التبعية لصيحات الموضة
المصدر: النهار – غدير طاهر نورالدين
تبعية عمياء… هذا ما يحدث كل يومٍ وكل ساعة وكل دقيقة في عصر الموضة الذي تتصارع عليه الأجيال، وكأنه يستحق! من المتعارف عليه أن لكل إنسان ذوقاً خاصاً في ارتداء الملابس، ولا بد لهذا اللباس أن يتميز بالأناقة ويتبع الموضة، وقليلٌ اليوم من يدرك المعنى الحرفي للأناقة والموضة
فالموضة كتعريفٍ موجز هي نمط أو ممارسة، تمس ما يخص الملابس والعطورات والإكسسوارات والزينة. وهي متاحة للرؤية اليوم أمام كل من هو موجود على السوشيل ميديا وغيرها من الوسائل المروّجة لها، لكنها لا تعد بالذوق. فالأخير هو صفة داخلية منفردة لكل ذي شخصٍ مع نفسه، ويحتل مكانًا متميزًا بين الناس على عكس من يتبع ما يراه أمامه فقط.
قديمًا كان معيار احتشام المرأة عبارة عن تغطيتها لنسبة كبيرة من معالم جسدها. اليوم على اعتبار وجود الكثير من الشابات المشهورات الحاظيات بجمهورٍ كبير، ليس هنّ فقط بل وموضتهن أيضًا، كثرت السيادة. والسيادة ليست بمعناها العسكري إنما بمعنى سيطرة فكرة أو شخص عليك
مع زيادة من يطلقون على أنفسهم لقب “المؤثرين” على مواقع التواصل الاجتماعي، كثرت رؤية التخبط في ارتداء الملابس وإدراجها أسفل رداء الموضة والأناقة، فلم يعد كل شخصٍ ينفرد بذوقه، إنما تقليد من هو أمامه.
وقد برز مؤخرًا مصطلح “صيحات الموضة”، وتُرجم بالعديد من الأشكال، فبتنا نرى أساليب وأشكالًا غريبة في ارتداء الملابس. كارتداء الفساتين الطويلة فوق البنطلونات، تقليدًا بما ظهر في الكثير من عروض الأزياء خلال الأشهر الماضية. إضافةً إلى ظهور ألوانٍ غريبة في تصميم الملابس كالأرجواني الداكن ومن غيره من الألوان أيضًا.
يُروّج لموضة المشاهير عن طريق ما يسمى بالانكليزية
الـ “Trend”، وهو أسرع ما ينتشر في مجتمعاتنا، وأبرز مثال يعطى عليه هو “فيلم باربي” الحائز على شعبية كبيرة من مختلف الأعمار. فقد ظهر العديد على مواقع التواصل الاجتماعي يرتدون ملابس باللون الوردي لتأدية هذا الاتجاه، وما يتعلق به. المشكلة ليست هنا، إنما بطريقة التقليد. فقد ارتدى العديد ملابس وردية كباربي لكنها كانت ككارثة للنظر، كما وصفها الكثير.
الأقراط كانت كباربي لكن قد سبقتها، فسادت فكرة خرمها في مختلف مناطق الجسد للجنسين على عكس ما كانت تتواجد به في السابق كالأذن والأنف فقط. وعليه قد ظهرت مؤخرًا في المعاصم والأرجل والحاجبين حتى، أقراط! ما جعلنا نرى الأجساد كأنها عماراتٍ مثقوبة بالعديد من الطلقات النارية.
أما الثياب الممزقة، فهي موجودة ومنذ سنين عدة، إلا أنها قد زاد وجودها وتماديها في تقطيع الملابس، ليصل بها الحد للاكتفاء فقط بتغطية أماكن محددة. ورغم انتشارها الكبير، إلا أن المواطنين مازالوا يرفعون أصوات الاستياء منها، ويعدونها غريبة جدًا.
يقول الكثير إن موضة الزمن الماضي هي من عادت، لكن ينافيهم الآخرون بإضافة، “بصورة أخرى”. فقد حولت ثقافات بلدان عدة، ليراها قادة بعض الدول على أنها أداة تشجع العولمة والتبعية في ظل تخلي الشعوب عن الزي التقليدي والتأثر بأزياء الغرب.
يفاخر بالموضة من يدرجها على أنها عملٌ يستحق التقدير، على ظنه أنها رواية هو بطلها وجمهوره يتباهى بها. فالناس تتبع الموضة المعاصرة من حولها، ليتم قبولهم من الآخرين على حسب ظنهم. وهذا ما أصبحنا نحن عليه اليوم، ليتم تصنيف الناس بحسب ما يرتدونه! وكأن الموضة تكمن في الشيء المفرط سعرًا وليس الملفت نظرًا.
أمسى اليوم من يناشد وينادي بالموضة والجمال، يفتقره من الداخل ويهدف دومًا إلى كسب المال، ليتم دحض الموضة تحت العديد من المسمّيات المشوِّهة لها، فلم نعد نرى ما يستحق العناء والكفاح لشراء الملابس والإكسسوارات وشتى أنواع الزينة. وعليه، كيف ستقرر أنتَ ما إذا كانت طريقتك في اتباع الموضة مُرضية أو مَرَضيّة؟