الرئيسية / مقالات خاصة / *ملتقى حوار وعطاء بلا حدود يفتح ملف التعديلات الأخيرة على قانون السرية المصرفية* : 

*ملتقى حوار وعطاء بلا حدود يفتح ملف التعديلات الأخيرة على قانون السرية المصرفية* : 

*ملتقى حوار وعطاء بلا حدود يفتح ملف التعديلات الأخيرة على قانون السرية المصرفية* :

*تويني: التعديلات الأخيرة لهذا القانون جاءت خارج السياق في التاريخ والجفرافيا ومن حيث الشكل والمضمون*.

 

 

*حمود* :

في إطار مواكبتنا الدائمة في ملتقى حوار وعطاء بلا حدود وجمعية ودائعنا حقّنا لقضية حقوق المودعين في المصارف اللبنانية وبعد إنضمامنا مُؤخّراً للّجنة التأسيسية لجبهة روابط وجمعيات الحماية عن حقوق المودعين فتحنا مُؤخراً ملف السلبيات الخطيرة للتعديلات الأخيرة التي طالت قانون السرية المصرفية. ويأتي ذلك طبعاً ضمن مُواكبتنا ورصدنا الدائم لكل الخطوات والخطط ومشاريع القوانين او التشريعات التي قد تطال من قريب او بعيد قضية المُودعين في المصارف اللبنانية او ملف مكافحة الفساد في لبنان وخطط إعادة التعافي الإقتصادي والمالي، والتي ظهر لنا طيلة كل تلك الفترة انها تأتي ضمن نهج مُتكرّر ومُنتظم مُتّبع من جانب اركان السلطة الحاكمة الفاسدة وهدفه الأساسي حماية الفاسدين والمرتكبين وتصفية قضية المودعين وشطب حقوقهم.

فمواكبتنا تأتي طبعاً ضمن إستمرار لمسيرة حافلة تتوجّت من خلال النداء -الرسالة التي وجّهناها لسعادة الأمين العام للأمم المتحدة السيد “انطونيو غوتيريس” منذ سنة تحديداً على ضوء التقرير الذي قدّمه له يومها المُراقب الأممي السيد “أوليفيه دي شوتر”، المُقرّر الخاص للأمم المُتحدة المعني بالفقر، والذي قال بنهاية مُهمّته الى لبنان بتاريخ ١٢ تشرين ثاني ٢٠٢١ ”:

إن الشعب اللبناني يتعرّض لعمليات إفقار مُتوحّش، مُنظّم ومُنتظم”، مع العلم المُسبق بالنتائج، وهذا ما يشكّل احد العناصر الأساسية في جريمة ضد الإنسانية لإضطهاد شريحة كبيرة من المواطنين اللبنانيين، بحسب ما ورد في المادة ٧ من “نظام روما” المُنتج للمحكمة الجنائية الدولية. وقد كنا يومها اوَل من أطلق هذا النداء-التحذيري لأركان السلطة الحاكمة بعد ذلك التقرير الذي قدمه السيد “دي شوتر” والذي قابله البروفسور فضل ضاهر في اليوم الثاني لبدء مهمته كمراقب أمُمي في لبنان وهذا ما يستوجب بطبيعة الحال ، كما لا يخفى على أحد لا سيما خبراء صندوق النقد الدولي الرافضين كما يُسرّب لسرقة واختلاس أموال المودعين، مبادرة السيد غوتيريس إلى توجيه رسالة إلى مجلس الأمن يطلب فيها تشكيل لجنة تقصّي وتحقيق أممية على جناح السرعة وبما لا يحتمل التأجيل تداركاً لاعدام الشعب اللبناني المشهود من العالم باسره، ومنعاً لإنهيار الوطن الذي يشيعون زوراً وبهتاناً أنه مُفلس في تواطؤ مكشوف ومُجرم يستدعي مُلاحقة مروجيه لإعتبارهم شركاء ومُتدخّلين في ابشع جريمة ضد الإنسانية حصلت في هذه الألفيه . كذلك وكان لنا طيلة السنوات الماضية الكثير من المحطات والخطوات التي كان لها دور كبير في السعي لتجييش الرأي العام ودفعه للضغط لتصويب دور القضاء اللبناني المُستقيل من دوره تقريباً كلياً في مكافحة الفساد والمتلكئ عن اخذ اية خطوات حقيقية لمحاسبة المسؤولين الفاسدين المُشاركين عمداً او تقصيراً عن ما وصلنا اليه من إنهيار، وللضغط ايضاً على تصحيح مسار عمل بعضه الآخر المُتواطئ للأسف في كثير من الأحيان لتغطية بعض المُرتكبين ومنع التحقيق معهم او مسائلتهم في هذا الملف، او لجهة سعينا الدائم ايضاً باتجاه ضمان استقلالية هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان وتصحيح هيكلّيتها وآليات عملها وتأمين الانسجام في تشكيلها مع مُقتضيات الاتفاقيات الدولية المُتعلّقة بمكافحة الفساد وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، والتي لا يمكن ابداً ان تكون لديها كل هذه الصلاحيات المحصورة تقريباً في يد شخص واحد هو حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة والذي هو الخصم والحكم في آنٍ واحد في الكثير من هذه الملفات بعد فتح العديد من التحقيقات القضائية التي تدور فيها شُبهات فساد شبه مُوكّد وغيرها من الأعمال غير المشروعة التي طالته شخصياً في العديد من الدول الأوروبية وايضاً في لبنان. وهي اخيراً إستكمال لخطوات كبيرة قمنا بها لجهة إطلاق مسار إنتاج الآلية القانونية لإسترداد الأموال المنهوبة والمحوّلة والمهرّبة، وهو كما نعلم احد اهم المعابر الأساسية لحفظ وإسترجاع قسم كبير من الودائع والمال المنهوب إذ اننا نعلم جميعاً خطورة ما حصل في المصارف خلال فترة إقفالها بعد حراك ١٧ تشرين اول ٢٠١٧ وكيف استغلّ بعض السياسيين والنافذين تلك الفترة لتهريب مبالغ طائلة قّدّرت بحوالي ١٢ الى ٢٠ مليار دولار اميركي.

