كتبت النهار
انتهت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيڤ لودريان الى لبنان بخلاصة مفادها استحالة تغليب فريق على آخر في الساحة اللبنانية. فلا الثنائي “حزب الله” وحركة “امل” قادر على فرض مرشحه للرئاسة، ولا الفريق السيادي قادر على منع الثنائي من إغلاق مجلس النواب بشكل تعسفي بوجه العملية الديموقراطية الطبيعية. وبالتالي نحن امام حائط مسدود، وذلك بعد اكثر من احد عشر شهرا على انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون. من هنا نفهم ان الموفد الفرنسي لوّح بان التسوية هي الطريق الوحيد المتاح امام الجميع. فإيران غير مستعدة لإغضاب السعودية في لبنان، وعلى ما قيل كانت رسالة القيادة الإيرانية الى وكلائها هنا واضحة بهذا المعنى في وقت تتحرك العلاقة بين الرياض وطهران في ملفات أخرى في اتجاهات “بنّاءة” من حيث المبدأ، لاسيما في اليمن التي توجه منها وفد من الحوثيين الى الرياض برفقة الوسيط العُماني للبحث في تثبيت هدنة رسمية على الأرض، وفتح آفاق العملية السياسية في اليمن بين الشرعية اليمنية والانقلابيين الحوثيين. والسعودية من جهتها لا يناسبها ان تصطدم مع ايران ووكلائها في لبنان في هذا التوقيت، فيما مفاعيل الاتفاق السعودي – الإيراني تتكشف تدريجا بمساهمة خفية من الراعي الصيني.
اذاً من حيث المبدأ، قد نكون دخلنا في مرحلة انفراج إقليمي وإنْ جزئي، لا نعرف كم من الوقت سيدوم. لكن الفرصة قد تكون سانحة للطرفين من اجل التقاطها في الساحة اللبنانية، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون نتاجا لتسوية معقولة، ومنطقية تخفف الاحتقان السياسي في البلد. والتسوية التي نتحدث عنها تمرّ حكماً بطيّ صفحة الترشيحات السابقة لزيارة لودريان الذي اخذ علماً بالفرصة الإقليمية السانحة فسارع الى استغلالها بمنح الثنائي ورقة الحوار التي نعرف انها بمثابة لزوم ما لا يلزم، وبالمقابل الحديث الجدي يدور في الكواليس والاتصالات الداخلية والخارجية. واذا صحّ ما نقول سيتعين على “حزب الله” والرئيس نبيه بري ان يُسقطا ترشيح سليمان فرنجية، وتوازياً يقوم الفريق الآخر بإسقاط ترشيح جهاد ازعور، ثم يتم الاتفاق بأسرع ما يمكن على اسم يعكس التسوية المتوازنة والمعقولة والمنطقية في هذه المرحلة. ومعنى هذا ان الاسم الذي سيتم اختياره سيكون حلا لمشكلة وازمة بعد فراغ دام حتى الآن ما يقارب العام.
ثمة من يتحدث عن قائد الجيش للتسوية الرئاسية. وثمة من يريد مثل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ان يتجنب تجرع “سمّ” اختيار جوزف عون. لكن الكرة متى أصبحت بين طهران والرياض وبينهما باريس، فإنه لا يعود للاعبين المحليين مهما صار من وزن كافٍ للتصدي لتسوية تجمع الاوزان الثقيلة المحلية والخارجية المؤثرة في الساحة اللبنانية. لكن تبقى العبرة في معرفة الموقف الفعلي والنهائي للثنائي الشيعي الذي ذهب ممثل عنه قبل يومين الى سليمان فرنجية يطمئنه الى استمرار دعم ترشيحه! ومن هنا زعمنا ان جلّ ما يريده المعسكر السيادي راهنا هو منع وصول “ابن الخط” كائنا من كان هذا المرشح الى قصر بعبدا، ويقبل بتسوية متوازنة تعكس مرحلة أولى في المواجهة السياسية الطويلة الأمد مع الثنائي الشيعي وامتداداته خارج بيئته الحاضنة. واستنتاجا نقول ان الكرة الآن في ملعب الثنائي الشيعي لإخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة!