النهار: مواجهات ضارية جنوباً تحكم المعادلة “الظرفية”
كتبت صحيفة “النهار”:
مع ان مجمل المشهد المنذر بتطاير حرب غزة في شتى اتجاهات الشرق الأوسط يخفف “نظريا” الاخطار الحصرية التي تطبق على لبنان تحديدا، فان ذلك لم يحجب الوضع البالغ الخطورة والصعوبة الذي يجتازه لبنان وسط تصعيد متدحرج يومي على جبهة الخطوط الامامية الجنوبية والتي باتت تتسم بضراوة ميدانية لافتة في الهجمات المباشرة المتبادلة بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي. واتخذت المعادلة الميدانية حتى الان، وربما الى امد لن يكون قصيرا، دلالات جديدة فرضت التدقيق فيها بتمعن اذ ان المواجهات العنيفة تدور عند خطوط المواجهة المباشرة وتترجم بخسائر ملحوظة وبارزة تحققها الهجمات الصاروخية والمدفعية لـ”حزب الله” في المواقع وشبكات المراقبة والاليات والجنود لدى الجانب الإسرائيلي، فيما تكبد الحزب سقوط عدد ملحوظ وتصاعدي في صفوف مقاتليه الامر الذي يعكس احتدام المواجهات ولو لم ترق بعد الى مستوى الحرب الكبيرة التي يخشى اندلاعها. اما الجانب اللافت الاخر من المعادلة فيتمثل في اجلاء الجانب الإسرائيلي عشرات الوف المستوطنين على عمق يتجاوز الخمسة كيلومترات من الحدود مع لبنان.
وسط هذه المعادلة الميدانية “الوسيطة” ما بين الانزلاق التدريجي نحو الحرب وإمكان تجنب الحرب ، تتكثف التحذيرات الخارجية للبنان من مزيد من الانزلاق وتتشدد في دعوته الى محاذرة ان يصبح الساحة المقبلة للحرب الثانية بعد حرب غزة. ومع ذلك يبدو رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي يشكل محور الاتصالات الخارجية الجارية مع لبنان محافظا على توازن دقيق للغاية بين استبعاد الحرب وانتظار بعض الوقت لتثبيت اماله على تجنب لبنان كأسها المدمرة. ولذا يدرج ميقاتي عبر حديثه لـ”النهار” هذه التحذيرات في اطار “البحث في الاوضاع العامة في المنطقة وانعكاسات ما حصل في غزة على كل المنطقة وتهدئة الوضع”. ويقول “نحن رسالتنا واحدة انه يجب الاسراع في وقف النار لاننا في سباق حقيقي بين وقف النار والتصعيد . واذا حصل المزيد من التصعيد فانه لن يشمل لبنان فقط بل فوضى امنية في كل المنطقة. وهذه نتيجة او خلاصة كل الاحاديث التي تم تداولها بمعنى ان ليس الاطراف الخارجيين من يقولها او انا من اقولها”. ويحدد ميقاتي تدرج الوضع على قاعدة “ان الايام الثلاثة او الاربعة التي تلت عملية حركة حماس في اسرائيل كانت الامور تقاس وفقا للدقيقة الواحدة اذا كان يمكن للبنان ان يدخل الحرب ام لا . بعد ذلك باتت الامور تقاس وفقا للساعة الواحدة وتطور الامور تبعا للساعات وبتنا اخيرا وفقا للايام. وهذا لا يعني ان امكانات التصعيد لم تعد موجودة او الغيت او انه يجب ان نطمئن”. ويحرص على عدم استخدام هذه الكلمة في هذه المرحلة الغامضة وغير الواضحة، اذ لا يريد ان يخيف اللبنانيين بقوله انه غير مطمئن ولا يريد ان يطمئنهم في وقت ان الكثير من الامور على المحك. ويعتبر انه على رغم ما يجري جنوبا فان “الامور تحت السيطرة ومن ضمن شروط اللعبة ولكن ما يخيف الجميع هو قدرة الاطراف المعنية على قلب الطاولة لاسباب او اعتبارات مختلفة فيما اسعى الى تجنب ذلك بكل قوة”.
وعن طبيعة الرسائل الدولية ومضامينها يؤكد ميقاتي “ان لا رسائل محددة بل اصرار على ان هذه الدول تتمنى ان ينجو لبنان مؤكدة انها تعرف الضغوط التي تواجهها الحكومة والاتصالات التي يقوم بها رئيسها وهي تشجعه وتقدم الدعم له على قاعدة ان هذه الدول تريد ان يبقى لبنان في منأى عن اي صراع او حرب في المنطقة ورسالة مسؤوليها اننا نطلب منك ذلك ونحن نعمل إقليميا”.
وقد تلقى ميقاتي امس إتصالاً من وزير خارجية مصر سامح شكري، وتشاور معه في مجمل الأوضاع الراهنة في لبنان وغزة.ووضع شكري رئيس الحكومة في نتائج “قمة القاهرة للسلام” التي عقدت في العاصمة المصرية السبت وكان الأمين العام للجامعة العربية احمد أبو الغيط اطلعه سابقا على نتائج القمة .
ولم تحجب التطورات الميدانية والديبلوماسية المتصلة بالوضع في الجنوب بعض الملفات الملحة التي وضعت على طاولة البت السريع والعاجل في ظل الوضع الطارئ واولها موضوع خطر شغور منصب قائد الجيش العماد جوزف عون في ظل هذه التطورات المخيفة. وعلم ان المشاورات المتصلة بطرح التمديد للقادة العسكريين والامنيين وتعيين رئيس لاركان الجيش بلغت مرحلة متقدمة للغاية لاعادة طرحها في اول جلسة لمجلس الوزراء بعد ان تستكمل المساعي الجارية لتحقيق تفاهم الضرورة حول هذا الاجراء بقالب قانوني لا تشوبه ثغرات. وبدا واضحا ان معظم مكونات الحكومة كما بعض قوى المعارضة لا تعارض هذا الاتجاه فيما يجري التركيز على اقناع “التيار الوطني الحر” به بما يوجب حضور الوزراء المحسوبين عليه اذا تقررت جلسة لبت هذا الملف. وفي السياق قال امس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقا وليد جنبلاط “اما وان البلاد في شبه حالة حرب، أيعقل ان تقاطع بعض القوى السياسية وبعض الشخصيات مجلس الوزراء للتمديد لقائد الجيش الحالي ولتعيين رئيس الاركان . كفانا حسابات رئاسية متخلفة فلنكن جبهة عمل واحدة لمواجهة اقصى الاحتمالات”.
اما على الصعيد الميداني فشهدت محاور المواجهات بين “حزب الله” والقوات الإسرائيلية يوما تصعيديا اخر بدأ بتعرض بلدات مارون الراس، علما الشعب والضهيرة لقصف إسرائيلي وامتد الى محيط بلدة كفرشوبا فيما تم إطلاق قذيفتين على مزرعة بسطرة ورباع التبن في مزارع شبعا. وقام الجيش الإسرائيلي بقصف موقع إطلاق صاروخ كورنيت على ثكنة له في مزارع شبعا.وردًّا على القصف، قصف “حزب الله” بالصواريخ موقع رويسات العلم الإسرائيلي في تلال كفرشوبا.وبعد الظهر طاول القصف الإسرائيلي محيط بلدة بليدا في القطاع الأوسط.كما ان رشقات نارية استهدفت موقعي البياض والمالكية الإسرائيليين من محيط بلدتي بليدا وعيترون.واشارت المعلومات الى إحتراق سواتر ومحيط موقع البياض الإسرائيلي مقابل بلدة بليدا بعد استهدافه من قبل “حزب الله” . وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية عن قصف “حزب الله” لمواقع الجيش الاسرائيلي في شمال الأراضي المحتلة ما أدى الى تعطيل جزء من منظومة الرصد على طول الحدود مع لبنان.وأعلن الجيش الإسرائيلي عن إطلاق نار من أسلحة خفيفة طال موقعًا عسكريًا في مسكاف عام حيث تمّ استهداف كاميرات وأجهزة استشعار في الموقع. وحلّق الطيران الإسرائيلي في أجواء منطقة البقاع الشمالي والهرمل على علو متوسط قبل أن ينكفئ نحو الجنوب الغربي. وعصرا، استهدف القصف الإسرائيلي سيارة من نوع “رابيد” في خراج عيترون، كانت تقل عمالا سوريين ذهبوا ليتفقدوا مزرعة الدجاج التي يعملون فيها فأصيبوا بجروح طفيفة وحوصروا بالقصف. فيما عمل الصليب الأحمر اللبناني بالتعاون مع اليونيفيل على سحبهم. واعلن”حزب الله” انه هاجم موقع رويسات العلم في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا بالأسلحة الصاروخية والقذائف المدفعية وحقق فيه إصابات مباشرة . كما اعلن مهاجمة موقعي العباد ومسكاف عام بالصواريخ الموجهة والقذائف المدفعية وتحقيق إصابات مؤكدة فيهما .
