كتبت النهار
لن نتوقف عند “خطاب” مرشح “الثنائي الشيعي” الأستاذ سليمان فرنجية مساء الأحد الفائت، فالوزير السابق زياد بارود، كما يقال، “كفّى ووفّى”! المهم الآن أن نتطرق الى جلسة مجلس النواب يوم الأربعاء التي ستشهد منازلة مباشرة بين مرشح التقاطع بين الكتل المسيحية الكبرى والشخصيات المسيحية المستقلة، والمعارضين والتغييريين، واللقاء الديموقراطي، الوزير جهاد أزعور من جهة، وبين مرشح “الثنائي الشيعي” وحلفائه الظاهرين والمستترين سليمان فرنجية من جهة أخرى. أغلب الظن أن الثنائي يفضّل ألا تنعقد جلسة الانتخاب لأنها ستبرز عزلة خياره الرئاسي، ولا سيما أن الطرف المسيحي المعنيّ أولاً بالموقع، وذلك من خلال صفته الطائفية سيصوّت بشكل حاسم ضد خيار “حزب الله”، فضلاً عن أن الطيف المعارض للخيار المذكور واسع ومتنوّع، ويعكس بكل وضوح مشكلة البيئات اللبنانية المختلفة العميقة مع سلوك “حزب الله” السياسي والأمني. فمحاولة الهروب الى الأمام بالتصعيد السياسي، وبرفع شعارات كبيرة للتعمية على موقف صغير لن يجدي نفعاً. فإن كان من المستحيل انتخاب رئيس يرفضه الثنائي، فمن المستحيل أيضاً أن يفلح الثنائي في فرض رئيس على الأغلبية الساحقة من المسيحيين واللبنانيين على حدّ سواء. من هنا فإن البلاد تحتاج الى عقلاء يعيدون الخطاب السياسي الى شيء من الاعتدال على قاعدة أن الخلاف على المرشح لا يفترض أن يؤدي الى “حرب ” في البلاد. ومن هنا كلام حكيم لوليد جنبلاط ليل الأحد الفائت يعبّر فيه عن رفضه فكرة العزل ودعوته الى الحوار. فبعد يوم الأربعاء يعاد خلط الأوراق من جديد من منطلق فشل الثنائي في فرض فرنجية، وفشل القوى المعارضة لهذا الخيار في إيصال رئيس يرفضه الثنائي بسبب فهمه “الخاص” للديموقراطية. وبما أن لبنان هو بلد التسويات والصيغ المبتكرة للتعايش مع الأمر الواقع، ستخلط الأوراق من جديد مع مجيء الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الوزير جان إيف لودريان الى بيروت واستعادة زخم الدور الفرنسي – العربي على الساحة سعياً لإطلاق سراح الاستحقاق الرئاسي. أما كل ما يحكى عن أعمال مخلّة بالأمن سيفتعلها “الثنائي الشيعي” رداً على فشل فرض مرشحه، فتبقى في خانة الحرب النفسية، ولعبة رمي الشائعات في مرحلة متوترة. فاستخدام ورقة الأمن ضد معارضي “حزب الله” إن حصل، لن يوصل فرنجية، ولن يلوي ذراع الرافضين بل سيفاقم أزمة الحزب المذكور مع البيئات اللبنانية الغاضبة من سلوكه على أكثر من صعيد، وسيفتح باب إعادة النظر في الصيغة اللبنانية من أساسها.
إذن وبعد يوم الأربعاء وبدلاً من أن يحترم الثنائي إرادة الأكثرية في البلد وفي البيئة المسيحية، فيذهب الى دورة ثانية وثالثة، سيعمد بناءً على نتيجة الدورة الأولى المقدّر أن تكون مخيّبة لآماله، الى التعطيل وإغلاق أبواب مجلس النواب. من هنا فإن التعويل سيكون على أن يكون تسليم باريس الوزير الفرنسي جان إيف لودريان الملف اللبناني، وتفعيل دور سعودي – عربي لتعبيد الطرق وإنجاز الاستحقاق، من دون أن يشعر أيّ من الفريقين الكبيرين بالاستفزاز. هذا أقل ما يمكن فعله لتفكيك اللغم الذي زرعه الثنائي في قلب الاستحقاق الرئاسي مع محاولة فرض مرشحه بالإكراه.
إن المرحلة المقبلة ستتطلب من جميع القوى حكمة في التعاطي مع استحالتي فرض مرشح مرفوض من بيئته ومعها شرائح واسعة من اللبنانيين، أو تغليب مرشح يكسر الفريق المدجج بسلاح غير شرعي جاهز للاستخدام ضد الشركاء. فهل يغلب العقل؟