Dr Talal Hammoud: واقع الجراحات
واقع جراحة زراعة القلب الطبيعي في لبنان والعالم
نستكمل هذه السلسلة من المقالات حول واقع امراض القلب والشرايين في لبنان والعالم في العام 2022، ونحاول في هذا الجزء السادس عشر ان نستعرض بإيجاز واقع “جراحة زراعة القلب الطبيعي” في لبنان والعالم بعد ان شهدت هذه الجراحة في السنوات الأخيرة الماضية تطوّرات هائلة قد تُشكًل مدخلاً رائعاً للتخلّص والقضاء النهائي على ازمة نقص الإعضاء التي كانت ولا تزال تعاني منها زراعة القلب طيلة السنوات الماضية. ذلك اولاً عن طريق تطوير طُرق إستخراج القلب من جثث اشخاص توفّوا منذ دقائق نتيجة صدمة مُعينة ادّت الى توقّف القلب عندهم (Cardiac arrest)، وهو برنامج بدأ العمل به منذ سنوات في كل من استراليا اولاً في العام 2014 ثم في بريطانيا بعد سنتين من ذلك وفي الولايات المتحدة الأميركية منذ العام 2020 حيث بدأت دراسة ستشمل 50 مريضاً سوف يخضعون لعمليات زراعة قلب طبيعي في 15 مركز لزراعة القلب في الولايات المتحدة ثلثهم سوف يتمّ إستخراج القلب عندهم من اشخاص توفّوا بعد توقّف القلب عندهم. وهذا ما قد يفتح الطريق لزيادة كبيرة في عمليات “إستخراج القلوب”بنسبة حوالي 30% وفي زيادة اعداد القلوب الطبيعية” المتوفّرة للمرضى المُحتاجين لمثل هذه العمليات في الدول التي اقرّت ذلك. كذلك وسنتكلّم بشكل تفصيلي عن التطوّر الذي حصل مُؤخّراً بزراعة قلب الخنزير المُعدّل وراثياً او جينياً” عند البشر (Xenograft) وهو البرنامج الذي بدأ العمل به مع بداية العام 2022 ايضاً في الولايات المتحدة الأميركية بحيث تمّ بنجاح حتى تاريخ كتابة هذه المقالة زراعة ثلاثة قلوب من هذا النوع. وهذا ما قد يُشكّل لاحقاً ثورة هائلة في هذا المجال، بحيث ان بعض الخبراء طرح بجرئة كبيرة منذ فترة قريبة في إحدى إفتتاحيات المجلّات العلمية: “قلب خنزير للجميع … حقّاً؟!” او “هل سيتوفّر قريباً قلب خنزير لكل مريض مُحتاج لهكذا عمليات؟!؟
وقبل الدخول في كل تلك التطورات الجديدة نستعرض ما كانت عليه عمليات زراعة القلب في السنوات الماضية لكي نفهم التطوّر التاريخي لهكذا عمليات،ثم نشرح بشكلّ تفصيلي من هُم المرضى الذين يستفيدون من هذه العمليات، وكيف تتمّ عملية تقييم حالة المريض قبل الزراعة، وكيف تتمّ عملية الزراعة ذاتها. ثم نستعرض كيف تتمّ عملية متابعة المريض بعد الزراعة القلبية والأختلاطات الجانبية التي قد تُصيب المريض بعد الزراعة،
وهي قد تكون أختلاطات “قلبية” و”غير قلبية”.
1- مقدمة: تهدف هذه العمليات إلى إستبدال القلب الطبيعي المريض الذي وصل إلى مرحلة مُتقدّمة من القصور والكسل وأدى إلى الإصابة بأعراض مُتعدّدة وخطيرة تُهدّد حياة المريض بقلب آخر طبيعي مأخوذ من إنسان آخر غير مصاب بأمراض قلبية وهنا نتكلم عن عمليات (Allograft) أو بقلب مأخوذ من حيوان قلبة يشبه كثيراً قلب الأنسان (Xenograft) أو من قلوب صناعية صنعت من قلب إنسان (Man made artifial heart). وقد يقوم الجراحون خلال العملية إما بأستخراج القلب المريض كلياً من جسم المُصاب ووضع القلب الجديد مكانه. وهنا نتكلّم عن “عمليات موضعية طبيعية” يُطلق عليها (Orthotopic procedures). وفيها يتمّ زراعة القلب بعد أن يُبقي الجراح على قسم من قلب المريض (سقف الأذين الأيسر وقسم من الأذين الأيمن). وتتمّ الزراعة من خلال وصل القلب الجديد بهذه القطع وبالشرايين الكبيرة(الشريان الأبهر والشريان الرئوي والوريد الأجوف الأعلى والأسفل).