وفيما نعى “حزب الله” امس ستة من عناصره سقطوا في الجنوب أفادت معلومات مساء امس انه تم سحب الجثامين الستة من خراج بلدة راميا من قبل فريق من الصليب الأحمر والجيش اللبناني بمؤازرة “اليونيفيل”. وكان الحزب نعى السبت ايضا ستة من عناصره بما يرفع الحصيلة منذ بدء المواجهات مع الجيش الإسرائيلي إلى 25 .
الجمهورية: تركيز دولي على تحييد لبنان .. وإيران تُحذِّر واشنطن وإسرائيل
كتبت صحيفة “الجمهورية”:
تصاعدت أمس وتيرة المواجهات بين المقاومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي على الجبهة الجنوبية، لكنها ظلّت محكومة بقواعد الاشتباك المعمول بها بموجب القرار الدولي 1701. وإذ تبادل الطرفان التراشق المدفعي والصاروخي، تزايدت التوقعات باحتمال تَوسّع رقعة هذه المواجهات الى أبعد من الرقعة التي تدور فيها. وفيما تفقّد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قواته عى هذه الحدود متوعّداً «حزب الله» بـ»دمار لا يمكن تصوره عليه وعلى لبنان» في حال دخوله الحرب الى جانب غزة، شدّد الحزب في المقابل على «ان المقاومة التي تواجه العدو تضع مصلحة لبنان وشعبه في رأس أولوياتها، وهذه المصلحة تقتضي منع أهداف العدو في غزة». وفيما حذّرت واشنطن «أي منظمة وأي بلد يسعى الى توسيع النزاع»، حذّرت طهران في المقابل الولايات المتحدة واسرائيل من أنهما «في حال لم تضعا حداً فورياً للجرائم ضد الانسانية والإبادة الجماعية في غزة، فإنّ كل الاحتمالات ممكنة في أي لحظة، والوضع في المنطقة سيصبح خارجاً عن السيطرة».
على وقع المواجهات الدائرة بين المقاومة واسرائيل على الجبهة الجنوبية منذ اليوم الاول لحرب غزة، يستمر لبنان محور اتصالات داخلية وعربية ودولية لتجنب توسع الحرب اليه في ظل الاختراقات الاسرائيلية المتمادية للقرار 1701، وقد شهدت تلك الجبهة امس قصفاً عنيفاً متبادلاً في الوقت الذي أخلى الاسرائيليون 14 مستوطنة جديدة مُحاذية لحدود لبنان الجنوبية وفي عمق خمسة كيلومترات من الاراضي الفلسطينية المحتلة. وقد تمكنت المقاومة التي سقط لها اكثر من خمسة شهداء أمس من تدمير مواقع عسكرية اسرائيلية ودبابات وآليات وابراج مراقبة وتنصت واتصالات على طول الجبهة الممتدة من الناقورة حتى جبل الشيخ، وأوقعت قتلى وجرحى في صفوف الجيش الاسرائيلي.
مطمئنون
وقد تلقّى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس اتصالين من كل من الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط ووزير الخارجية المصرية سامح شكري، أطلعاه فيهما على نتائج اجواء «قمة القاهرة للسلام» التي انعقدت امس الاول وتركز البحث على الوضع في لبنان اضافة الى المساعي الجارية لوقف العدوان الاسرائيلي على غزّة.
وقال ميقاتي امام زواره امس انّ «الاتصالات الديبلوماسية التي نقوم بها دوليا وعربيا واللقاءات المحلية مستمرة في سبيل وقف الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وجنوبه تحديدا، ومنع تمدد الحرب الدائرة في غزة الى لبنان». واضاف «إن الاجتماعات والاستعدادات التي نقوم بها من أجل وضع خطة طوارئ لمواجهة ما قد يحصل، هي خطوة وقائية أساسية من باب الحيطة، لأننا في مواجهة عدو نعرف تاريخه الدموي، ولكننا في الوقت ذاته مطمئنون الى أنّ اصدقاء لبنان يواصلون معنا بذل كل الجهود لإعادة الوضع الى طبيعته وعدم تطوره نحو الأسوأ». وختم: «كنّا آثَرنا في بداية الازمة انتهاج العمل الصامت البعيد عن الاعلام، لكن البعض استغل ذلك ليشنّ حملة غير مبررة على الحكومة ويثير الهلع لدى الناس، ولمواجهة ذلك قررتُ وضع اللبنانيين أولاً بأول في صورة ما نقوم به، وأدعو أهلنا الى الوثوق بأننا مستمرون في الجهد المطلوب لإبعاد كل أذى عن لبنان».
مجلس الأمن
وعلى الصعيد الدولي علمت «الجمهورية» من مصادر دبلوماسية انّ مجلس الأمن الدولي سيعقد جلسة غداً لبحث الوضع قي الشرق الأوسط مع التركيز على الوضع في غزة. وسيكون الحضور على مستوى عال حيث سيحضر عدد من وزراء خارجية الدول المعنية بوضع المنطقة، ومنهم وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن وفلسطين. ويغيب وزير خارجية لبنان عبدالله بوحبيب لارتباطه بزيارة دمشق اليوم بناء لقرار مجلس الوزراء لبحث التنسيق في موضوع عودة النازحين والخطوات المُمكن تنفيذها.
تحذيران أميركي وإيراني
في غضون ذلك حذّر وزير الدفاع الاميركي لويد أوستن، أمس، من أن الولايات المتحدة «لن تتردد في التحرك» عسكرياً ضد أي «منظمة» أو «بلد» يسعى الى «توسيع» النزاع في الشرق الأوسط بين اسرائيل وحركة «حماس».
وفي المقابل، حذّر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الولايات المتحدة وإسرائيل من أنّ الوضع في الشرق الأوسط قد يخرج عن السيطرة ما لم توقِف الدولة العبرية «فوراً الجرائم ضد الانسانية والإبادة الجماعية في غزة».
وقال الوزير خلال مؤتمر صحافي مع نظيرته الجنوب إفريقية ناليدي باندور في طهران: «اليوم، المنطقة أشبه ببرميل بارود (…) أريد أن أحذّر الولايات المتحدة والنظام الصهيوني التابع (لها) بأنه في حال لم يضعا على الفور حداً للجرائم ضد الانسانية والإبادة الجماعية في غزة، كل الاحتمالات ممكنة في أي لحظة، والوضع في المنطقة سيصبح خارجاً عن السيطرة». وأكد أمير عبداللهيان أنّ «أي خطأ في الحساب في استمرار النزاع، الإبادة، المجزرة والتهجير القسري في حق سكان غزة والضفة الغربية، قد تكون له تداعيات ثقيلة» في المنطقة تؤثّر على «مصالح الدول المعتدية».
«حزب الله»
في هذه الاثناء أشار رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، خلال الحفل التأبيني الذي أقامه «حزب الله» للمقاوم محمود بَيز في مشغرة، إلى أنَّ «الدلال الذي يعيشه العدو بفِعل دعم أوروبا وأميركا وحمايتهما له، هو الذي منحه فرصة أن يستبيح غزة». وشدد على «أننا جزء من التصدي لهذه العدوانية ونحن لا نقصّر ولم نقصّر، والخبير يعرف أهمية ما نفعل». وأضاف: «لكن نحن لسنا معنيين بأن نواكب ثرثرات المُثرثرين هنا وهناك، ولسنا معنيين بأن نقدّم كشف حساب لما نفعله لأحد على الإطلاق. كَشفنا نقدّمه لله، لأننا نقاوم في سبيل الله». وقال: «نحن لسنا طرفاً مراقباً ونحن نقوم بما علينا وفق رؤيتنا التي تنصر قضيتنا المركزية وتحمي شعبنا وتضعف الضغط لعدوّنا وتمنع عدوانيته وتحمي بلدنا وأهلنا أيضا، نحن لا نفرّط بشيء من أجل شيء بل نتحرك في ضوء رؤية واضحة يمكن أن تحقق الهدف السياسي الذي ننشد ونريد، العدو لن ينتصر في غزة وليدمّر ما يدمّر». واكد ان «التدمير ليس انتصاراً بل انه سيزيد عزلته وسيعيد كل مشاريع التطبيع معه إلى الخلف، وبدل أن يشغل بعض الثرثارين ألسنتهم وأدمغتهم في البحث عن دور المقاومة في لبنان في دعم غزة وقضيتها وأهلها فليطالبوا النظام العربي بأن يُلغي من مشروعه التطبيع الحاصل بينه وبين العدو الصهيوني».
