لأغراض قمعية، بل يكشف أيضاً عن انحراف عن السلطة القضائية، التي لا يعتبر دورها الدستوري (…) لضمان الأمن القانوني لإجراءات الشرطة، من باب أولى عندما يتم اتخاذها عن قصد في تجاهل للقانون”.
وتتابع الصحيفة، انه قد تم التحقق من التجاوزات بإرسال 3 فرق من المراقبين إلى 9 مراكز شرطة باريسية في اليوم التالي لمظاهرات 23 آذار/ مارس. وتمكنوا من زيارة المقر الذي احتجز فيه المعتقلون والتحدث معهم واستجواب بعض ضباط الشرطة. وأشاروا إلى “عدد كبير من الإجراءات التي تم إجراؤها بتجاهل للمعايير والمبادئ التي تحكم قوانين الحجز لدى الشرطة”. ومن بين “أوجه القصور” الأكثر شيوعاً عدم انتظام المستندات المتعلقة بالاعتقال ونقص في المعلومات التي تساعد في وصف الجريمة المُرتَكبة. في غالبية الإجراءات، “لا يوجد تقرير مفصل يحدد سياق الاعتقال والعناصر التي يمكن أن تثبت تورط الشخص”.
وقالت وكالة رويترز انه قد رصد اشتباك الشرطة مع متظاهرين يلبسون السواد في العاصمة باريس ومدن أخرى، وأشارت إلى أن المتظاهرين بدورهم قد قاموا برشق الشرطة بمقذوفات وأضرموا النار في دراجات بالشوارع، وألحقوا أضراراً بمحطات الحافلات والمترو. وأكدت وسائل اعلام محلية فرنسية، انه بين 25 و33% من الرحلات الجوية في أكبر مطارات فرنسا قد أُلغيت على خلفية الاحتجاجات.
الكاتب: غرفة التحرير