وفي حالات أخرى أقلّ شيوعاً قد يُبقى الجراحون على القلب المريض في مكانه ويلجؤون إلى زراعة القلب الجديد إلى جانبة لكي يساعدة في أداء وظائفة (Hetherotopic procedures). وهي حالات يكون فيها القلب الجديد إما ضعيف قليلاً أو يكون حجم جسم المريض كبير بحيث يكون هذا القلب بحاجة إلى مساندة القلب القديم. وإما يكون هناك إرتفاع كبير في الضغط الشرياني الرئوي. وقد نلجئ فيما بعد إلى إستئصال القلب الجديد في حال إستعاد القلب الآخر عافيته أو في حال تعرُّض القلب الجديد لحالة رفض قوية. ومع تطوّر العلاجات المُضادّة لجهاز المناعة (Immuno suppression therapy) التي يجب أن يتناولها المريض مدى العمر بعد خضوعه لهكذا عمليات لمنع رفض القلب الجديد(Reject)، والتي يلجئ إليها جسمه بسبب هذا العضو الغريب الجديد، تحسّنت كثيراً إمكانيات البقاء على قيد الحياة بعد مرور سنة من إجراء عملية الزراعة القلبية بحيث تصل هذه النسب حالياً إلى حوالي 90-95 %. وتصل إلى 70-75% بين 3 إلى 5 سنوات بعد عملية الزراعة وحوالي 50% فقط بعد مرور 10 سنوات. ويبلغ مُتوسّط الحياة المُتوقّعة للمرضى الذين خضعوا لهكذا عمليات حوالي 15 سنة. وهو مُعدّل مقبول مقارنة مع خطورة حالات هؤلاء المرضى الذين تعتبر لديهم هذه العمليات الملجأ الأخير لإنقاذ حياتهم ولتحسين طبيعة هذه الحياة ونوعيّتها بعد أن يكونوا قد وصلوا إلى مراحل مرضية مُتقدّمة بسبب قصور عضلة القلب عندهم.
2- لمحة تاريخية:
أجريت العملية الأولى لزراعة القلب على يد (Christian Barnard) وهو طبيب من جنوب أفريقيا أجرى العملية الأولى في العالم من هذا النوع بتاريخ الثالث من كانون الأوّل من العام 1967 في مدينة (Cap Town) في جنوب أفريقيا.
أما الأب الفعلي لعمليات زراعة القلب فهو الجراح الأمريكي (Norman Shumway) الذي أجرى العملية الأولى من هذا النوع في الولايات المتحدة الأمريكية في 6 كانون الثانيسنة 1968 في (Stanford Unirersity Hospital) والذي كان له الدور الكبير في تطوير التقنيات المُستعملة في هذه العمليات والتي أستعملها الجراح الجنوب أفريقي الذي ذكرناه. أما أول عملية زرع قلب عند الأطفال فقد قام بها (Adrian Kantrowitez)
في 6 كانون الأول سنة 1967 في في الولايات المتحدة الأمريكية.