وفي الاطار نفسه شدد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله في مؤتمر صحافي عقده في بنت جبيل، على أنّ «العدو كان يخطط لاستهداف بلدنا، لكن الأميركي الذي يدير الحرب جعله يتراجع، خشية منه أن يلحق بالعدو هزيمة أخرى تُضاف إلى هزيمته الحالية»، مشيرًا إلى أنّ «العدو يدرك سلفًا أنّ في لبنان قوة المقاومة وجهوزيتها». ولفت إلى أنّ «المقاومة التي تواجه العدو تضع مصلحة لبنان وشعبه في رأس أولوياتها، وهذه المصلحة تقتضي منع أهداف العدو في غزة، لأنه يهدف إلى إحداث تغييرات في المنطقة، ولبنان من مصلحته أن يمنع العدو من تحقيق العدو أهدافه في غزة».
وأوضح فضل الله أنّه «إذا تركت غزة وحدها ستدفع كل الأمة الثمن». وأشار إلى أنّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله «يتابع ساعة بساعة مجريات المواجهة في الجنوب وغزة ويُشرف على إدارة المعركة مع القادة الميدانيين». واكد أنّ غياب السيد نصرالله وحضوره الإعلامي هو «جزء من إدارة المعركة».
جولة باسيل
في ضوء المخاطر والتحديات التي يواجهها لبنان، خصوصًا بعد العدوان الاسرائيلي والاحداث في غزّة واندلاع الاشتباكات على الحدود الجنوبية للبنان، قرر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل القيام إبتداءً من يوم غد بجولة تشاورية على القيادات السياسية في البلاد عنوانها حماية لبنان والوحدة الوطنية.
الموقف الاسرائيلي
وعلى الصعيد الاسرائيلي، وفي ظل حال التخبّط التي يعيشها سياسيا وعسكريا، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال جولة على حدود لبنان الجنوبية: «حتى الآن لا يمكننا تأكيد أنّ «حزب الله» قرر دخول الحرب». وأضاف: «أمّا إذا قرّر دخول الحرب فإنه سيجلب دماراً لا يمكن تصوره عليه وعلى لبنان وسيشتاق إلى حرب عام 2006». واشار الى «اننا نخوض معركة مزدوجة في جبهتي لبنان وغزة». وقال: «مستعدون لكل السيناريوهات وسنردّ بحزم على «حزب الله» إذا قرر المواجهة».
«رأس الأفعى»
الى ذلك قال وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات في حوار لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية «انّ إسرائيل لن ترد على «حزب الله» فقط إذا فتح جبهة جديدة انطلاقاً من جنوب لبنان ولكنها ستستهدف إيران مباشرة». وأضاف: «خطة إيران هي مهاجمة إسرائيل على كافة الجبهات، وإذا وجدنا أنهم ينوون استهداف إسرائيل فلن نكتفي بالرد على تلك الجبهات، بل سنذهب إلى رأس الثعبان، وهو إيران».
وتابع يقول: «إذا هاجمنا أعداؤنا فسنقضي عليهم، آيات الله في إيران لن يناموا هانئين في الليل، وسنتأكد من أنهم سيدفعون ثمنا باهظا إذا فتحوا الجبهة الشمالية».
وهدد بركات – وهو رئيس بلدية القدس السابق – بأن يدفع لبنان والحزب «ثمنا باهظا مثلما ستدفعه حماس»، مضيفاً «الرسالة الواضحة للغاية هي أننا سنلاحق قادة إيران أيضا، لدى إسرائيل رسالة واضحة للغاية لأعدائنا، ونحن نقول لهم: أنظروا إلى ما يحدث في غزة، سوف تحصلون على المعاملة نفسها إذا هاجمتمونا، سوف نقوم بمسحكم من على وجه الأرض».
واعتبر أنّ «حزب الله» «لن يقوم بالتصعيد من دون أن يتلقى أمراً من إيران»، مضيفاً انه «من نواحٍ عدة «حزب الله» هو إيران». وقال إن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك والرئيس الأميركي جو بايدن – اللذين زارا إسرائيل الأسبوع الماضي – يدركان أنّ هناك «تحالفاً عالمياً للشر بين إيران وحماس وحزب الله».
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس لقناة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية: «إن بلاده تشعر بـ«القلق» من أن تتحول الحرب الجارية مع حماس إلى صراع إقليمي أكبر». أضاف: «نحن قلقون، ونحضّ لبنان على التفكير مرتين أو ربما 200 مرة إذا كانوا يريدون حقاً تعريض ما تبقّى من سيادته وازدهاره للخطر، من أجل مجموعة من الإرهابيين في غزة»، وفق تعبيره. وأضاف: «لأنه حتى الآن، هذا ما يفعله «حزب الله»، ونحن نحضّ بشدة على عدم القيام بذلك».
وحذّر كورنيكوس عبر منصة «إكس» من أن «حزب الله» يعتدي ويجر لبنان إلى حرب لن يجني منها شيئاً، إنما قد يخسر فيها الكثير».
فيما نقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن مسؤول عسكري اسرائيلي قوله: «النية الآن هي حصار واحتواء الساحة الشمالية، وليس تصعيدها، وليس شن حرب واسعة النطاق. ونحن نعلم أن «حزب الله» يحاول جرّنا إلى مواجهة معهم، ليجعلنا نخطئ، ونحن نحاول بذل قصارى جهدنا حتى لا نقع في هذا الفخ».
تحذير أميركي جديد
وفي تحذير جديد لم يفهم المغزى من تكراره، أعلنت السفارة الاميركية أمس انّ «على المواطنين الأميركيين الذين يرغبون في مغادرة لبنان المغادرة الآن، بسبب الوضع الأمني الذي لا يمكن التنبؤ به. يُرجى إبلاغنا إذا كنت بحاجة إلى قرض لشراء رحلة طيران. لا تزال هناك رحلات متاحة، ولكن هناك انخفاض في القدرة الاستيعابية.
ملف النازحين
من جهة ثانية، وعشيّة توجّهه اليوم الى دمشق قال وزير الخارجية عبدالله بوحبيب لـ«الجمهورية» انه سيلتقي في دمشق نظيره السوري فيصل مقداد، ويبحث معه في نتائج الاتصالات والزيارات التي أجراها مع الأمم المتحدة والدول الغربية في ملف النازحين السوريين والتصور اللبناني لمعالجته، ويستمع منه إلى ما لديه من معطيات.
فيما اكدت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» انّ البحث سيتناول الطرق الكفيلة بتسهيل برامج عودة النازحين السوريين الى بلادهم بالتنسيق مع السلطات السورية.
ولم يعرف ما إذا كانت السلطات السورية سترتّب موعداً للقاء له مع الرئيس بشار الاسد، إذا وجدت ضرورة للقاء.
وسيرافق بوحبيب في زيارته المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري والأمين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد مصطفى إضافة الى عدد من المستشارين الديبلوماسيين والقانونيين.
نداء الوطن: ميقاتي “مُطمَئن” ونتنياهو يتوعّد و”حزب الله” يهاجم “الثرثارين”
دفعة أثمان حرب “على الحساب”: شلل سياسي واقتصادي… وعزلة
كتبت صحيفة “نداء الوطن”:
يمضي لبنان بخطى حثيثة على طريق جلجلة حرب غزة التي دخلت أمس يومها السادس عشر. وفيما يتصاعد لهيب المواجهات على الحدود الجنوبية، دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خط التهديدات ضد «حزب الله» أولاً، ثم لبنان تالياً. في المقابل، كان موقف «الحزب» ثابتاً في المضي في هذه المواجهات، فيما عبّر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن «اطمئنانه» الى عدم انزلاق مواجهات الجنوب الى الحرب.
كيف بدا المشهد العام في لبنان وسط كل التطورات الميدانية والسياسية؟ تجيب مرجعية سياسية لـ»نداء الوطن» فتقول: «يمكن تحديد المضاعفات الجانبية للحرب القائمة منذ أسبوعين بالنقاط الآتية:
– شلل العمل السياسي في لبنان، وتوقف البحث في الملف الرئاسي كلياً، ما يعني أنّ لبنان في حال حرب، والسياسيين في حال انتظار.