ويأتي هذا الإهتمام بالتعديلات التي اقرها مجلس النواب في جلسته التي عقدت في ١٨ تشرين اول ٢٠٢٢، لأننا نعرف جميعاً الأهمّية القصوى لهذا القانون في اي مسار إصلاحي حقيقي، خاصة لجهة مُحاربة الفساد المُتجذّر والمُعشعش حتى النخاع في كل الوزارات والإدارات والمؤسسات اللبنانية، وايضاً لأهميته بالنسبة لإستعادة ثقة المواطنين والمجتمع الدولي وكل مُؤسساته المانحة او المُراقبة، وخاصة تلك المعنية بمُساعدة لبنان على إعادة إستنهاضه إقتصادياً ومالياً ومنع إستكمال إنهياره من قِبل اركان السلطة السياسية والمالية والنقدية الحاكمة التي لا تزال تناور وتمكر من اجل عدم تمرير اي قانون إصلاحي حقيقي.

وبعد ان وقفنا في الأجزاء السابقة من هذا الملف حول التعديلات الأخيرة لقانون رفع السرية المصرفية على موقف دولة الرئيس ووزير الصحة السابق، النائب عن كتلة القوات اللبنانية الأستاذ غسان حاصباني،

ونشرنا المطالعة القانونية الكاملة

لرئيس لجنة الدفاع عن حقوق المودعين في نقابة المحامين في بيروت، المحامي الأستاذ كريم ضاهر، وبعد نشرنا الجزء الأول والثاني من دراسة تقييمية ناقدة لقانون

تعديل “قانون السرية المصرفية

تاريخ ٣\٩\١٩٥٦” من منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان اجراها الخبير القانوني المخضرم البروفسور فضل ضاهر، والتي شرح فيها الأسباب المُوجبة للمُطالبة بالطعن بهذه التعديلات امام المجلس الدستوري وكل الشوائب والعوائق التي فخّخ فيها المشرّعون هذه التعديلات بحيث جعلوا هذا القانون غير قابل واقعياً للتطبيق وغير ذي جدوى وفعالية في محاولة السعي الجدي لمحاربة الفساد في لبنان، وهو اسلوب اعتمده المشرعون طيلة السنوات الماضية وتعمّدوا من خلاله اي عبر دسّ المواد المُلتبسة او المُبهمة والآليات المُعقَدة وغير القابلة للتطبيق (عن سابق اصرار او تصميم او سهواً اذا احسنًا الظن بهم!؟) من اجل منع اي مُحاسبة لأي فاسد في لبنان رغم كل ما اصابنا من ويلات بسبب تشريعاتهم وتواطئهم، وتقاعصهم عن قيامهم بدورهم الرقابي والتشريعي السليم طيلة السنوات الماضية التي اسست لأزماتنا.