نشير إلى أنه يتمّ سنوياً إجراء حوالي 5000 عملية زراعة قلب في العالم من ضمنها حوالي 3500 عملية سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية ويبلغ عدد المرضى الذين إستفادوا من زراعة القلب حتى تاريخ اليوم حوالي 100000 مريض، ويعتبر مستشفى (Cedars Sinaii Medical Center) في مدينة “لوس أنجلوس” الأمريكية أكبر مركز مُتخصّص في زراعة القلب في العالم بحيث أنه أجرى حوالي 119 عملية زراعة قلب عند الكبار فقط في سنة 2013. ونشير أيضاً إلى أنه يوجد (على الأقلّ لأن العدد في إزدياد دائم) حوالي 15 مليون أوروبي و 6 ملاين أمريكي مُصابين بحالات مُتقدّمة بقصور عضلة القلب، وإلى أنه يوجد فجوة كبيرة بين عدد الواهبين المُمكنين في العالم الذين لا يتجاوز عددهم الـ 5000 واهب سنوياً وبين عدد المرضى الذين يحتاجون لقلب جديد والذين يتجاوز عددهم حوالي 100.000 والذين يزداد عددهم بمعدّل حوالي 50000 مريض سنوياً. وهذا ما يُسلّط الضوء على الحاجة الماسّة لتطوير تقنيات القلب الإصطناعي والتقنيات المُساندة لعضلة القلب من أجل إستعمالها عند هكذا مرضى بسبب ندرة الواهبين.
وهنا لا بُدّ أن نشير إلى أنه عند وفاته في 15 آب 2009 كان (Tony Huesman) المريض الذي عاش أطول فترة زمنية في العالم بعد زراعة قلب، إذ أنه عاش حوالي 30 سنة و 11 شهرا و 15 يوم قبل أن يموت بسرطان، وكان قد أستفاد من عملية زراعة القلب وكان عمره 20 سنة وذلك في سنة 1978 بسبب إلتهابات رئوية فيروسية خطيرة تسببت عنده بقصور قلبي خطير وقد خضع للعملية في مستشفى (Stanford university hospital) على يد الجراح الأميركي الشهير ( Norman Shumway). ومن الأشخاص المعروفين أيضاً الذين خضعوا لعملية زراعة قلب نائب الرئيس الأمريكي السابق “ديك تشيني” الذي خضع لهذه العملية في 24 آذار 2012 وكان عمره يومها 71 سنة. وهذا ما طرح يومها أسئله كثيرة حول العمر الأقصى الذي نستطيع أن نقوم بهكذا عمليات عنده، إذ ان المُعدّل العمري العام المقبول لقبول إجراء هكذا عملية هو بحسب كل دولة بين 65 الى 70 سنة، إلا انه يُقال انّ “ديك تشيني” دفع اموال طائلة واستفاد من شبكة علاقاته ونفوذن الكبير لكي يستفيد من هكذا عملية وهذا ما يطرح اسئلة كثيرة حول دور السلطة والنفوذ والسياسة في الوصول الى كل شيء خاصةً في دولة مثل الولايات المتحدة الأميركية حيث لا يُمكن للفقراء ان يحصلوا على ذات العلاجات التي يحصل عليها الأغنياء والنافذين وحيث يتغنّى ساستهم دائماً بحقوق الإنسان وبقيم العدالة والمساواة وما الى ذاك. .
كذلك ونشير أيضاً إلى أن أطول فترة حياة مع قلب مزروع جديد في العالم تعود حاليا للبريطاني (John Mccafferty) وهو تخطّى الـ 33 سنة مع أستمراره على قيد الحياة بعد خضوعه لعملية زراعة قلب في 20 تشرين الأول 1982على يدّ الجراح البريطاني المشهور من اصل مصري البروفسور “مجدي يعقوب”، وقد كان عمره فقط 39 سنة عندما تمّ عنده إكتشاف مرض خطير في عضلة القلب تسبّب عنده بحصول قصور خطير في وظيفة القلب. وقد تمّ تسجيل هذا الرقم في موسوعة غينيس للأرقام القياسية في العام 2013.