– شلل حركة السفر وتوقف شركات طيران عدة عن القدوم الى مطار بيروت، وتقليص رحلات طيران الشرق الأوسط، وسحب التأمين، ما يؤثر على حركة النقل الجوي، ناهيك عن تأمين البواخر المبحرة الى لبنان مع البضائع التي يمكن ان يشملها هذا الإجراء.
– شلل شبه تام في الحركة الاقتصادية والقرارات في المؤسسات والشركات، فالمؤسسات التي تعمل مع دول أخرى، تتحسب لنقل موظفيها الى الخارج أو الى مناطق آمنة في لبنان، كي لا يتأثر عملها.
– بلدان عدة سحبت رعاياها من لبنان بسبب الأوضاع وهي تترقب تطور الوضع».
ماذا عن التطورات الميدانية أمس؟
على الجانب اللبناني، أعلن «حزب الله» مقتل خمسة من عناصره من دون أن يحدّد الزمان، لترتفع بذلك حصيلة التصعيد في لبنان إلى 34 شخصاً، غالبيتهم مقاتلون من «الحزب»، إضافة الى ستة مقاتلين من فصائل فلسطينية وأربعة مدنيين.
أما على الجانب الاسرائيلي، فكانت حصيلة المواجهات حتى الآن مقتل ثلاثة أشخاص، على الأقل، أعلنت عنهم اسرائيل. وأفيد عن قصف إسرائيلي طال مناطق حدودية عدة، تزامناً مع تحليق كثيف للطيران. وأعلن الجيش الاسرائيلي أن قواته «رصدت خلية تحاول إطلاق صواريخ مضادة للدروع في اتجاه منطقة أفيفيم على الحدود مع لبنان»، مشيراً إلى أنّ قواته شنت «ضربة على الخلية قبل أن تتمكن من تنفيذ الهجوم».
كذلك، أطلق مقاتلون من الجانب اللبناني صاروخاً مضاداً للصواريخ على دبابة إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا، وفق الجيش الإسرائيلي الذي أعلن عدم وقوع إصابات أو أضرار.
ومن الميدان الى السياسة، حيث قال الرئيس ميقاتي في بيان إن «الاتصالات الديبلوماسية التي نقوم بها دولياً وعربياً واللقاءات المحلية مستمرة في سبيل وقف الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وجنوبه تحديداً، ومنع تمدّد الحرب الدائرة في غزة الى لبنان». وإذ أشار إلى أن الحكومة تعمل على وضع «خطة طوارئ من باب الحيطة»، أردف قائلاً: «مطمئنون الى أن أصدقاء لبنان يواصلون معنا بذل كل الجهود لاعادة الوضع الى طبيعته وعدم تطوره نحو الأسوأ».
وفي مقابل الموقف الحكومي، قال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد: «بدل أن يشغّل بعض الثرثارين ألسنتهم وأدمغتهم في البحث عن دور المقاومة في لبنان في دعم غزة وقضيتها وأهلها، فليطالبوا النظام العربي من أجل أن يلغي مشروعية التطبيع الحاصل بينه وبين العدو الصهيوني».
وقرر رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، إبتداءً من اليوم، التحرك في جولة تشاورية على القيادات السياسية في البلاد عنوانها «حماية لبنان والوحدة الوطنية».
أما في إسرائيل، فقد حذر نتانياهو أمس من أن «حزب الله» «سيرتكب أكبر خطأ في حياته» إذا ما قرر الدخول في حرب ضد الدولة العبرية. وقال خلال تفقده قوات إسرائيلية قرب الحدود مع لبنان «سيترحمون على حرب لبنان الثانية (2006)». وخلص في تهديداته العدوانية الى القول: «سنضربه بقوة لا يمكن تخيّلها وسيكون أثرها على الدولة اللبنانية مدمراً».
الأخبار: مَن الغبي (أو أكثر) الذي يريد إراحة العدوّ من عمليات المقاومة؟
كتبت صحيفة “الأخبار”:
هل قرّرت حكومة لبنان سياسة خارجية خاصة حيال ما يجري في الجنوب وربطاً بما يجري في فلسطين؟
عبدالله بوحبيب، والاتصالات غير المعلنة التي يجريها وآخرين في السلطة مع الجهات الغربية. وهي مواقف تستند إلى «تهديد» الولايات المتحدة وأوروبا بأن لبنان سيُدمَّر كلياً إذا دخل حزب الله الحرب لمساعدة حركة حماس في غزة.
بعد أسبوعين على بدء الحرب في جنوب فلسطين، وتصاعد الاحتكاك العسكري على الحدود مع لبنان، استسلمت الدبلوماسية الغربية إزاء مهمة استطلاع موقف حزب الله. لم يبقَ موفد أو صديق أو وسيط أو سياسي أو باحث أو إعلامي أو رجل أعمال إلا وجرّب حظه للحصول على جواب شافٍ من الحزب عما يفكر فيه للفترة المقبلة، إلى درجة دفعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى القول قبل مغادرتها بيروت: «ستكون توصيتي للرئيس إيمانويل ماكرون بأن الحرب قائمة بين لبنان وإسرائيل. صمت حزب الله لا يمنع من الاستنتاج بأنه يتجهّز لحرب قاسية. والخط الأحمر عنده هو بالضبط ما تريد حكومة إسرائيل تجاوزه في حربها ضد حماس».
الخلاصة الفرنسية نفسها تبادلها دبلوماسيون غربيون وعرب في بيروت يدركون بالتجربة صعوبة سبر أغوار الحزب، ولا سيما أن الجميع يدرك أن التواصل مع الحزب لم يعد مجدياً في ظل إصراره على «إستراتيجية الغموض» التي زادتها مؤشرات رصدتها الأجهزة الأمنية الغربية المحتارة في تفسير ما يقوم به. فهم يوافقون الجهات الإسرائيلية على أن الحزب ليس في حالة استنفار قصوى، وأن مؤسساته تعمل بشكل طبيعي، وأن الجهوزية واضحة فقط عند الحافة الحدودية. وهناك من بينهم من يطمئن نفسه بأن الحزب لا يرغب بتعديل قواعد الاشتباك، ويريد حصر المواجهة في مزارع شبعا، وأن الانتقال إلى مستوى أعلى من التصعيد أتى من جانب فصائل فلسطينية تنفّذ عمليات عبر الحدود تضامناً مع غزة. وفي هذه النقطة، تزداد حيرة الغربيين، إذ تفيدهم قوات اليونيفل بأن أحداً لا يمكنه القيام بعمل عسكري في الجنوب من دون علم حزب الله الذي يقول لهم إنه ليس حارساً للحدود. كذلك يدرك هؤلاء أن لا قدرة للجيش اللبناني على قمع المجموعات الفلسطينية، وتبريراته في ذلك أن النقاط التي يتحرك فيها المقاتلون مغلقة بفعل إمساك حزب الله بها.
في كل الحالات، يبدو البحث عن أجوبة في هذا المجال تمريناً دائماً للدبلوماسية الغربية وللأجهزة الأمنية، فيما إسرائيل، وحدها، تعرف أكثر من الجميع ما يريده حزب الله. وتدرك، تحديداً، أن الحزب لا يمكنه الصمت إزاء حرب حاسمة تُشن ضد المقاومة في فلسطين. وهي لا توفد وسطاء ولا تبعث برسائل للحصول على توضيحات من الحزب، بل تجرّب حظها في احتمال أن يرتدع حزب الله ويدير ظهره لما يجري في جنوب فلسطين. ولذلك، الرهان الأساسي للعدو هو على الدور الأميركي. أما الآخرون فليسوا سوى سعاة بريد يوصلون رسائل من دون اجتهادات. وإسرائيل التي لا تحتاج إلى من يخبرها عن «إستراتيجية الغموض» كانت تريد من الولايات المتحدة، ليس لفت انتباه الحزب أو تحذيره، بل أن تمارس تهديداً مباشراً وموجعاً وفعّالاً على الحزب. ولذلك تدرّج الأمر من بيانات ورسائل تولّت نقلها السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا ومندوبون في الأمم المتحدة وعبر الدبلوماسية الفرنسية التي حملت رسائل كبيرة. في مرحلة لاحقة، تحديداً عندما لم يسمع العدو سوى الصمت رداً على رسائله، سارع إلى الاستنجاد بالأميركيين طالباً منهم القيام بخطوة عملانية، فكان القرار بإرسال قطع عسكرية بحرية إلى المتوسط، ولم يخف الأميركيون أن وظيفة هذه الأسلحة هي ردع حزب الله، قبل أن يخرج الرئيس الأميركي جو بايدن بنفسه ليحذّر الحزب وإيران من القيام بأي شيء.
