يحيى دبوق – الأخبار
كيفما جاءت صيغة التمديد لقوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان فإن شيئاً لن يتغير. إسرائيل على حالها، ولبنان على حاله، وأيضاً قوات اليونيفل على حالها، مهما اتّسعت صلاحياتها أو ضاقت. ما سيتغير هو تقلّص صراخ تل أبيب وتحذيراتها نسبياً، إذ إن القرار سيكون قد صدر.
هي عادة إسرائيلية سنوية تسبق قرار مجلس الأمن بالتمديد لليونيفل، وإن اختلف الأمر هذه المرة، إذ إن الأمل كبير بأن يدخل العدو، عبر الراعي الأميركي، تعديلات على صلاحيات القوات الدولية ليتاح لها تنفيذ تفويضها دون تنسيق مع الجيش اللبناني.
في ذلك، يشار إلى الآتي:
تنتصر إسرائيل في السياسة، إن تحقّق لها التغيير في صلاحيات اليونيفل، بما لا يتحقق لها عبر القوة العسكرية. وهو انتصار لم يكن ممتنعاً بالمطلق كي يقال إنه استثنائي، فيما هكذا انتصار من شأنه أن ينزلق من يدي إسرائيل كونه غير محصّن، ولم يأت نتيجة انتصار عسكري، مع فقدان إمكانية استغلاله ميدانياً، وهو ما يبقي الميدان على حاله.
كما أن التغيير في تفويض اليونيفل، إن حدث، سيضع الكرة في ملعب القوات الأممية نفسها. فهل تريد، أو تريد وتقوى على فعل ما لا قدرة لها على فعله؟ وهل هي معنية بفتح «صندوق باندورا» وشروره عبر سلوك مسار الاستفزاز؟ سؤال سيجيب الميدان عليه، وإن كان الترجيح أن هذا التغيير في الصلاحية سيبقى حبراً على ورق، وحسب.
أسئلة اليوم الذي يلي تغيير الصلاحية، ودائماً إن حدث ذلك، لا تنتهي، وإن كانت إجاباتها واضحة جداً: فهل تريد قوات اليونيفل، أو تريد وتقوى على نزع سلاح المقاومة؟ وهل تقدر على منع تراكمه وتنميته ومنع تموضعه في مواجهة العدو؟ وكذا إن تلقّت معلومات استخبارية عنه من تل أبيب، هل يمكنها فعل شيء، معتدّ به، إن قررت التحرك من دون التنسيق مع الجيش اللبناني؟
كذلك، إن قرّرت إسرائيل بدء عملية عسكرية أو حرب، فهل اليونيفل، بما عليه صلاحياتها التقليدية أو تلك التي ستكون لها في حال حدث ذلك، قادرة على منع إسرائيل من المبادرة إلى حرب؟ وهل ستكون قادرة على منع حزب الله من مواجهة إسرائيل أو الرد على عدوانها أو دفعها «للتعقّل» عبر الرد، في حال قررت أو حاولت، تغيير قواعد الاشتباك في الساحة اللبنانية أو ما يرتبط بها من ساحات؟
قواعد الاشتباك وقوة الردع ودفع إسرائيل للانكفاء عن لبنان تؤخذ ولا تُعطى، وهي نتيجة معادلة قدرة وقرار استخدام هذه القدرة في حال قررت إسرائيل أن تعتدي على لبنان. أيضاً، نزع سلاح حزب الله أو منعه من تنمية تسلّحه، وكذلك تموضعه الدفاعي في وجه العدو، كلّ ذلك لا يُعطى لإسرائيل عبر قرارات تصدر عن مجلس الأمن. وإن لم تكن إسرائيل قادرة على ذلك، أو لم يكن الآخرون قادرين على أن يحققوا للعدو ما يرتدع هو عن تحقيقه، فلا نفع من قرار أو تعديل قرار، يصدر عن مجلس الأمن، مهما كان متوافقاً ومتماهياً مع المصلحة الإسرائيلية.
إلا أن الانتصار السياسي، في حال حدث التعديل في الصلاحية، سيكون قد تحقّق لإسرائيل. يقابله فشل للدبلوماسية اللبنانية، موازٍ له ومساوٍ. وبعد ذلك فَليجرِ البحث الجدي في دور هذه القوة وفاعليتها وقدرتها وإرادتها الفعلية وأهدافها، ومن ثم الحكم عليها وعلى ضرورة وجودها من عدمه.
نعم، وهو ما سيؤكد الميدان عليه: لم يأت انتصار إسرائيل بالسياسة، بما عجزت عنه عسكرياً. المعادلة مغلوطة، مغلوطة جداً، والفروق كبيرة جداً وشاسعة.