3- المرضى الذين يستفيدون من هذه العمليات:
نلجأ لزراعة القلب عند المرضى المُصابين بقصور مُتقدّم خطير وغير قابل للرجوع أو التحسّن في عمل وظيفة القلب والذين يتمّ تصنيفهم انهم في المرحلة الرابعة لتصنيف جمعية نيويورك لطب القلب الخاص بأعراض قصور القلب: (Class IV of the New York Heart Association :NYHA Heart failure Classification) وهي مرحلة يكون المريض في حالة خطرة يُعاني فيها دائماً من اعراض حادّة في حالة الراحة، دون قيامه بأي مجهود رغم إستعمال كل الأدوية المُمكنة لقصور القلب ومن ضمهنا الأدوية التي تُعطى بواسطة الأوردة، او حتى مع الحاجة الى الأجهزة الميكانيكية لمساندة عضلة القلب. بحيث يكون المُعدّل الوسطي المتوقع للحياة من دون إجراء هكذا عملية قصير جداً. وهو لا يتجاوز %50 خلال سنة مع وجود اعراض مُصنّفة في هذه الدرجة الخطيرة. ويجب على المركز الذي يقوم بهكذا عمليات أن يُجري تقييم طبي ونفسي ووظيفي وإجتماعي كامل لحالة المريض بحيث لا يجب أن يكون هناك موانع طبية أو نفسية تمنع المريض المُستقبل لقلب جديد من إجراء “المُراقبة الطبية اللازمة بعد الجراحة”، أو من تناول الأدوية المُضادّة للمناعة التي يجب أن يتناولها المريض فيما بعد. وبعد مناقشة ملف المريض من قبل مجموعة من أطباء وجراحي القلب يتمّ وضع المريض على لائحة الإنتظار بحيث أنه من المُمكن إستدعائه في أي وقت من أجل الخضوع لهكذا عملية عندما يتوفر واهب للقلب.
أما الحالات المرضية التي تستوجب زراعة قلب فيمكن تلخيصها على الشكل التالي:
A- حالات الصدمة القلبية (Cardiogenic shock) التي تحتاج إلى “قلب إصطناعي كامل” أو لأساليب أخرى ميكانيكية لمساندة لعضلة القلب.
B- حالات قصور القلب المُقاومة بالرغم من إعطاء الأدوية المناسبة (Continuous inotropic infusion)
C- عدم تحسّن الأعراض بالرغم من العلاج المُناسب.
D- أمراض عضلة القلب المُتضخّمة أو المُتضيّقة (Hypertrophic or restrictive cardiomoyopathies)
E- حالات الخُناق الصدري المُقاومة لكل وسائل العلاج والتي ليس لها أي أساليب مُمكنة لتحسين تروية عضلة القلب.
F- الإضطرابات الخطيرة في كهرباء القلب والتي تُهدّد حياة المريض بالرغم من العلاجات الدوائية أو العلاجات بالأجهزة المناسبة.
G- أورام القلب الخبيثة التي لم تنتشر بعد أو التي يكون إحتمال إنتشارها في أماكن أخرى ضئيل جداً.
H- ضمور القلب الأيسر أو الأمراض القلبية الخلقية المُعقدة (Hypoplasic left heart and complex congenital heart disease)، وهي حالات نلجأ فيها لزراعة القلب عند الأطفال في عمر مُبكر للأسف الشديد.
وفي كل الأحوال يجب أن نُعطي فُرصة للمريض عن طريق إعطائه كل العلاجات الطبية المُمكنة بجرعاتها القصوى، وإن يكون قد أستنفذ كل العلاجات الأخرى مثل عمليات توسيع الشرايين بالبالون والروسور وجراحة الجسور الأبهرية-التاجية (CABG) التي تهدف الى تأمين وزيادة تغذية كل منطقة من مناطق عضلة القلب قد تُساعد للخروج من قصور القلب، أو جراحة الصمامات أو ترميمها.
وقد نستعين أيضاً بإجراء فحص نسبة إستخراج الأوكسجين الأعلى في الجسم في الدقيقة خلال فحص الجهد القلب
(Vo2: maximal oxygen extraction on effort by minute). وقد أظهرت الدراسات أن المرضى الذين يكون لديهم هذا المُؤشّر أقلّ من 10 ml/kg/minute هم المرضى الذين يستفيدون بشكلٍ كبير من هذه العمليات، بينما تكون الإستفادة متوسّطة عند المرضى الذين يكون لديهم هذا المؤشر بين 10 إلى 14 ml/kg/minute. ولايستفيد أبداً على المدى البعيد المرضى الذين يكون لديهم هذا المؤشر أكبر من 14 ml/kg/minute.