انتظر الأميركيون ومعهم إسرائيل رد فعل المقاومة في لبنان على هذه الرسائل. ولم يتأخر الوقت حتى ظهرت علامات الجواب. رفع مستوى العمليات ضد مواقع العدو عند الحافة الحدودية، ورفع مستوى الخطاب السياسي الذي تولّته إيران مباشرة على لسان رئيس دبلوماسيتها حسين أمير عبداللهيان بعد اجتماعه مع قيادة حزب الله في لبنان. وبعد وقت قصير، وإزاء رفع العدو الأميركي سقف تهديداته عبر القنوات الدبلوماسية، جاء الرد على شكل عمليات عسكرية مباشرة ضد القواعد العسكرية الأميركية في سوريا والعراق، ومناورات صامتة في بحر العرب والبحر الأحمر، والتقاط العدو إشارات استخباراتية إلى احتمال حصول عمليات ضد مصالح إسرائيل أو أميركا في أكثر من دولة في المنطقة.
كان لهذه الردود أثرها الكبير على الموقف الإسرائيلي الذي بات مضطراً لاتباع سياسة مختلفة في الميدان، فلجأ إلى إجراءات عسكرية غير مسبوقة، وأعطى قادة وحداته في الميدان حرية التصرف إزاء عمليات حزب الله، والقيام بضربات من دون الحذر المعتاد بعدم إصابة مقاومين، فيما تستمر المساعي لتطويق الأمر، ويبحث جميع أصدقاء إسرائيل في الطريق الأفضل لاحتواء الموقف على الجبهة الشمالية.
وسط هذا البحر من الرسائل النارية والدبلوماسية، ثمة من أخرج أرنباً من جيبه، فكان اقتراح وزير الخارجية عبدالله بوحبيب بأن تقوم الولايات المتحدة وأوروبا باتصالات مع إسرائيل لدفعها إلى خطوات من شأنها احتواء الموقف على الجبهة الشمالية. وبخلاف ما يقوله بوحبيب من أنه وزير للخارجية وليس مقاوماً يحمل السلاح، فقد بادر إلى إطلاق مواقف تنمّ عن أمر خطير للغاية، سواء كان هو صاحب الفكرة أو منفّذاً لها، علماً أنه هو من بادر بالتواصل مع قنوات محلية وعربية ودولية لترتيب مقابلات معه، ليقول: أقنعوا إسرائيل بإعلان وقف النار، ما يساعدنا في إقناع حزب الله بوقف نشاطه العسكري عند الحدود. فجأة صار بوحبيب ساعياً إلى توفير ما تريده إسرائيل بشدة في هذه اللحظات على الجبهة الشمالية، حتى لو ادّعى لاحقاً بأنه يقصد وقفاً لإطلاق النار في فلسطين. وهو لم يكتف بالتفكير في أمر خطير كهذا، بل أعلن أن موقفه جاء بعد تنسيق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومسؤولين آخرين من القوى السياسية البارزة.
وبعيداً عن حيرة الخبراء والناس حول من هو الأقل صدقاً، نفى رئيس الحكومة أن يكون هو خلف «مبادرة» وزير خارجيته، بل أكثر من ذلك، فقد نُقل عنه قوله: «لست فؤاد السنيورة، وأريد تنسيق كل خطوة مع المقاومة، حتى ولو كنت أكثر ميلاً إلى عدم الذهاب إلى الحرب». كذلك تبيّن أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ليس في أجواء ما يقوم به بوحبيب، بل يجري الحديث عن توتر في العلاقة بينهما منذ أكثر من أسبوع، علماً أن فريق باسيل يشكو من رفض بوحبيب، منذ أشهر، التنسيق مع الفريق الذي سمّاه إلى المنصب الذي يحتلّه. فيما الفرق الدبلوماسية المعنية تشير إلى أن جدول أعمال بوحبيب اليومي لا يخلو من اتصال أو محادثة كتابية أو لقاء مع السفيرة الأميركية.
كان على بوحبيب – طالما أنه يقول بأنه دبلوماسي مُحلّف – أن يختار كلماته بدقّة، فلا يساوي بين شهداء لبنان وقتلى العدو، وأن لا يتحدث عن المقاومة في لبنان وكأنها حالة غريبة مفروضة على اللبنانيين. بالنتيجة، قائمة أخطاء وزير الخارجية باتت طويلة جداً منذ معركة التجديد لولاية القوات الدولية في الجنوب. وهو إذ يبرّر ذلك، في مجالسه العلنية، بأن أحداً لا يحترم القرار 1701، فقد لا يكون أحد بحاجة إلى وثائق ويكيليكس لمعرفة ما يُقال في الجلسات المغلقة.
الترهيب الغربي مستمرّ: اكبحوا حزب الله وإلّا!
فيما كثّفت المقاومة ضرباتها على مواقع العدو الإسرائيلي على الحدود، توزّع المشهد السياسي الداخلي بين تحذيرات عواصم دولية تطلب من رعاياها مغادرة لبنان أو عدم زيارته، واستمرار الضغط على القوى السياسية لـ«منع حزب الله من الانخراط في حرب تؤذي لبنان».
وأشارت مصادر سياسية إلى «استياء كبير لدى السفراء الموجودين في بيروت بسبب عدم تجاوب الحزب مع أيّ من الرسائل التي تُنقل له عبر مسؤولين لبنانيين». وكشفت المصادر عن «تراجع سقف الكلام الدبلوماسي الذي بدأ بالتهديد والتحذير من شنّ أي ضربات ضد إسرائيل من جنوب لبنان، إلى الحديث عن ضرورة الحفاظ على المواجهات الحدودية ضمن إطار اللعبة وقواعد الاشتباك»، بعدَ أن «بدأ السفراء والمسؤولون الذين حملوا رسائل ولا يزالون ينقلونها يفقدون الأمل بسبب تجاهل الحزب لهم، إذ يتبلّغ هؤلاء من مسؤولين لبنانيين رسميين بأن لا جواب حاسِماً ومطمئِناً من الحزب في هذا المجال».
مع ذلك، يوصل المسؤولون الأميركيون تفعيل الخط الساخن مع المسؤولين اللبنانيين ويؤكدون أنهم «يعملون مع الجانب الإسرائيلي لوقف إطلاق النار، وأن على القوى السياسية أن تضغط على الحزب للقبول بهذا المسعى والالتزام بأي اتفاق قد يحصل».
وقد أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن اتصالين تلقّاهما من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير خارجية مصر سامح شكري للتشاور في مساعي وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن الاتصالات الدبلوماسية التي يقوم بها دولياً وعربياً ومحلياً مستمرّة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وجنوبه تحديداً، ومنع تمدد الحرب الدائرة في غزة إلى لبنان. ولا يكتفي الأميركيون بالتواصل مع ميقاتي، بل هناك خط موازٍ مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط، بحسب أوساط سياسية لـ«التواصل مع الحزب لمنع التصعيد أو الحسابات الخاطئة».
الديار: واشنطن تضغط على «تل أبيب» لتأجيل الإقتحام البرّي
جبهات اليمن والعراق ولبنان ناشطة لردع العدو… ومُساعدات بـ «القطارة» لقطاع غزة المحاصر
كتبت صحيفة “الديار”:
لا صوت يعلو فوق صوت الحرب في المنطقة. حرب تتوسع مع مرور الايام من دون ان يتضح حتى الساعة، اذا كانت ستتحول لحرب كبرى تُشعل المنطقة برمتها، ام ان المعنيين بها سيتداركون حجم القتل والدمار المقبلين، فيوقف العدو الاسرائيلي اجرامه واستكباره، ويجلس الجميع قريبا على طاولة المفاوضات بشروط المقاومة.
وفي الوقت الذي يعتبر الكثيرون ان غزو غزة البري، هو الذي سيُحدد المسار الذي سوف تسلكه المنطقة، لا يزال هذا الغزو مؤجلا حتى الساعة لاعتبارات عديدة، ابرزها مرتبطة بخشية جيش العدو الاسرائيلي مما تُعد له حركة حماس كما بملف الرهائن. ففيما عبّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن أمله في الإفراج عن مزيد من الرهائن (بعد الافراج عن رهينتين اميركيتين)، ذكرت مصادر لشبكة «CNN» إن «الولايات المتحدة تضغط على «إسرائيل» لتأجيل توغلها البري في غزة، لإتاحة المزيد من الوقت لمحادثات الرهائن لدى حركة حماس في القطاع، وتقديم المساعدات إلى المنطقة».
