آمال خليل – الأخبار
إلى نقطة الصفر، عادت الأوضاع في مخيم عين الحلوة ليل أمس في واحدة من أكثر جولات الاشتباك عنفاً بين فتح والإسلاميين منذ ليل السبت. وتصديقاً للمعطيات التي تحدّثت عن أن الحركة لن تسمح بإنهاء المعركة من دون تحقيق نتيجة تعوّض خسارتها البشرية والمادية طوال أيام القتال الخمسة، نفّذت قوات الأمن الوطني الفلسطيني بعيد العاشرة ليل أمس هجوماً بالقذائف الصاروخية على معاقل الإسلاميين، ما أدى إلى اندلاع اشتباك متبادل وصلت شظاياه إلى حي التعمير اللبناني ومحيط المخيم وثكنة محمد زغيب ومسجد الموصلي المكتظ بالنازحين.
وفي التفاصيل، فإن من بدأ الجولة الأخيرة من المعركة هم من كانوا قد بدأوها ليل السبت الماضي. مقاتلون من آل زبيدات تزوّدوا بالأسلحة من خارج المخيم وأطلقوا القذائف قبل أن تؤازرهم وحدات من «الأمن الوطني». وقصفت مراكز فتح في جبل الحليب المشرف على المخيم حيّي حطين والطوارئ بشكل خاص، وأصابت القذائف مسجد زين العابدين التابع لـ«عصبة الأنصار» الإسلامية، ما دفع مقاتليها للرد على مصادر النيران. وانتشر مقاتلو فتح ميدانياً في محيط معاقل العصبة والحركة الإسلامية المجاهدة. وأدّت المعارك حتى منتصف الليل إلى مقتل اثنين من مقاتلي فتح وإصابة العشرات بينهم مسؤول اللجنة الأمنية أبو خالد معاذ.
الهجوم المضاد لفتح كان منتظراً، إذ إن عدداً من مقاتليها خرقوا الهدنة النهارية في البراكسات والرأس الأحمر رغم عودة بعض النازحين لتفقد الأضرار.
الهدنة الهشة أثارت التساؤلات عن احتمال تدخل الجيش اللبناني في المخيم في وجه بقايا «جند الشام» و«الشباب المسلم» وعناصر «داعش» و«جبهة النصرة» المتمركزين بشكل خاص في الطوارئ عند أطراف المخيم، بعدما استقدم تعزيزات إلى محيط المخيم وبلدة مغدوشة المشرفة عليه .
مسؤول عسكري أكد لـ «الأخبار» أن «لا خطة لدى الجيش للتدخل في عين الحلوة أو التقدم شبراً واحداً عن الحدود المرسومة حالياً». وتستند اليرزة إلى اعتبارات عدة، أولها الاصطفاف اللبناني – الفلسطيني الذي سينشأ كرد فعل على دخول الجيش إلى المخيم كما حصل إبان أحداث مخيم نهر البارد. «حتى الذين يطالبوننا بالتدخل لحسم المعركة واجتثاث الإرهابيين، سيقفون ضدنا لاحقاً في حال وقوع خسائر بشرية ومادية»، خصوصاً أن احتمال الضرر كبير جداً بالنظر إلى تجربة التعمير عام 2007، إذ إن نسبة الاكتظاظ السكاني عالية ومعدلها حوالي 13 شخصاً في المتر المربع الواحد. فيما الأبنية معلقة فوق بعضها في مساحة لا تزيد على كيلومترين فقط.
أدت الاشتباكات الليلية الى مقتل اثنين من «فتح» وإصابة العشرات
عُلقت آمال الدولة على قدرة فتح على ضرب الإسلاميين في عقر دارهم. لكن نتيجة المعركة أظهرت فشلاً عسكرياً تسبب بسقوط ضحايا كثر ودمار كبير، ما أجبر الدولة والجيش على الدفع نحو وقف النار حقناً لمزيد من الدماء والخسائر. وانتقلت الدولة إلى مستوى آخر من التعاطي مع المظاهر الإرهابية في عين الحلوة: التفاوض مع القوى الإسلامية لتسليم المطلوبين بقتل العرموشي كمرحلة أولى ثم المطلوبين بقتل جنود من الجيش وبعمليات إرهابية أخرى. هذا المطلب سمعه كل من رئيس الحركة الإسلامية المجاهدة جمال خطاب وممثل «عصبة الأنصار» أبو سليمان السعدي من الوفد اللبناني – الفلسطيني الذي زار عين الحلوة ليل الثلاثاء لتثبيت وقف إطلاق النار، بحضور ممثل حركة حماس أحمد عبد الهادي. خطاب والسعدي تجاوبا مع المطلب اللبناني لكنهما طالبا بوضع آلية واضحة للتفاوض والتسليم وبتأمين محاكمة عادلة.
بند تسليم المطلوبين يعتبره البعض تعجيزياً، إذ من يمكنه إقناع هيثم ومحمد الشعبي وبلال بدر و«الفولز» المتهمين بقتل العرموشي وسواهم بتسليم أنفسهم بعد تمكنهم مرات عدة من التواري بعد اشتباكات عنيفة لم تتمكن منهم؟. وماذا عن محمد زبيدات الملقب بـ«الصومالي» الذي أشعل شرارة الاشتباك الأخير بإطلاقه النار على ثلاثة إسلاميين ليل السبت ثأراً لمقتل شقيقه قبل ستة أشهر؟.
التساؤل الآخر المطروح: من سيدفع التعويضات للأهالي؟ علماً أن معلومات أشارت إلى أن هيئة العمل المشترك الفلسطيني ولجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني تبحثان في التواصل مع دول عربية وغربية لتمويل عملية إعادة الإعمار والترميم.