اشار رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الى ان “الاختلاف مع حزب الله قائم، ولكن لا بديل عن الحوار والتواصل، ولا داعي لأن يؤدي هذا الاختلاف إلى صدام أو إلى توتر، لأن أي توتر يمكن أن ينعكس تدهوراً، كما كان حصل في الكحالة أو في غيرها، وهذا ما لا يتحمله لبنان على الإطلاق”.
ولفت باسيل في حديث الى “الجريدة” الكويتية، إلى أن “أي تطورات إقليمية ودولية يمكنها أن تنعكس على الساحة المحلية، واوضح بانه لطالما شدّد على أن أي حوار إيراني ـ أميركي، أو تطور في العلاقات السعودية – الإيرانية، سيفرض تهدئة في لبنان، ولذلك لا داعي للدخول في مواجهة أو العودة إلى الانقسام العمودي”.
وشدد على ضرورة الذهاب إلى توافق على انتخاب الرئيس وإعادة تكوين السلطة، مع التركيز على ضرورة استعادة التوازن السياسي، لا أن تكون كفة طرف سياسي مرجحة على حساب الطرف الآخر. واوضح بانه “لا يرى أي تغيرات دراماتيكية قريباً على الساحة اللبنانية، لا اقتصادياً، ولا اجتماعياً، ولا مالياً ولا حتى أمنياً أو عسكرياً، سيبقى الوضع على حاله بانتظار الوصول إلى تفاهمات داخلية وخارجية تؤدي إلى إعادة إنتاج السلطة وفق قاعدة التوافق”.
ونفى باسيل كل الكلام الذي يتحدث عن أنه يريد ضمانات سياسية أو في المواقع والمناصب والوزارات في العهد الجديد، في ظل التفاوض مع حزب الله، لانتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، كما نفى أي تفكير لديه بالمطالبة بالحصول على ضمانة بانتخابه رئيساً للجمهورية بعد 6 سنوات، كل هذا الكلام بالنسبة إليه مردود لأصحابه، والمسألة الأساسية عنده تتعلق بكيفية إنقاذ لبنان الذي وقع وأصيب نموذجه بإصابات قاتلة، ولا بدّ من التفكير في وضع رؤية مشتركة من شأنها أن تنقل البلاد من مكان إلى آخر، وهو ما يتمثل بمشروعَي اللامركزية والصندوق الائتماني، بما يمثلانه من تطور إصلاحي.
ورأى رئيس التيار الوطني الحر أنه “لا حاجة له للمواقع والمناصب، لأنها كلها قد حصل عليها في السابق، وكانت نتيجتها عكسية، وبالتالي لا يمكن إعادة التفكير بالأمر من هذا المنطلق”. وشدد على أنه “في حال وصل حزب الله وحركة أمل إلى قناعة بإقرار المشروعين المقدّمين، فحينها يوافق على انتخاب فرنجية، ومستعد لتحمّل كل التكاليف والتصدي لكل الحملات، لأن هذين المشروعين يمثّلان إنجازاً عظيماً للبنان، وليس لأي طرف سياسي على حساب الآخر”.
ولفت الى انه “لا يرى إمكانية لانتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية، ولا إمكانية أيضا لانتخاب قائد الجيش جوزيف عون”، معتبراً أن “دولة قطر لا تحصر نفسها بخيار قائد الجيش فقط، إنّما المطلوب الذهاب للبحث عن مرشح ثالث يحظى بتوافق، مشيرا إلى أن “جهاد أزعور يمثّل الشخصية الأفضل لهذه المرحلة انطلاقاً من بروفايله واهتماماته، كما أن الرجل متوازن سياسياً ويعرف توازنات البلد بدقة، ولذلك وافقنا على تبنّي ترشيحه، وكان بإمكانه العمل بجدية على وضع خطة إنقاذية، بغضّ النظر عن كل الاعتراضات التي تساق بحقه”. وأكد أنه “لم يسعَ إلى إحراق أزعور، إنما كان يشدد على حمايته وحماية ترشيحه بعدم تصويره كمرشح مواجهة لحزب الله”. واوضح أن هناك جهات عديدة تراهن على حواره مع حزب الله للوصول إلى تفاهم، فيما بعض الجهات الإقليمية لا تؤيد خيار فرنجية، ولذلك تريد الوصول إلى تفاهم على شخصية وسطية، هذا الأمر يمكن أن يحصل بعد فترة من الوقت، خصوصاً في ظل معلومات عن ممارسة المزيد من الضغوط الدولية أو الأميركية على بعض القوى، مما سيدفع الثنائي الشيعي للذهاب إلى البحث عن خيارات بديلة.
واعتبر باسيل أن الموقف السعودي الحالي، الذي يشدد على ضرورة إنجاز الإصلاحات المطلوبة، هو موقف يصب في المصلحة اللبنانية العليا، لأنه يفرض على اللبنانيين إقرار الإصلاحات والإقلاع عن التعاطي وفق الآليات السياسية السابقة. وابدى إعجابه بما يقوم به ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، معتبراً أن لبنان يحتاج إلى مثل هذه الإجراءات الثورية الإصلاحية، مشيراً إلى ضرورة إصلاح العلاقات اللبنانية مع العالم العربي، و”هذا وحده سيكون كفيلاً باستعادة التوازن السياسي، لأنه لا أحد يوافق على أن يكون حزب الله مسيطراً على لبنان، وهذا يجب أن يحصل بناء على توافقات داخلية وخارجية، من خلال إعادة انتاج اتفاق سياسي يعيد الاعتبار للدولة ومؤسساتها، ولا يرتكز على مسألة مواجهة الحزب الصدامية والتي لن يكون لها أي أفق”.
وشدد على انه “لا بد من الوصول إلى تسوية، لأن البلد لا يمكن أن يكمل كذلك، ولا يجب انتظار الخارج، والأهم تركيز الاهتمام على إعادة التواصل مع كل المكونات، وفق رؤية جديدة يستعيد من خلالها اللبنانيون التوازن، وهذا ما كنا قد سعينا إليه لدى الاتفاق مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وتيار المستقبل، ولكن لأسباب كثيرة لم تنجح المحاولة، اليوم لا بدّ من الاضطلاع بصناعة تصور جديد بين المسيحيين والمسلمين، هذا جزء مما يفكر به للمرحلة المقبلة، من خلال التواصل مع كل المكونات، والتي كانت هناك خصومة بينه وبينها، لافتاً إلى ضرورة التواصل مع السنّة أيضاً، لإعادة صياغة تصوّر ورؤية جديدة للبنان، وذلك في حال تحسنّت العلاقات مع السعودية، لأنّ ذلك سيرخي ارتياحاً في الوجدان السنّي.