تفعيل جبهتي العراق واليمن
وقالت مصادر معنية بالملف لـ «الديار» ان «كل المؤشرات والمعطيات تؤكد ان الغزو البري حاصل لا محال، وبالتحديد للجزء الشمالي من غزة، لكن العدو يسعى لتحويله لارض محروقة قبل دخوله».
واشارت المصادر الى ان «حماس من جهتها تُعد العدة لمعركة قاسية جدا داخل القطاع، تترافق مع اشعال معارك على اكثر من جبهة اخرى، بعدما كثفت مؤخرا استهدافها المستوطنات».
واضافت المصادر: «كما ان ضغوط محور المقاومة بلغت اوجها في الساعات الماضية مع التصعيد الحاصل على جبهة لبنان، وتنشيط العمليات على جبهتي اليمن والعراق». واكدت ان «هناك قرارا واضحا بعدم استفراد «اسرائيل» بحماس، وبأن الرد على ذلك لن يتحمله لبنان وحده، انما المحور ككل في سياق مبدأ وحدة الساحات». وشددت المصادر على ان «العمليات من اليمن والعراق ستتكثف، وستكون منسجمة مع وتيرة التصعيد الاسرائيلي في غزة».
وفي هذا السياق، هدد الحوثيون في اليمن باستهداف السفن «الإسرائيلية» في البحر الأحمر، في حال تواصل القصف على قطاع غزة، فيما اعلنت المقاومة الاسلامية في العراق في بيان انها «استهدفت فجر الأحد قاعدة للقوات الاميركية غرب العراق «عين الاسد» بطائرتين مسيّرتين، أصابتا اهدافهما بشكل مباشر ودقيق».
من جهته، أكّد وزير الخارجية الإيراني حسن أمير عبد اللهيان، تعليقًا على العدوان الإسرائيلي على غزة، أنّ «المنطقة أصبحت كبرميل بارود نتيجة الحرب في غزة».
مساعدات بالقطارة
وفي غزة، تواصل القصف «الاسرائيلي» بوحشية، الا ان «القسّام» كثفت عملياتها العسكرية، فوجهت ضربة صاروخية بعشرات الصواريخ الى مستوطنة «نتيفوت» بغلاف غزة.
وافادت وسائل اعلام فلسطينية بان قوات النخبة في «القسام» اقتحمت موقع «كيسوفيم الاسرائيلي» شرق خانيونس جنوب قطاع غزة، وخاضت اشتباكات عنيفة.
واعلن متحدث باسم حكومة الاحتلال إن أكثر من 200 ألف شخص تم إجلاؤهم من بلدات قرب الحدود مع قطاع غزة وجنوب لبنان منذ 7 تشرين الاول الجاري. كذلك افيد عن ارتفاع عدد الجنود والمستوطنين القتلى في غلاف غزة والجنوب منذ بدء الاحداث الى 1400 ، والمصابين الى 5431.
«اسرائيل» رضخت للضغوط الاميركية، وسمحت يوم امس بدخول قافلة ثانية تضم 17 شاحنة مساعدات من معبر رفح باتجاه غزة. وكانت القافلة الأولى قد دخلت يوم السبت وضمت 20 شاحنة. ويأتي دخول تلك المساعدات بعد اتفاق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأميركي جو بايدن.
نصرالله يُدير المعركة
وعلى جبهة لبنان، احتدمت يوم أمس الاشتباكات على جبهة الجنوب. وواصلت المقاومة الاسلامية استهداف جنود العدو ومواقعه داخل الحدود وفي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة، موقعة المزيد من الخسائر بين جنوده والاضرار في مواقعه.
وفيما زفت المقاومة عددا من شهدائها، ركز رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على «الاتصالات الديبلوماسية التي نقوم بها دوليًا وعربيًا، واللقاءات المحلية لوقف الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وجنوبه تحديدًا، ومنع تمدد الحرب الدائرة في غزة الى لبنان». ولفت أمام زواره بحسب ما نقل مكتبه الإعلامي إلى «أنّني اتفهم شعور الخوف والقلق الذي ينتاب اللبنانيين جراء ما يحصل، ودعوات عدد من السفارات لرعاياها لمغادرة لبنان، لكنني لن أتوانى عن بذل كل الجهود لحماية لبنان».
وشدد ميقاتي، على أنّ «الاجتماعات والاستعدادات التي نقوم بها من أجل وضع خطة طوارئ لمواجهة ما قد يحصل، هي خطوة وقائية أساسية من باب الحيطة، لاننا في مواجهة عدو نعرف تاريخه الدموي، ولكننا في الوقت ذاته مطمئنون إلى أن اصدقاء لبنان يواصلون معنا بذل كل الجهود، لاعادة الوضع الى طبيعته وعدم تطوره نحو الاسوأ».
وتلقى ميقاتي اتصالاً من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الذي وضعه في أجواء «قمة القاهرة للسلام» التي عقدت يوم السبت.
وأفادت رئاسة الوزراء اللبنانية بأن البحث «تناول التطورات الراهنة والوضع في لبنان، إضافة إلى المساعي الجارية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزّة».
هذا، وأكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أنّ «عدم إطلالة السيد نصر الله الإعلامية هي جزء من إدارة المعركة»، موضحاً أنه «عندما يدرك السيد نصر الله أنّ إدارة المعركة تقتضي إطلالته سيقوم بذلك».
وتابع فضل الله «العدو كان يخطط للعدوان على بلدنا، ولكن الأميركي صاحب القرار الفعلي دفع العدو إلى التراجع خوفاً من هزيمة جديدة، فبلدنا مستهدف والعدو يتربص به، ولكنه يعلم أنّ المقاومة مستعدّة على طول خط الجبهة ببسالة».
وقالت مصادر سياسية رسمية لـ»الديار» انه «ورغم كل ما يُحكى عن خطط طوارىء واستعدادات لحرب محتملة، الا انه ما يمكن الجزم به بأن هذه الاستعدادات غير كافية على الاطلاق، في ظل الازمة المالية الكبيرة التي ترزح تحتها البلدات، والنقص الهائل في القدرات على المستويات كافة»، وتساءلت: «اذا كان انتشال الضحايا من تحت المبنى الذي سقط في المنصورية استلزم اسبوعا، فكيف الحال اذا سقطت عشرات المباني بفعل القصف «الاسرائيلي» المكثف والوحشي في حال اندلعت الحرب الشاملة؟!»
اللواء: جبهة الجنوب تحتدم وموقف هستيري لنتنياهو: سنسحق لبنان!
بلينكن على خط التحذيرات.. وبوحبيب إلى دمشق اليوم
كتبت صحيفة “اللواء”:
لم تتخطَ «حرب المواقع» على امتداد جبهة طولها اكثر من 100 كلم، المخطط المرسوم لها.
فعلى الرغم من ضراوة المواجهة، وارتفاع عدد شهداء حزب الله الى 22 شهيداً (نعاهم الحزب ببيانات رسمية، وشيع معظمهم)، لم تهدأ حركة «الفر والكر» عبر قصف اهداف عسكرية للاحتلال على عمق يتراوح بين 2 و5 كلم، عند الطرف الآخر من الحدود، والرد الصاروخي والمدفعي، وعبر المسيرات على المقاومة المنتشرة في التلال والأودية من الظهيرة وعيتا الشعب ومرواحين ومارون الراس وعيترون والعديسة والخيام الى كفرشوبا ومزارع شبعا.
وفضلا عن انهاك وحدات النخبة في الجيش الاسرائيلي وسقوط القتلى والجرحى بين الضباط والجنود، ضمن معادلة تحييد المدنيين، بدأت القيادة في اسرائيل على المستوى الرسمي والعسكري توسيع دائرة التهديد للبنان من إلحاق خسائر موجعة بضربات توجه اليه اذا لم يوقف حزب الله عملياته، وآخرها ما جاء على لسان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بما ان حزب الله سيرتكب اكبر خطأ في حياته اذا ما قرر الدخول في الحرب بالتزامن مع طلب من وزير الخارجية الاميركية انطوني بلينكن من الرئيس نجيب ميقاتي السعي لمنع حصول انفجار واسع اذا قرر حزب الله الدخول في الحرب، ثم جاء وزير الدفاع لويد اوستن ليرفع من وتيرة التهديد، عبر رسالة لايران، تضمنت ان الولايات المتحدة لن تتردد في التحرك عسكرياً ضد اي منظمة او بلد، يسعى الى توسيع النزاع في الشرق الاوسط بين اسرائيل وحركة حماس.