أما المرضى الذين لا يجب أبداً إجراء هكذا عمليات عندهم فهم:
A- المرضى الذين يُعانون من أمراض أخرى قد تُهدّد حياتهم بالرغم من زراعة القلب. ومن ضمن هؤلاء المرضى أولائك الذين يعانون من أمراض سرطانية مُختلفة (ما عدا السرطانات الجلدية)، والمرضى الذين يعانون من سرطان البروستات الذي لم يتمّ علاجه بواسطة الأدوية المناسبة. وكل المرضى الذين شفيوا كلياً من مرض سرطاني منذ أقل من 5 سنوات فقط. وكذلك المرضى المُصابين بمرض نقص المناعة ( AIDS). وكذلك المرضى الذين يُعانون من مرض “الذئاب” (Lupus) أو من مرض “الساركويد” (Sracoidosis) مع إصابات مُنتشرة في أعضاء مختلفة، وأخيراً المرضى الذين يُعانون من أي مرض آخر قد يُهدّد القلب المزروع الجديد.
B- المرضى الذين يعانون من إرتفاع الضغط الشرياني الرئوي لأنه يُؤثّر بشكلٍ كبير على وظيفة القلب الأيمن خاصة ويُؤدّي الى قصور القلب الأيمن واعراضه المختلفة.
C- المرضى البالغ عمرهم أكثر من 70 سنة ولكن هناك بعض الحالات الأستثنائية التي قد نلجئ فيها إلى هكذا جراحة عند مرضى يبلغ عمرهم أكثر من 70 سنة.
D- كل المرضى الذين يُعانون من أمراض جرثومة غير مُعالجة لأن هذه الأمراض قد تتطوّر بعد الزراعة.
نُشير في هذا المجال الى بعض الحالات التي تُشكّل موانع نسبية لإجراء هكذا عمليات من أهمها:
1- العمر الذي يبلغ أكثر من 65 سنة.
2- إصابات شرايين الأطراف “غير القابلة” للعلاج الجراحي و/او للعلاج التدخلي.
3- إصابات شرايين الرأس البالغة ما فوق %75 من دون أعراض أو الأصابات الأقل خطورة مع أعراض.
4- مرض السكري المُعقّد مع وجود إصابات في الأعضاء المُهمّة مثل الكلى أو العينين أو الأعصاب.
5- المشاكل الرئوية أو الكلوية أو الكبدية المُتقدّمة.
6- الأمراض التي تزيد من خطر تناول الأدوية المُضادّة للمناعة والتي تُعرّض المريض لزيادة خطر الإصابة بالإلتهابات الخطيرة مثل فيروس نقص المناعة المُكتسب (VIH) أو الفيروس
الإلتهاب الكبدي من الفئة B أو فيروس (Cytomegalovirus).
7- الأمراض العقلية أو النفسية او الحالة الإجتماعية الصعبة جداً التي قد تُعقّد المُراقبة والمُتابعة بعد العملية وتناول الأدوية اللازمة والفحوصات بعد الجراحة.
8- تعاطي المخدرات أو الكحول أو التدخين المُزمن الذي قد يزيد من المشاكل الرئوية المُزمنة.
10- التعرّض لحادث جلطة دماغية أو إنسداد حديث في شرايين الرأس.
11- أمراض الجهاز الهضمي “غير المراقبة” مثل قرحة المعدة أو الأثنى عشر وأمراض القولون ومشاكل البنكرياس المُزمنة وإلتهابات الكبد الفيروسية.
وبحسب معطيات سنة 2000 فإن أسباب زراعة القلب هي أمراض تصلب الشرايين ونقص تروية عضلة القلب في %46 من الحالات، أمراض عضلة القلب المُتوسّعة الأولية أو الثانوية ومن ضمنها أمراض العضلة المُتضخّمة أو المُتضيّقة في %45 من الحالات، مشاكل الصمامات في %4 من الحالات، إعادة الزراعة في %2 من الحالات وأمراض أخرى مُتعدّدة مثل إلتهابات عضلة القلب والضمور الليفي الدهني للبطين الأيمن ومشاكل العضلة الناتجة عن العلاج الكيميائي للسرطان ومشاكل القلب الخلقية في %1 من الحالات.
أما عند الأطفال البالغة أعمارهم أقل من عمر السنة فإن سبب الزراعة القلبية هو أمراض القلب الخَلقية في %78 من الحالات.
