أن يُغامر ويُجرّب سمير جعجع، فهذه هوايته الأحب، سواء إعترف بذلك أم لم يعترف. ربما يندم على أمور كثيرة، لكن الندم الأكبر هو على تسليم سلاحه في مطلع تسعينيات القرن الماضي. ماذا لو إقتدى بحزب الله بتمسكه بسلاحه، هل كان لُيحدث فرقاً في معادلات لبنان طيلة ثلاثة عقود مضت؟ في تشرين الأول/أكتوبر 2022، يُدشّن سمير جعجع أولى سنوات خريف عمره السبعيني. أكثر من خمسين عاماً من “النضال” والهدف واحد: رئاسة الجمهورية. هذه المرة، يبدو “الحكيم” مهووساً بلعبة الإنتخابات أكثر من أي وقت مضى. يشعر بأن الوقت صار داهماً. يريد أن يستخدم كل الأوراق. أوراق الداخل والخارج. أوراق المسيحيين وغير المسيحيين (تثوير الشيعة ضد حزب الله.. والسنة ضد الحريرية). إما أن يربح هذه المرة أو ينتقل إلى خطة جديدة إذا توفر من يُخطط له! في كتابه “موارنة من لبنان”، الصادر عن المركز العربي للمعلومات (1988)، يروي الزميل حازم صاغية حكاية إجتماعه بسمير جعجع في منزل كريم بقرادوني، غداة “حرب الجبل” (1983). يقول صاغية عن جعجع “كان مجرد مهزوم في حرب الجبل، ضائعاً ومتردداً. مع هذا، فحين سأله أحدنا عن أوضاع الناس الذين هُجروا والآخرين الذين حاصروا دير القمر، إستجمع جعجع قدراته وأجاب “هذا ليس بالمهم. القضية هي الأهم”. الناس مجرد حطب. عليك أن تخترع لهم عدواً. قُم بالتحشيد والتعبئة والتحريض. على الناس أن توالي “الحكيم” وتقاتل في سبيل “القضية”. يموت الناس من أجل القضية ولكن ما هي قضيتك يا “حكيم” أبعد من رئاسة الجمهورية؟ يكاد سلوك سمير جعجع منذ خروجه من السجن قبل ستة عشر عاماً يكون مُحيّراً جداً. تضامن كثيرون معه. تضامن أبعد من “بيئته” خلال “حقبة المظلومية” التي إستمرت عقداً من الزمن، لكن “جعجع الجديد”، قدّم نموذجاً من السلوك السياسي “النطناط”، بدءاً من رهانه على حرب تموز 2006 وصولاً إلى نموذج “حرب الجميزة” 2021 وبينهما خيار “فليحكم الإخوان” و”تفاهم معراب” وصولاً إلى خطاب تثوير الشعب اللبناني كله في “يوم الشهيد”. الأفدح أن الرجل لا يتعلم لا من دروسه ولا من دروس الآخرين. الدليل هو نموذج العلاقة القواتية ـ السعودية تحديداً.
Continue reading at جعجع من “الثورة” إلى “التثوير”.. إنها الرئاسة يا عزيزي! | 180Post