 

وإستكمالاً لهذا الملف نضع بين ايديكم اليوم المطالعة القيمة التي قدمها لنا الوزير السابق لشؤون مكافحة الفساد الأستاذ نقولا تويني والذي خلص فيها الى القول ان هذه التعديلات اتت للأسف خارج السياق التاريخي والجفرافي في الشكل والمضمون.

 

*تويني:*

إفتتح تويني مداخلته بالقول انا لست خبيراً في التشريع وفي القوانين لذلك اُفضّل ان ادخل في وظيفه هذه القوانين. اولاً في الشكل قانون السريه المصرفيه له منطلقاته التاريخية. وقد ابتدأت بتطبيقه بلدان مثل سويسرا وغيرها، وكانت وظيفه السريه المصرفيه في تلك البلدان التمكّن من جلب الاموال، اموال اغنياء اوروبا واغنياء اميركا والعالم، الى ملاذ آمن لا يوجد فيه ضرائب عاليه على الثروه وضريبه تدفع مرة في السنة بشكلٍ مقطوع كما هو متّبع في سويسرا وغيرها….

 

في الحقيقه ليس لي تجارب في هذه المصارف الأجنبية، ولكن هذا ما قرأته عن هذا الموضوع. اما فيما يتعلّق بلبنان فالعميد ريمون إده رحمه الله طرح هذا القانون وتمّ التصويت عليه في مجلس النواب اللبناني وذلك بعد نكبه فلسطين. وتدفق إثر ذلك إلى لبنان أكثر من ٢٥٠ مليون ليرة استرليني في تلك الفترة، وابتدأت الأموال تتدفّق على لبنان على وتيرة الإنقلابات التي كانت ابتدأت في الوطن العربي ككل. فكان انقلاب حسني الزعيم في سوريا في ٣٠ آذار ١٩٤٩، وبعده انقلاب أديب الشيشكلي، وبعده الانقلاب على نور السعيد في العراق وعلى الملكيه في العراق وعلى الملك غازي في العراق، وكذلك على الملك فاروق مع الرئيس جمال عبد الناصر في مصر. وابتدأت الاموال تتدفّق إلى لبنان، خاصةً من الاغنياء العرب ومن اموال البلاد العربيه المحيطه. وكان لبنان يومها ملاذاً ايضاً للتجار. فكان التجار يستوردون البضاعه الى لبنان ويعيدون تصديرها الى البلاد العربيه والى الخليج. وكانت وظيفه هذه الاموال ووظيفه هذه البنوك ان تحفظ الاموال بالطبع، وان تحفظ سريه تصرّف المُودعين وسريه هويه المُودعين. أما اليوم فهذا القانون يبدو لي خارج الزمان والمكان، لأنه اذا كان في الجغرافيا، فليس هناك من اموال عربيه آتيه الى لبنان حالياً، واذا كان في التاريخ، فتاريخ هذه التغيّرات طوى عليها الزمن، ولم يعد هناك اموالاً مُتدفّقه من البلاد العربيه، بل العكس صحيح حيث ان لبنان حسب ما علمنا حصل فيه هجرة عكسية لرؤوس الأموال بحيث ان اكثر من ٢٠٪ من الودائع تم تحويلها خلال الفتره الرماديه الانتقاليه الى خارج لبنان. وهذه الودائع اعتقد انها كانت تُمثّل ودائع تشمل عشرة آلاف مُودع، وهي ودائع تُمثّل اكثر من ٤٠٪ من أصول الودائع. أما ما تبقى منها فالظاهر أن هنالك كمية من الاموال المُودعة من اللبنانيين وايضاً من المُودعين العرب، وهي أرقام عالية نوعاً ما، ولكن الآن تُمثّل بين ١٠ و ١٥ ٪ من الودائع فقط. هذه المعلومات كلها معلومات تقريبية وليست اكيدة. والأكيد ان ما تبقّى، اي ان ٩٥٪ من المُودعين اليوم هم من فئه المُودعين الذين يُمثّلون فقط ٥٠٪ من اجمالي الايداع، وهي حسابات كلها صغيرة او مُتوسطة لم يتمّ تحويلها الى الخارج. فإذا هذه السريه على مَن؟ هل ستأتي في المنظور القريب اموال الى لبنان؟ هل سيستقبل لبنان في المنظور القريب اموالاً لمودعين لديهم مشاكل ماليه او حظراً او مشاكل في بلادهم؟ اعتقد انه مع القوانين العالميه ومع دخول لبنان في الإستراتيجيه الدوليه لمُكافحه الفساد وتوقيع لبنان على جميع قوانين مُكافحه تبييض الاموال ومكافحه التحاويل المشبوهه او الحسابات المُرقّمة المجهوله الهويه او المجهولة المنشأ، او مع عدم معرفه مصدر هذه الاموال، اصبح من الصعب جداً ان يكون لهذا القانون اية فعالية بل فعالية عكسية تشوّه صورة البلد في الخارج. اما بالنسبة للسريه المصرفية، فإن هذه البنك وكراسيه الموجوده في لبنان التي دمّرت نفسها من الداخل بالتدمير المُبرمج الذي حصل في الثلاث سنوات الاخيرة، ألا وهي صرف حوالي ٣٥ مليار من اموال المودعين لحمايه الليرة اللبنانيه كما قال نائب رئيس مجلس الوزراء الاستاذ سعاده الشامي. كذلك فقد كان هنالك ما يقارب ٢٥ مليار كان دين للدوله في البداية، وانتفخ هذا المبلغ ليصل الى مبلغ ٨٠ مليار دولار مع الفوائد الباهظه التي كانت البنوك تحتسبها على الدوله اللبنانية، حيث ان لبنان انتهج منذ اواخر التسعينيات في القرن الماضي سياسة حماية الليرة اللبنانية وسياسة الفوائد العاليه لجلب الأموال، ولكن هذه السياسة بالطبع قتلت كل الاعمال المُنتجه في لبنان حيث لم يعد يوجد أعمال تُضاهي بأرباحها السريعة الفوائد العالية جداً التي كانت مُعطاة من البنوك. وبهذا الشكل تمّ خنق كل انواع الأعمال المُنتجه في لبنان، وأصبح البلد يتعامل بإستيراد الأموال فقط ليس فقط من المُودعين، بل من المُغتربين والعرب والأجانب.