أما الأطفال الذين يبلغ عمرهم من سنة
إلى 17 سنة فأن سبب الزراعة القلبية هو أمراض عضلة القلب في %65 من الحالات.
4- كيفية تقييم حالة المريض قبل الزراعة:
إن تقييم حالة المريض قبل الزراعة القلبية تمرّ بعدة مراحل من أهمها:
A- الخطوة الأولى: وهي دراسة ملف المريض والتأكُّد من عدم وجود حلول علاجية أخرى مثل العمليات الجراحية للصمامات أو جسور أبهرية-تاجية، والتأكّد من أن المريض أستنفذ كل العلاجات الدوائية المُناسبة بما في ذلك زراعة بطارية القلب المساندة لوظيفة عضلة القلب وغيرها.
B- الخطوة الثانية: هي البحث عن أمراض أو مشاكل تجعل من عملية الزراعة عملية غير مُمكنة، إمّا قطعياً وإمّا بشكلٍ نسبي. وهذا ما يستوجب القيام بمجموعة كبيرة من الفحوصات من أهمها إجراء تمييل للقلب الأيمن والأيسر وقياس الضغط في كل غُرفة من غُرف القلب وفحوصات كاملة للجهاز الهضمي والمسالك البولية والجلد والأسنان والأنف والأذن والحنجرة، وفحوصات لمعرفة وظيفة الكبد والكلى والرئتين، وفحوصات أخرى لتقييم الحالة العصبية والنفسية وفحوصات أمصال بعض الفيروسات والفطريات لمعرفة ما إذا المريض المُتلقّي قد أُصيب او لا بهذه الجراثيم. وأخيرا يجب إجراء بعض الفحوصات التي تتعلّق بجهاز المناعة.
C- الخطوة الثالثة: هي تحديد المُستقبل المُمكن للمريض من أجل وضعه على لائحة الأنتظار. وهي تقوم على دراسة عُدة أمور من أهمها تصنيف أعراض المريض في “تصنيف جمعية نيويورك لأمراض القلب” الذي اشرنا إليه سابقاً NYHA) classification for heart failure)، حالة ضيق التنفّس والقيام بالنشاطات اليومية وما إذا كان هنالك حالة صدمة قلبية، دراسة تاريخ المرض وتطوّر الأعراض والعلاجات وتكرار حالات التدهور والدخول إلى المستشفى وقوة عضلة القلب التي يتمّ قياسها بواسطة التصوير الصوتي.
كذلك يجب قياس حجم توسّع الغُرف القلبية وقياس الضغط الشرياني الرئوي الأقصى وقياس إستهلاك الأوكسجين الأقصى في الدقيقة على الجهد. وأخيراً إذا ما كان هنالك إضطرابات خطيرة في ضربات القلب.
D- الخطوة الرابعة: التحضير للعملية الجراحية وهي خطوة مُهمّة جداً ويتمّ فيها إعلام المريض وعائلته أو محيطه عن التاريخ المُمكن للعملية وتحضيرهم نفسياً من أجل الخضوع لهذه العملية.
في الأجزاء القادمة من هذا الملف نستكمل الحديث عن كيفية إجراء عمليات زراعة القلب وكيفية متابعة المريض ما بعد الجراحة،ونستكشف تفاصيل آخر التطوّرات العلمية التي حصلت مُؤخّراً في هذا المجال خاصة لجهة زراعة القلب المستخرج من جثث اشخاص توفوا نتيجة “توقّف القلب الناتج عن اسباب غير قلبية” وزراعة “قلب الخنزير المُعدّل وراثياً” وهما طريقتان جديدتان ستشكّلان ثورة هائلة في مجال زراعة القلب نتيجة إمكانية ان تتيحان توفير اعداد كبيرة من القلوب لسدّ الفجوة الهائلة الموجودة حالياً في كل دول العالم تقريباً بين عدد المرضى المحتاجين لهكذا عمليات واعداد المتبرّعين الحاليين، خاصة لناحية تقنية زراعة قلب الخنزير المُعدّل عند البشر.
د طلال حمود- طبيب قلب وشرايين،
مُتخصّص في علاج امراض القلب بالطرق التدخّلية وفي علاج مرضى القلب المُصابين بمرض السكّري،
مُنسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود