كتبت النهار
على رغم مرور اكثر من شهر على انتهاء جولة القتال الأخيرة في مخيم عين الحلوة، كان متوقعا ان يعود ويحتدم القتال في المخيم بين حركة “فتح” وتنظيم “جند الشام” ومعه عدد من التنظيمات الاسلامية المتشددة الصغيرة الأخرى. فتوقف القتال في الجولة الأخيرة لم يأتِ نتيجة اتفاق لوقف اطلاق النار، او اتفاق سياسي بضمانات تمنع تجدد الصدامات التي روّعت اهالي المخيم المدنيين، كما روعت أهالي مدينة صيدا. كان واضحا من خلال متابعتنا الميدانية، ومن المعلومات المستقاة من داخل المخيم، ومن مصادر امنية لبنانية وفلسطينية ان عودة الوضع الى الاشتعال لم تكن سوى مسألة وقت. والادهى ان تقديرات المصادر الأمنية اللبنانية والفلسطينية وحتى المرتبطة ببعض أحزاب الممانعة اللبنانية، اعتبرت ان المخيم سيعود الى الهدوء مرة، ويشتعل مرة أخرى، ثم يهدأ ويشتعل الى ان يحين أوان المعركة الفاصلة بين حركة “فتح” والتنظيمات المسلحة الإسلامية المتورطة في القتال.
طبعا لا احد من المراقبين الجديين يصدّق ان القضية مجرد اصطدام في المخيم بين حركة “فتح” وتنظيم “جند الشام” الذي لا يمثل أي وزن شعبي او عسكري مقارنة بأكبر تنظيم في المخيم ولبنان. التقديرات تشير الى ان “جند الشام” يلعب دور الواجهة ليخفي فريقا آخر يستهدف حركة “فتح” في اكبر مخيم فلسطيني في لبنان. وتشير التقديرات أيضا الى ان الصراع هو أبعد من مسألة تسليم مرتكبي اغتيال المسؤول العسكري في حركة “فتح” الذي اغتيل في المرة السابقة، او الانسحاب من مدارس وكالة “الاونروا” للاجئين، وتنفيذ مندرجات اتفاق هلامي قيل انه حصل اثر توقف الجولة السابقة من القتال. القضية مرتبطة في مكان ما بما يحصل في الضفة الغربية بين حركة “فتح” وحركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في مرحلة دقيقة يحكى فيها عن تدهور صحة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، واحتدام الصراع على مرحلة ما بعد عباس أولا داخل “فتح” نفسها، ثم بين حركة “فتح” والتنظيمين المرتبطين بالمشروع الإيراني الإقليمي. من هنا خوف بعض الشخصيات الفلسطينية الوازنة سياسيا ومعنويا من ان تشتعل حرب أهلية بين “فتح” و”حماس”، تقصم ظهر الفلسطينيين في الضفة الغربية حيث المعركة على اشدها مع الإسرائيليين الذين يقضمون الأرض بشكل متسارع، ويحاولون فرض امر واقع لا رجوع عنه في ما يتعلق بالأرض قبل ان يحين وقت الجلوس الى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين لصوغ اتفاق سلام محتمل.
ومع عودة التوتر الى مخيم عين الحلوة ثمة خشية من ان يتطور الامر الى معركة حاسمة بين حركة “فتح” وتنظيم “جند الشام” بعدما استقدم الأخير تعزيزات من خارج المخيم برعاية “الممانعة” التي تغاضت عن الموضوع تسهيلا لاغراق المخيم بالمسلحين والاسلحة والذخائر. وثمة من يرى انه حتى لو توقفت الجولة الحالية بسرعة، فإن الجولة المقبلة لن تكون بعيدة، الى ان ينجح مخطط نقل السيطرة على عين الحلوة وبقية المخيمات في لبنان من حركة “فتح” الى يد حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”. ويندرج الامر في اطار مشروع “وحدة الساحات” القائم على قدم وساق، الذي يقوده “حزب الله” في لبنان نيابة عن “فيلق القدس” وهو الجهة الإقليمية الراعية لكل المحور.
أما الجيش اللبناني فلا يسعه سوى ان يقف متفرجا. وأما المسؤولون اللبنانيون فَصُمٌّ بُكمٌّ