 

وأكمل تويني: اين تدخل السريةالمصرفيه في هذه المواضيع؟ ان السريه المصرفية دخلت يوم تمّ تحويل العشرين مليار الشهيرة بعد الأزمه وبعد المُظاهرات والحراك اي في تشرين اول ٢٠١٩. ان هذه المبالغ تمّ تحويلها ضمن السريه المصرفيه، التي شكّلت حمايه وغطاء لتحويل هذه المبالغ. اما اليوم ما هي ماهية هذه السرية المصرفيه؟؟ هي سرية مصرفية على فتات المائده لحسابات مصرفية انتم ونحن نملكها في بعض البنوك، وهي حسابات لا تتخطّى اليوم في قيمتها الفعليه بين 5000 دولار كحدّ ادنى الى 100.00 دولار كحدّ اقصى. وهذا هو مشهد السرية المصرفية اليوم. واعتقد اننا كلبنانيين وكقراءة موضوعية لهذا القانون يُمكننا القول أن هذه التعديلات أتت اليوم خارج الجغرافيا وخارج التاريخ في الشكل والمضمون. وهي لزوم ما لا يلزم وأعتقد انه فقط شعار قانون فلكلوري يتمّ تجميله ببعض المواد، ولكن لا أعتقد انه سيكون له أي فعالية في خطة التعافي الإقتصادي أو الإنماء الجديدة، او في الخطه المستقبلية لدعم الاقتصاد اللبناني ولتجميع وهيكلة البنوك المُتعثّرة او المؤسسات الماليه الفاقدة للمصداقيه في السوق اللبناني وإقترح بشدّة الغاء هذا

القانون جملة” وتفصيلا” وليس تعديله، فالقانون في طريقه الى التعديل في المجلس النيابي بينما لا أرى أي منفعّة منه بل هو عائق وحاجز لقضايا مكافحة الفساد ولا نفع منه اقتصادياً ومالياً.

 

*د طلال حمود-ملتقى حوار وعطاء بلا حدود وجمعية ودائعنا حقّنا*

شاهد أيضاً

*زيتونك فلسطين ابكاني*…

*زيتونك فلسطين ابكاني*…   لن تقطعوا اشجار زيتوننا ولا شتلة تبغنا التي ستبقى خنجراً مسنوناً …

الاشترك بخدمة الخبر العاجل