وحالة الارباك التي احدثتها المقاومة في الجنوب، فضلا عن الرسائل المشفرة التي لم يتأخر الاحتلال في قراءتها، أدّت إلى تحرك رئيس حكومة اسرائيل نتنياهو باتجاه الحدود اللبنانية، وقال من هناك: مستعدون لكل السيناريوهات، وسنرد بحزم على حزب الله اذا قرر المواجهة.. وسيواجه حزب الله حربا اقوى من الـ2006، مؤكدا من مقر قيادة المنطقة الشمالية: سنسحق لبنان، وسيشتاق حزب الله لحرب لبنان الثانية.
وسط هذه الاجواء، أكدت أوساط مراقبة لـ«اللواء» أن لبنان لا يزال في دائرة متابعة التطورات، ويضع المسؤولون والأحزاب جميع الاحتمالات أمامهم سواء بالنسبة إلى التهدئة أو التصعيد في الجنوب.
وقالت هذه الأوساط أن خطة الطوارىء التي وضعتها الحكومة قائمة وهناك قطاعات اقتصادية وتربوية وضعت المعنيين باعتمادها خطط معينة لمواجهة أي تطور سلبي، وهناك رسائل بدأت بالوصول من عدد من المدارس إلى أهالي الطلاب حول التدابير الاحترازية إذا تفاقم الوضع ومنها العودة إلى التدريس عن بُعد ، مشيرة الى ان الرئيس نجيب ميقاتي يواصل في الوقت نفسه اتصالاته الهادفة الى الاستقرار وليس مستبعدا عقد جلسة لمجلس الوزراء قريبا.
في الوقت نفسه لاحظت الأوساط أن مواقف عدد من الدول بدأت تظهر بشأن التحذير من فتح عدة جبهات.
بو حبيب إلى دمشق
وعلى خط الاتصالات مع سوريا، يتوجه اليوم وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب الى دمشق للقاء نظيره السوري فيصل المقداد، والبحث في مواضيع ذات اهتمام مشترك، من قضية النازحين في ضوء المعارك الجارية في غزة وجنوب لبنان، وانعكاساتها على لبنان وسوريا.
جولة باسيل
سياسياً، يبدأ رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل جولة على القيادات السياسية بهدف البحث عن سبيل حماية لبنان والوحدة الوطنية.
ومن بنت جبيل، اعلن النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» حسن فضل الله ان اسرائيل كانت تعد لضربة استباقية على لبنان، ولا خيار امامنا سوى استخدام حقنا المشروع في الدفاع عن بلدنا.
الوضع الميداني
ولليوم السادس عشر على التوالي، بقي الوضع الأمني المتوتر في الجنوب اللبناني محافظا على حرارة متصاعدة من التصعيد.ولم تخرج العمليات العسكرية وتبادل القصف عن اطار ضوابط اللعبة التي تلتزم بها اطراف القتال.
وخلال الساعات الماضية، ادى قصف «حزب الله» على مواقع الاحتلال الاسرائيلي الى احتراق سواتر ومحيط موقع البياض مقابل بلدة بليدا، اضافة الى قصف موقعي العباد ومسكاف عام، وموقع حانيتا، وموقع رويسات العلم في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة وتلال كفرشوبا بالصواريخ الموجهة والقذائف المدفعية، وحقق القصف وفق بيان الحزب «اصابات مؤكدة، وتدمير كمية من تجهيزاته الفنية والتقنية».
ومساء امس، استهدفت المقاومة الاسلامية موقع رويسات العلم في مزارع شبعا، وتلال كفرشوبا بالاسلحة المدفعية، وحققت اصابات مباشرة، كما استهدفت موقعي العباد ومسكاف عام بالصواريخ الموجهة.
وقررت اسرائيل اخلاء 14 مستوطنة ضمن مسافة 5 كلم عن الحدود مع لبنان.
وليلاً، تمكن الصليب الاحمر والجيش اللبناني، بمؤازرة قوات الامم المتحدة العاملة في الجنوب «اليونيفيل» من سحب جثث 6 شهداء لحزب الله من خراج بلدة راميا.
الأنباء: التعطيل المحلي مستمر والتهديد الإسرائيلي يرتفع.. أقسى الاحتمالات واردة
كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية:
دخلت الحرب على غزّة أسبوعها الثالث، وجيش الاحتلال الإسرائيلي يُمعن في عدوانه وحصاره، ويواصل غاراته على المدنيين والنازحين في المدارس والمساجد والكنائس، لترتفع حصيلة الشهداء الفلسطينيين إلى أكثر من 4000.
أول أمس، دخلت نحو 20 شاحنة مساعدات، وأمس دخلت 17 شاحنة، وهو عدد ضئيل جداً مقارنة مع واقع غزة وحاجات أهلها وأعداد النازحين الذين فاقوا 700 ألف نازح، الأمر الذي يستوجب تدخلاً حاسماً لفك الحصار الإسرائيلي القاتل على سكّان غزّة الذين يموتون إما بالغارات أو بنقص ضروريات العيش.
لبنانياً وفي ظل التحضيرات الاحترازية التي يقررها مجلس الوزراء تحسباً لتوسّع الحرب في الجنوب، فقد كان مستغرباً أن يواصل الوزراء المحسوبون على التيار الوطني الحر عدم حضور جلسات الحكومة، على خلفية حسابات التيار السياسية والرئاسية، في حين أن الظرف القاهر اليوم يستدعي أكثر من أي وقت مضى تلاقٍ وطني يخفّف عن البلاد وطأة أي مستجد.
وفي هذا السياق، سأل الرئيس وليد جنبلاط: “أما وأن البلاد في شبه حالة حرب، أيعقل أن تقاطع بعض القوى السياسية وبعض الشخصيات مجلس الوزراء للتمديد لقائد الجيش الحالي ولتعيين رئيس الأركان؟ كفانا حسابات رئاسية متخلّفة، فلنكن جبهة عمل واحدة لمواجهة أقصى الاحتمالات”.
النائب السابق علي درويش علّق على مقاطعة وزراء التيار، معتبراً أن “الأمر بمثابة موقف سياسي”، لكنه تحدث عن “تواصل مستمر” بين الوزراء المقاطعين والرئيس نجيب ميقاتي، وأضاف: “هم جزء من خطّة الطوارئ التي تعمل عليها الحكومة، ولو أن ميقاتي كان يُفضّل مشاركة الجميع في الجلسات بهذه المرحلة الدقيقة”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، أشار درويش إلى ملف التمديد لقائد الجيش، فأوضح أن “الموضوع طُرح خلال الاجتماع الوزاري الأخير الذي عُقد في السرايا، لكنه يحتاج لمزيد من التشاور بين القوى السياسية وعلى المستوى القانوني أيضاً، ولا تصوّر نهائي في هذا الخصوص”.
وفي ما يتعلق باتصالات ميقاتي مع “حزب الله” من جهة، واتصالاته مع الجهات الدبلوماسية الخارجية من جهة أخرى، كشف درويش أن “لا ضمانات لا من الداخل ولا من الخارج لجهة عدم الانزلاق إلى الحرب، وهناك دول فاعلة أشارت إلى احتمال التوجّه نحو سيناريو الحرب، لكننا بدورنا ندعو لأن لا تحصل، إلّا أن الموضوع أكبر من لبنان”.
بموازاة ذلك تزداد نبرة التهديدات الإسرائيلية للبنان، في حين ارتف٦ع التحذيرات الأميركية في الساعات الأخيرة. وقد هدّد رئيس وزراء العدو بينامين نتنياهو بحرب “أقسى من العام 2006 في حال غامر “حزب الله”، في وقتٍ قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستين إن بلاده “لن تتردّد في التحرّك” في حال توسّع النزاع.
إلّا أن “حزب الله”، الذي نعى 11 من عناصره في اليومين الماضيين، لم يعلّق بعد، ولم يتحدّث أمينه العام حسن نصرالله، في ظل تسخين مستمر للجبهة الجنوبية وارتفاع وتيرة الاشتباكات.
