ليست المرة الأولى التي يتم فيها فتح ملف استخراج الغاز من حقل الغاز المقابل لغزة. إلا أن ما كشفته القناة 13 الإسرائيلية عن “محادثات سرية” تجريها الحكومة الإسرائيلية، لبحث إمكانية استخراج الغاز من حقل “غزة مارين”، جاءت في صلب جدول أعمال اجتماعي العقبة (26 شباط الماضي) وشرم الشيخ (19 آذار).
“غزة مارين” هو أول حقل فلسطيني اكتشف في منطقة شرق المتوسط بنهاية تسعينيات القرن الماضي، ولم يستخرج الغاز منه حتى اليوم، بسبب وجوده في منطقة المقاومة الفلسطينية، والرفض الإسرائيلي لطلبات السلطة الفلسطينية من أجل استغلاله. ويقدر الاحتياطي في الحقل بـ1.1 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، أي 32 مليار متر مكعب، بما يعادل طاقة إنتاجية قدرها 1.5 مليار متر مكعب سنويا لمدة 20 سنة.
يشير تقرير القناة العبرية إلى أن الحكومة الإسرائيلية أجرت مناقشات داخلية بشأن حقل الغاز الذي يبعد 36 كيلومترا عن ساحل غزة في مياه المتوسط، بعد تشكيلها نهاية العام الماضي، وأفاد بأن المحادثات تجددت كجزء من العملية السياسية والأمنية التي بدأت مؤخرا بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بوساطة أمريكية. مع العلم أن مصدرًا فلسطينيًا نفى لوكالة الأناضول في أكتوبر تشرين الأول 2022 وجود أي اتفاق مصري فلسطيني إسرائيلي لاستخراج الغاز من الحقل بشواطئ قطاع غزة. وقال:”المشاورات بيننا وبين مصر لا يذكر فيها الجانب الإسرائيلي مطلقًا، لن ندفع لإسرائيل لكي نستخرج ما هو ملك لنا، هذا مرفوض، المطلوب من إسرائيل عدم عرقلة العمل فقط”.
اللافت أنه، ووفق التقرير العبري، يقود هذه المحادثات رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي الذي ترأس الوفد الإسرائيلي إلى العقبة وشرم الشيخ، ومنسق عمليات الحكومة في المناطق المحتلة، غسان عليان. وادعى التقرير أن إسرائيل ترى أن هذه الخطوة ستفيد الفلسطينيين اقتصاديًا، ويراهن من خلاله على “خفض التوترات الأمنية على المدى البعيد”.
وعلى الرغم من تشديد التقرير على فكرة أن أي اتفاقية لن تشبه تلك التي جرت مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية، إلا أن تقارير عبرية سابقة كانت قد كشفت عن أن الاحتفال بالتنقيب في البحر الأبيض المتوسط لم يترك الفلسطينيين غير مبالين. وأنه إلى جانب الاتصالات مع لبنان، أجريت محادثات سرية في الأشهر الأخيرة لتطوير حقل الغاز قبالة ساحل غزة.
إلى ذلك، لفت التقرير إلى “تحديات أمنية” لإتمام المشروع، وأنّ “حماس لن تقف مكتوفة الأيدي، لذا فإن السؤال المركزي هو كيف يمكن تطوير” حقل الغاز في غزة. كما أنه يحق للدول فقط إدارة حقول الغاز من الناحية القانونية، وبالتالي “لا تستطيع السلطة الفلسطينية القيام بذلك بمفردها، لذا فإن الحل هو أن ترعى مصر هذا المشروع”.
في المحصلة، ليس ثمة وضوح حول مسار هذا المشروع لحد الآن، وعما إذا كان الاحتلال مستبعدًا أو كان منخرطًا حقًا في المحادثات مع مصر، وعما إذا كانت السلطة الفلسطينية ستجرؤ على هذه الخطوة من دون إخطار الجانب الإسرائيلي، وكيف ستتفاعل حكومة غزة معها؟
الكاتب: غرفة التحرير