تاريخيًا، لم يحصل أن احتلت الولايات المتحدة أو تدخلت في دولة ما إلا تحت عناوين “مهمة إنسانية”، “حماية الديموقراطية”، “دفع السلام”، وغيرها من العناوين الفضفاضة التي توفّر فرصة للإدارة الأمريكية لتثبيت قوتها العسكرية.
مع تدهور الوضع الأمني في السودان، كانت الولايات المتحدة قد أجلت مواطنيها الأمريكيين من البيض فقط، وبقي الآلاف من المواطنين الأمريكيين السود داخل مناطق الحرب. واليوم، تتذرّع البحرية الأمريكية بهؤلاء، تحت عنوان: “إجلاء الدبلوماسيين وغيرهم من الأمريكيين الذين يحتاجون إلى مغادرة منطقة قتال”، لوضع بعض سفن الدعم القتالي التي تبدو غريبة، ولكنها في الواقع ذات قيمة أكبر من مهمة إجلاء الأمريكيين من أصل سوداني، وهما لويس بي بولر وهي “قاعدة متنقلة استكشافية” مع طاقم من حوالي 150 فقط (مقابل 5 على حاملة طائرات) ، ولكن لديها قدرة ضخمة ومرنة لتشغيل طائرات الهليكوبتر ، وإنزال القوات الخاصة، وتقديم الدعم الطبي واللوجستي على الشاطئ، وتتسع لمئات الأشخاص، وبرونزويك ، وهي أصغر بكثير من الأولى ولكنها أسرع بثلاث مرات تقريبًا. المعروفة باسم “النقل السريع الاستكشافي”، كلفت البحرية ستة من هذه المركبات، التي تركب على بدن طوف ويمكن أن تتحرك بسرعة تزيد عن 40 عقدة. بطول 300 قدم فقط، يمكنهم حمل أكثر من 600 طن من البضائع، ولفترات وجيزة، مئات الركاب. يديرها طاقم صغير من حوالي 40، ولديهم حتى سطح طائرة هليكوبتر صغيرة.
في هذا المقال لجيمس ستافريديس وهو كاتب عمود في صفحة رأي في بلومبيرغ. وأميرال متقاعد في البحرية الأمريكية، والقائد الأعلى السابق لحلف الناتو، يرى الأميرال المتقاعد أن عمليات إجلاء المدنيين والقوات خطيرة ولا يمكن التنبؤ بها. وعادة، سيتم إجراء مثل هذه المهام من السفن الحربية البرمائية الضخمة مثل حاملات طائرات الهليكوبتر “ذات السطح الكبير” من فئتي Wasp وAmerica. حيث تنقل هذه السفن مشاة البحرية حول العالم، وتشن هجمات برمائية وتحمل طائرات قفز عمودية لضربات قتالية على الشاطئ. لكن العملية في السودان، يقول الكاتب: “هي (حتى الآن) صغيرة نسبيًا، وتبدو مختلفة تمامًا عن عمليات الاجلاء في فيتنام وأفغانستان. ومن غير المرجح في السودان أن يستهدف أي من طرفي الحرب الأهلية المدنيين عمدًا”. لكنه يضيف: “لذلك نحن نشهد استخدام سفينتين حربيتين تتمتعان بقدرة قتالية هجومية قليلة ولكن قدرات دعم لوجستي ممتازة وقابلة للتكيف”.
يقلل الكاتب من أهمية هاتين القطعتين ويضعهما في مرتبة أدنى عما اعتادت الولايات المتحدة إرساله لإجلاء المدنيين، لكنه يضيف في آخر المقال، أن الولايات المتحدة أرسلت معها، مدمرة الصواريخ الموجهة تروكستون من طراز Arleigh Burke ، بولير وبرونزويك. كما يتم استخدام الطائرات بدون طيار لتوفير المراقبة على الشاطئ في حالة وجود أي تهديد لعمليات إجلاء المدنيين. ليعود ويضيف أنّ هاتان الفئتان الجديدتان من السفن لهما مجموعة واسعة من الاستخدامات، إذ تستخدم أيضًا في دعم القتال. وهو الأمر الذي جعل الكاتب يقول في السطر الأول للمقال: “قد تبدو السفن في البحر الأحمر غريبة، لكنها قد تكون مهمة جدًا يوما ما كسفن دعم قتالية، وعندما يقول “يومًا ما” فإنه يقول بطريقة غير مباشرة، بأنّ هذه السفن أتت لتبقى، ولن تخرج قريبًا من بورتسودان. كما أن وضع المقال تحت عنوان: “مهمة إنقاذ السودان تساعد البحرية الأمريكية على الاستعداد للحرب”.
الكاتب: غرفة التحرير