إذاً، ما من ظرف أكثر حساسية وخطورة على لبنان يستدعي حداً أدنى من التوافق لتحييد لبنان أو على الأقل حماية مواطنيه من أي خطر مقبل، وهو ما يحتّم على الأقل جلوس كل الوزراء الى طاولة الحكومة، لأن المرحلة تستدعي عملاً فعلياً، لا مواقف شعبوية.
الشرق الأوسط: «حزب الله» يشجّع تنظيمات مسلّحة جديدة بحثاً عن «غطاء سُنّي» للحرب
ظهورها يعزز فرص الانجرار إلى المواجهة على محور جنوب لبنان – شمال إسرائيل
كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”:
في جو القلق الذي يعيشه اللبنانيون من انخراط بلدهم في الحرب الطاحنة الدائرة منذ أسبوعين بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، يأتي إعلان تنظيمات مسلّحة، غير «حزب الله»، إطلاقها صواريخ من جنوب لبنان باتجاه المستعمرات الإسرائيلية، ليضاعف قلق الناس ويزيد خوفهم من تفلُّت الأمور وانجرار لبنان إلى الحرب.
بعض تلك التنظيمات معروف، مثل «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وبعضها جديد مثل «قوات الفجر» التابعة للجماعة الإسلامية، التي أعلنت مرتين إطلاق صواريخ نحو مواقع إسرائيلية.
لكن الجديد في الأمر أنها المرة الأولى التي يُعلن فيها تنفيذ تلك التنظيمات عمليات من جنوب لبنان. ويعتقد أن ذلك يحدث بغطاء وتشجيع من «حزب الله»، الذي يسعى إلى حشد أكبر عدد من التنظيمات المسلّحة على جبهة الجنوب؛ بحثاً عن «غطاء سُنّي» لدوره في الحرب التي تتزايد احتمالات توسعها إلى لبنان.
الإعلان عن ولادة «قوات الفجر» طرح علامات استفهام عن توقيته وأبعاده، خصوصاً أن «الجماعة الإسلامية» تتموضع سياسياً في الضفّة المناهضة لـ«حزب الله»، من الجهة النظرية. لكن عملياً، يستحيل أن تلعب دوراً عسكرياً في الجنوب إلّا بموافقة الحزب وبغطاء منه.
واعتبر رئيس المكتب السياسي لـ«الجماعة الإسلامية» (الفرع اللبناني لتنظيم «الإخوان المسلمين»)، علي أبو ياسين، أن «إعلان قوات الفجر، الجناح العسكري للجماعة الإسلامية، عمليتها في جنوب لبنان، لا يعني أننا في أي محور خارجي، ولن نكون». وقال إنّ «ما جرى الإعلان عنه هو أمر طبيعي، فقوات الفجر كانت، ولا تزال ولم يتوقف عملها الجهادي والإعدادي». وأكد أن «قوات الفجر ستبذل كل ما تستطيع للقيام بواجبها تجاه أهلها وأرضها ووطنها ولأهل غزة».
«شريك في القرار»
تعتبر «الجماعة الإسلامية» في لبنان أنها «ليست طارئة على المقاومة، بل كانت في طليعة القوى التي واجهت إسرائيل» قبل خمسة عقود. وأكد قيادي في الجماعة لـ«الشرق الأوسط»، أن «قوات الفجر هي عبارة عن جناح عسكري للجماعة الإسلامية تأسس في عام 1975، وشارك في المواجهة ضدّ الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، وسقط له أول ثلاثة شهداء في مدينة صيدا».
وعلّق القيادي على العملية التي تبنتّها هذه القوات في الساعات الماضية، فأوضح «أن المقاومة ليست حِكراً على فريق معيّن، والجناح العسكري للجماعة يخطط لعملياته، دون التنسيق مع القيادة السياسية، لكن حكماً، ثمة مرجع سياسي قد يكون على مستوى الأمين العام (لـ«حزب الله») أو من ينتدبه الأخير شريكاً في هذا القرار».
انضمام فصائل مسلّحة إلى قائمة التنظيمات المنضوية في محور المقاومة، لا يشكّل مكسباً عسكرياً لـ«حزب الله» بقدر ما هو محاولة لتوفير غطاء شعبي يسعى لنَيله، خصوصاً في البيئة السنيّة التي تنتمي إليها هذه الفصائل طائفياً.
«توريط لبنان في الحرب»
ولا يستغرب مدير «المركز الجيوسياسي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، نوفل ضوّ، الإعلان عن تشكيل فصيل «قوات الفجر»، خصوصاً أن «الجماعة الإسلامية تعتبر نفسها توأماً لحركة حماس». لكنه أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «ثمّة خشية من أن يورطها (حزب الله) في العمليات العسكرية، حتى يحظى بتأييد من الطرف السنّي، ولا يتحمّل وحده تبِعات توريط لبنان في الحرب».
ولا يستبعد ضوّ أن يكون «انخراط مجموعة ما يسمّى (قوات الفجر) نوعاً من المزايدة والسباق: مَن المقاوم أكثر من الآخر». ويشير إلى أن «لبنان يعيش وضعاً استثنائياً وحرجاً جداً ينذر بانفلات الأمور على حرب واسعة، بدليل استعجال الدول الغربية بإجلاء رعاياها من لبنان بأقصى سرعة».
ويشدد ضوّ على أن «الإصرار على إبراز أدوار لتنظيمات مسلّحة لبنانية وفلسطينية، سواء التقليدية أم الجديدة منها، يدفع الدول إلى اتخاذ تدابير احترازية في لبنان؛ لأن هذه الدول لديها تجربة صعبة تتمثّل بخطف حركة (حماس) عدداً من رعاياها في إسرائيل، وهي تخشى أن يتكرر في لبنان، إذا اشتدت الأمور تأزماً، خصوصاً أن هذه الدول تتخذ مواقف علنية داعمة لإسرائيل».
وذكّر بأن «بعض الدول التي شاركت في القوات المتعددة الجنسيات في لبنان، ببداية ثمانينات القرن الماضي، عانت من عمليات خطف لمواطنيها على الأراضي اللبنانية، وهي تخشى تكرار هذه التجربة الآن».
استيلاد هذه التنظيمات في الجنوب يشير إلى تنامي العمليات العسكرية ضدّ إسرائيل، ما يرفع منسوب الخطر من اندلاع حرب تخرج عن «قواعد الاشتباك» التقليدية المرسومة منذ انتهاء حرب يوليو (تموز) 2006. ورأى الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد خليل الحلو، أن «العمليات العسكرية في جنوب لبنان بين (حزب الله) وإسرائيل تجري ضمن إيقاع مضبوط بدقّة، بحيث إن الحزب يطلق صواريخ لا يتعدّى مداها الـ3 كيلومترات، وتردّ إسرائيل بقصف ضمن نطاق جغرافي محدد».
رفع مستوى الخطر
وقال العميد الحلو لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يخشاه (حزب الله) أن تستغلّ إسرائيل الدعم الدولي لها، ووجود ثلث القوّات الأميركية في المنطقة، وتوجّه ضربات قاصمة له». وتوقّف الحلو عند المخاوف التي عبر عنها الكلام الأخير لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي قال: «لا شيء يضمن أن تتجه إسرائيل إلى لبنان لضرب (حزب الله)، إذا ما حققت تقدماً في غزّة، لذلك فمن المرجّح أن يلجأ الحزب إلى خطوات استباقية». ويشدد الحلو على أن «الهامش الرمادي بين إسرائيل و(حزب الله) قد يؤدي إلى نشوب حرب بأية لحظة، وهذا ما تخشاه الدول الغربية التي تطالب رعاياها بمغادرة لبنان».
لا يكاد يمرّ يوم إلّا وتعلن كتائب «عز الدين القسام» و«سرايا القدس» سقوط قتلى لهم، خلال عمليات تسلل من جنوب لبنان إلى الداخل الإسرائيلي، وهذا يفتح الباب على تطورات أمنية وعسكرية واسعة، إذ حذّر العميد الحلو من «إمكان استهداف إسرائيل مقرّات هذه الفصائل في العمق اللبناني، ما قد يؤدي إلى إشعال فتيل التفجير»، مستغرباً «الإعلان عن تشكيل جناح عسكري للجماعة الإسلامية، وانضمامه إلى محور المقاومة». وقال: «الجماعة الإسلامية لديها نفوذ سياسي وشعبي في منطقة شبعا، أما الحديث عن تشكيل (قوات الفجر) فهذه مسألة تحتاج إلى تدقيق، ولا شكّ أنها ترفع مستوى الخطر».